جياع في زمن الشرعية.. أم أيمن: لا حيلة لنا ونفوض أمرنا لله

> تقرير/ وئام نجيب

>
تتواجد أعداد كبيرة من البيوت الخشبية البسيطة أو ما تسمى بـ(الصنادق)، موزعة في الكثير من مدن العاصمة عدن، أبرزها في منطقة كود الحشيش بمديرية صيرة (كريتر).

تجذب كثرة هذه المساكن البسيطة أنظار كل من يمر بجوارها منذ الوهلة الأولى، بيوت من صنادق خشبية غير مكتملة الأسقف، يسكنها أُناس ترى البؤس والحاجة والمعاناة في ملامحهم، براميل القمامة مصدر لُقياماتهم في كثير من الأحيان في صراع من أجل البقاء وحسب.

جياع في زمن الشرعية، ليس مجرد عنوان فقط أطلقته «الأيام» لنافذة شبه يومية على صفحاتها بل هي حقيقة بات يعيشها الكثيرون في ظل شرعية لم تقدم للشعب إلا مزيداً من البؤس والشقاء.

آلام وقساوة عيش ووضع مادي صعب تكابده العديد من الأسر والعوائل بصبر جميل، أحرمهم الكثير من المأكل وملذات الحياة وأجبرهم على التخلي عن أشياء أساسية، ولا أحد يعلم عنهم لتعففهم.

قضوا العيد وهم يتضورون وأطفالهم جوعًا، مضى العيد عنهم كأي يوم اعتادوا عليه.

بالأمس وعند مروري بهذه المنطقة شد انتباهي امرأة قاعدة بجانب منزلها الخشبي أجبرتني تعابير وجهها بأن اقترب إليها، لعلي أجد تفسيرا لِما وراء تعابير البؤس والشقاء وشرودها.
إحدى غرف المنزل
إحدى غرف المنزل

توجهت إليها ثم دخلت بمعيتها إلى منزلها والذي هو عبارة عن سقف خشبي تتخلله أشعة الشمس من كل مكان، ويفصل الغرفة عن المطبخ والحمام خشب رديء وستائر.

في الجانب الآخر منه توجد فتاة في مقتبل عمر الزهور تعمل في ترتيبه، وعلى الرغم من تهالكه وبساطته إلا أن النظافة تسوده.
وتقطن في هذا المنزل أم أيمن (45 عاما) وأسرتها المكونة من زوجها وثلاثة من أبنائها ولدين وبنت وزوجة أحد ابنيها.

نعاني كثيرا
 
غرفة المعيشة
غرفة المعيشة
تقول أم أيمن: «زوجي يعمل بالأجر اليومي بملغ 2000ريال ولأن المبلغ لا يكفي الأسرة اضطررت للعمل ببيع الأشياء البسيطة كالعلكة والزعقة(حنظل) وغيرها من متطلبات الأطفال، وما أتحصل عليه بالكاد يصل إلى 500 ريال، وولدي يقدم لنا المساعدة متى ما تحصل على مرتبه العسكري فهو أحد أفراد المقامة الجنوبية، ولكن مرتبه لا يأتي باستمرار، فضلاً عن الاستقطاعات التي يتعرض لها».

وأشارت في سياق حديثها لـ«الأيام» إلى أن هناك بعض الجمعيات قدمت لها مساعدة مالية مقدرة بـ 25 ألف ريال منذ فترة، وقد تم إنفاقها في إصلاح جزء من خشب سقف المنزل، أما فيما يخص راشان المنزل (المواد الغذائية) فلا تقدم لها إلا خلال شهر رمضان المبارك فقط.

 وتكابد أم أيمن لتتجاوز ولو جزءا بسيطا من غلاء الأسعار الجنوني والذي طال كل متطلبات الحياة وجعلها عاجزة عن توفير الكثير منها لها ولأفراد أسرتها.
المطبخ
المطبخ

وتضيف: «ونتيجة للظروف المعيشية الصعبة أحرص مع جيراني على مساعدة بعضنا بعضا، حيث يعمل كل منا بمد الآخر بما تيسر له من المواد الغذائية».

مرض وقلة حيلة
وعن مقارنتها لوضعها المعيشي لفترة ما قبل الحرب وبعده قالت: «الوضع السابق أفضل، فزوجي كان حينها يعمل بالأجر اليومي وبوتيرة عالية، غير أن إصابته بشظايا أثناء الحرب جعلته غير قادر على تحمل الأشياء الثقيلة وهو ما جعل حياتنا تسوء يوماً بعد يوم، وما زاد من معاناته هو أن الجهات المعنية لم تستكمل علاجه، مع عدم صرف راتبه المخصص لجرحى الحرب كغيره سوى 3 أشهر فقط، وفي الفترة الأخيرة طالبت لجنة الصرف بتسليم ملفات أخرى ولكن ما زلنا منتظرين.. وعلى الرغم من إصابته إلا أنه ما يزال يعمل بالأجر اليومي، ويعاني من الألم كل ليلة، نتيجة الإصابة ولا يستطع شراء أي مهدئات تخفف من آلامه.. إننا نشتكي قلة حيلتنا وضعفنا للواحد الأحد».

ثلاجة عاطلة
ثلاجة عاطلة
وتضيف، وهي تشير إلى سقف المنزل «كما ترين المنزل بسقف خشبي وعند هطول الأمطار تتساقط على رؤوسنا، أما المياه فلا تأتي إلينا إلا كل يومين، وكثيرا ما نتحصل عليه من خزان سبيل بالقرب منا، ونتيجة الوضع المادي الصعب أيضاً نلجأ في كثير من الأحيان للدين، كما حرمت بسببه ابنتي من مواصلة دراستها».

وتعيش أم أيمن وضعا صحيا سيئا جداً تتطلب جراءه العلاج في الخارج، كما تشكو هي وأحد أبنائها من مشاكل في العمود الفقري.

وعن مرضها تقول: «بعد ولادتي لابنتي بلحظات بدأت أشعر بآلام في جهة من جسمي ومن ثم ساءت حالتي أكثر بعد أن امتد مرضي من العمود الفقري إلى منطقة الحوض، وقد كنت حينها أقوى على المشي ولكن بطريقة غير منتظمة، وفي ذات يوم سقطت في المنزل مما جعل حالتي تزداد سوءا، ونتيجة لتناولي العلاج بدأت بالتشافي ولكن بسبب تكاليف العلاج الباهظة توقفت عن العلاج كما أن الطبيب أفاد بضرورة علاجي في الخارج ولكن لا سبيل لذلك، فصبرت ورضيت بقضاء الله وقدره وتعايشت مع إصابتي، وحالياً أقوم ببعض أعمال المنزل بمعية ابنتي وأنا جالسة بالأرض، كوني لا أقوى على المشي».

حمام البيت
حمام البيت
وتضيف: «إحدى الجمعيات الخيرية تمدنا ببعض تكاليف العلاج ولكنني أنفقها في علاج ولدي الأكبر الذي يُعاني هو كذلك من مشاكل في العمود الفقري منذ 6 سنوات، جعلته غير قادر على المشي بطريقة صحيحة.. فمن أجل فلذة كبدي أتحمل الألم الذي يقلق منامي كل ليلة ولا يوجد شيء بيدي إلا التضرع إلى الله عز وجل ودعاؤه».

حينها قال ابنها الأكبر (أيمن): «تكاليف علاجي مرتفعة جداً، فقيمة الشريط الواحد للدواء الخاص بي خمسة آلاف ريال، كما أن الطبيب المعالج لي لم يعطني أي وصفات طبية لأتمكن من عرضها على أهالي الخير، حيث يكتفي بذكر اسم الدواء لي فقط.. ولم تتوفر لدينا أي أشعة أو تقارير طبية فجميعها لدى الطبيب المعالج».

وحمّلت أم أيمن الحكومة كل ما يقاسيه الشعب في الوقت الحاضر من غلاء في الأسعار  وانعدام في الخدمات وتردِّ في الأوضاع بشتى المجالات.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى