عمال النظافة بعدن بين كماشتي إهمال المعنيين وضعف الوعي المجتمعي

> تقرير/ نوارة قمندان

>
ما أن تشرق شمس يوم جديد حتى يبدأ الحاج شوعي شيخ، سبعيني العمر، شد رحاله من منزله الكائن في مديرية الشيخ عثمان بعدن، متوجهاً إلى حيث عمله بمجال النظافة بمديرية صيرة، قاضياً طوال نهاره كادحًا متفانيًا في مهنته وليس هناك من يقدر له جهده.

شوعي
شوعي
يقول شيخ بينما يمسح حبات العرق من على تجاعيد وجهه نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، «أعمل في قطاع النظافة منذ 12 عاما وحتى الآن لم أتحصل على  وظيفة رسمية بعد، وإذا ما تغيبت بسبب مرض أو تأخرت عن الدوام يتم الخصم من مرتبي التعاقدي دون أي تردد أو تقدير، تصل في كثير من الأحيان إلى 15 ألف ريال من راتبي البالغ 50 ألف ريال والذي لا يكفي حتى لتوفير مصاريف الأسرة المكونة من اثني عشر فرداً، والذي منه أيضاً أجرة المواصلات التي تصل إلى 400 ريال يوميًا، وهو الأمر الذي يجبرني على التغيب في بعض الأحيان التي لا أجد فيها قيمة الإيجار».

وتمنى الحاج شوعي شيخ من الجهات المعنية الالتفات إلى معاناة العمال في هذا المجال والاهتمام بهم، وتوظيفه رسمياً ليضمن مصدر دخل مستمر لأولاده.

أعمل بالأجر اليومي
الحاجة نعايم علي (52 عاما) هي الأخرى تعمل بقطاع النظافة منذ 15 عاما ومازالت الجهات المعنية تتعامل معها بالأجر اليومي ولم توظفها رسميا.

نعايم
نعايم
وتضيف وهي تشير إلى قدميها أعاني من تورم بقدمي واحتكاك في المفاصل، وما زاد من المي ومعاناتي هو بذلي جهد مضاعف، نتيجة عدم تعاون سكان الحي معنا بإلقاء المخلفات في اماكنها المحددة، ومع هذا ليت المرتبات التي نتقاضاها تُلبي الاحتياجات الأساسية  لأسرتي المكونة من ستة أفراد في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار».

وتشير الحاجة نعايم إلى أنها عجزت على تمكين ابنتها من مواصلة دراستها الجامعية لعدم مقدرتها على توفير المصاريف الخاصة.
وأجبرت الظروف القاسية محمد علي الذي يعمل في مجال النظافة بالأجر اليومي منذ تسعة أعوام ومواظب على تأدية عمله وهو في وضع صحي سيئ جدًا، أصبح جراءه لا يقوى على التحكم بحركة جسمه بسبب تعرضه لجلطة دماغية بعد تحرير مدينة عدن من قوات الحوثي وصالح عام 2015م.

وأكد علي لـ«الأيام» أن أطفاله الأربعة والحياة المعيشية الصعبة وإيجار المنزل أمور أرغمته على العمل في ظل وضعه الصحي الصعب.

لم أتوظف منذ 26 عاما
كفاح غالب، ليست أحسن حالاً من سابقيها، إن لم تكن أسوأهم، حيث تعمل في هذا المجال بالأجر اليومي منذ 26 عاما بمرتب لا يكفي لتوفير أبسط متطلبات أبنائها الأربعة.
تقضي غالب يومها بتنظيف الأماكن المفتوحة وهي أكثر المواقع تجمعًا وتراكمًا للأوساخ والمخلفات بسبب الرياح وتأخر سيارات القمامة من انتشالها، كما تقول.
كفاح
كفاح

وتضيف: «وفي حالة تغيبت يومًا عن العمل يُخصم مبلغ ألفي ريال من راتبي دون أي تقدير لجهودي اليومية، الأمر الذي جعلني اجتهد بالحضور وعدم الغياب حتى وإن كنتُ مريضة وغير قادرة على العمل».

وأوضحت لـ«الأيام» موظفة أنها عادت للعمل بالأجر اليومي بعد أربع سنين من تقاعدها لتحسن وضعها المادي، الناتج عن ضعف مرتبها التقاعدي المقدر بـ 26 ألف ريال، والذي لا يوفر احتياجات أولادها العشرة، وتتقاضى هذه الموظفة، التي طلبت عدم ذكر اسمها، في الوقت الحالي  42 ألف، «لكنه مبلغ أضحى لا يساوي شيئا في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار»، كما تقول.

الخصم على المتقاعسين
وأكد نائب رئيس قسم النظافة بصيرة لاطف ناجي أن «الخصم لا يتم إلا على العامل المتقاعس أو غير الملتزم بأداء مهامه، وفي المقابل يتم الاهتمام بهم صحيًا عبر التعاقد مع مستشفى الدرة، وتقديم المساعدة في البناء وأشياء أخرى».

وكانت «الأيام» حاولت التواصل مع مدير عام صندوق النظافة بالعاصمة عدن راشد قائد للاستيضاح حول بعض الأمور المتعلقة بالنظافة وعمالها، غير أنه تذرع بالانشغال، طالباً الرجوع لحوار سابق نُشر له في صحيفة محلية خلال الفترة الماضية.

وتعود أسباب ضعف أداء صندوق النظافة إلى نقص وتهالك الآليات والمعدات الخاصة، وتدني الوعي المجتمعي بعدم التعاون مع الجهات المعنية بوضع المخلفات في أماكنها الصحيحة، وقلة الاهتمام ماديا بالكادر العامل، وهذه الأمور وغيرها انعكست سلبًا على المدينة وأهلها على حدٍ سواء.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى