هل غادرت الرواية العربية ربيعها وباتت مهددة بالخريف

> أحمد رجب

>
منذ عقود والرواية العربية تشهد ازدهارا كبيرا، فقالوا إنها أصبحت ديوان العرب، وكثرت الجوائز المرصودة لها فكثر كتابها وناشروها، لكن الناقد العراقي المقيم في أميركا، د. محسن جاسم الموسوي يرى في ذلك الرواج ظاهرة وقتية، ستنتهي مؤذنة باندثار الرواية العربية، التي ستلقى، من وجهة نظره، نفس المصير الذي لاقته الرواية الفرنسية الجديدة، وفي دراسة له يقول «تعاني الرواية وتقترب من الموت عندما تخاف التجديد وتخشى المغامرة وتركن إلى الجاهز من التقنيات والثيمات”.

الناقد المصري د.عزوز علي إسماعيل، يرى عكس ذلك فهو يعتقد  أن الرواية العربية لا تكرر ثيماتها، لكنها تعبر عن أزمات إنسان عربي متكرر الهزائم والخيبات، لذا يغلب على شخصياتها التيه والانكسار، ذلك نتيجة لعدم نجاح ثورة الياسمين في تونس وثورة يناير في مصر، فمثلا رواية “الطلياني” لشكري المبخوت رغم جرأتها وتميزها لم تشكل تيارا روائيا، وما عبر عنه عمار علي حسن في “سقوط الصمت” ما هو إلا جزء يسير من تضحيات عظيمة حدثت في الثورة التي راح فيها زينة شباب مصر الذين طالبوا بالحرية المفتقدة والعدل الضائع، من هنا فإن الرواية العربية أصبحت أكثر قربا من الحياة ومعبرة عنها بكل أطيافها، لذا سيطول ربيعها، لكن على النقد أن يواكبها وأن يفرز غثها من ثمينها.

الأكاديمي المصري يسري عبدالله يرى بقاء الرواية العربية مرهونا ببحثها عن خصوصية حضارية، ويقول «تعد الرواية جنسا أدبيا مرنا قادرا على استيعاب الذاتي والموضوعي، وتنفتح على الفنون الأدبية الأخرى فتستعير من الشعر مثلا لغته الرهيفة أحيانا، وقد تلجأ إلى استعادة تقنيات سينمائية مثل آليتي الاسترجاع والاستباق، وهي في ذلك كله يجب أن تكون مغامرة جمالية وموضوعاتية قادرة على النفاذ إلى سيكولوجية المتلقي. والرواية العربية في لحظتها الراهنة تقدم اقتراحات سردية مغايرة فتنزع أحيانا إلى أنسنة التفاصيل الصغيرة، أو مقاربة السياسي على نحو جمالي مختلف يتخلص من الحمولات الأيديولوجية الزاعقة، فيقدم بناء فنتازيا موازيا للواقع على نحو ما نرى مثلا في «قطط العام الفائت» لإبراهيم عبدالمجيد، كما تصنع أحيانا جدلا ما بين التاريخي والجمالي دون أن تغرق في فخ التسجيل الوثائقي مثلما نرى في «عتبات الجنة» لفتحي إمبابي، وقد تنزع صوب فضاءات نفسية تستلهم المناخات الاجتماعية المتناقضة والمرتبكة كما في رواية «بوركيني» لمايا الحاج، أو قد تسائل جماليا تيمات مثل العنف والتطرف كما في رواية «خريف العصافير» للمغربي خالد أقلعي”.

ويقول يسري عبدالله “إن المعالجات الفنية والطرائق السردية المختلفة صارت علامة على رواية عربية تبحث عن خصوصيتها الجمالية مستفيدة من إرث راسخ شكلته أجيال الكتابة المختلفة، ودعمه وعي بالمنجز الغربي في السرد الذي صار لعبة جمالية تعيد صياغة العالم ليس عبر المقولات الكبرى، ولكن عبر عناصر ذاتية وهامشية تكشف عن نزوع مستمر في قراءة الواقع وما وراءه وتلمس ذلك العصب العاري داخله”.

الروائي السوداني عماد البليك يرى الأزمة في عدم وجود تعريف محدد لماهية الرواية العربية، ويتساءل “هل يكفي أن تكتب «رواية» على الغلاف ليكون النص كذلك، لقد قرأت لكتّاب عرب قولهم إن الناشر هو من أضاف كلمة رواية، في حين قدموا هم فقط نصوصا غير مصنفة في الأساس. وعندما أصدر رؤوف مسعد عمله «زهرة الصمت» أثار جدلا حول هويته، هل هو رواية أم تجريب مفتوح، وهذا يفتح الباب أمام قضية التجريب والتجديد، وقبل ذلك الأصول والقيم والجذور لهذا الفن، أين تبدأ وتنتهي ليبدأ التجريب وينطلق، وإذا كان ميلان كونديرا يقول في كتابه «خيانة الوصايا» إن الخيانة ممكنة إلا أن ذلك يأتي بعد أن يكون الكاتب قد أمسك بالأسس فعليا”.

ويضيف «إن المعيب في الرواية العربية اليوم أن هناك من لا يدرك حتى الأسس.. نعم لدينا تراث بدأ مع كتاب رواد كنجيب محفوظ والطيب صالح إلى أجيال كعبدالرحمن منيف وإبراهيم الكوني، حيث يكون الدأب والاشتغال، ولا يكون التجريب مجرد فكرة يلقي بها الكاتب بل هو حقيقة متأتية عن التجربة والاشتغال الحقيقي الذي يعني الاختمار السليم للأفكار عبر الزمن وعبر المعرفة المنفتحة باتجاه الكونية في الإدراك لا مجرد المشي على حواف ما يمكن أن يحمله واقعنا الثقافي الذي يعيش في القصص معادة التدوير والاستهلاك”.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى