جياع في زمن الشرعية.. أم نسيم: حياتنا جحيم وليس هناك من يشعر بنا

> تقرير/ نوارة قمندان

>
 كثيرة هي الأسر التي تُعاني الفقر المدقع وآلام المرض ولا أحد يعلم بحالها، سلاحها الصبر والتعفف، وإن كانت الحاجة الماسة تجبرهم للاستدانة والاستعانة بأقربائهم وجيرانهم.

في منطقة كاسترو، مديرية المعلا، تسكن واحدة من هذه الأسر مكونة من عشرة أفراد في منزل ظاهره مبنى مكتمل غير أن الداخل إليه يفاجأ من أول وهلة بواقع مخالف تماماً، فجزء من سقفه عبارة عن اخشاب تتخللها أشعة الشمس الحارقة، والجزء الآخر سقفه السماء، تسكنه أسرة لا يعلم بحالهم إلا الله علام الغيوب.

هذا هو حال أم نسيم وأطفالها في هذه المدينة الحاضنة لميناء العاصمة عدن الهام.
ليس لهذه الأم ما تدّخره في بيتها من مواد غذائية لفترة ولو لعدة أيام فكل شيء توفره بشكل يومي، وفي اليوم الذي لا تذهب فيه إلى العمل لا تجد ما تأكله هي وأبناؤها العشرة، ويبيتون على إثره بأمعاء خاوية يتضورون جوعاً وليس هناك من يحس بهم أو يعلم بمعاناتهم.

فقر وإعاقات
مطبخ المنزل
مطبخ المنزل
تقول أم نسيم وهي تسرد حكايتها المريرة مع الفقر المدقع لـ«الأيام»: «أعمل على كنس بعض العمائر في الشارع الرئيس بالمديرية بمقابل مبلغ 500 ريال شهرياً عن كل منزل.. ولحاجتي الماسة لها أضطر لأخذها مقدماً لتغطية متطلبات وحاجيات أطفالي وزوجي الكفيف».

وبسبب إعاقة زوجي عليّ تحمل أعباء المنزل بمفردي، كما تسبب طلبي بالحصول على هذه المبالغ من الأهالي مقدماً يعرضني للكثير من المضايقات من قبل بعض أرباب البيوت والذين يرفضون اعطائي إياها على الرغم من أنها مبلغ قليل، ويتعذرون في ذلك بأنني لا أُنظف بالشكل المطلوب، بل إن بعضهم لا يعطيني سوى 300 ريال، وقلة منهم من رفع المبلغ إلى ألف ريال».

صالة المنزل
صالة المنزل
وتضيف: «أنتهي من عملي مع أذان العصر في كل يوم، وقبل أن أعود إلى منزلي اقوم بشراء حاجيات أطفالي اليومية، وما أن أصل المنزل حتى ارتمي على الفراش من شدة التعب والإرهاق  لأتمكن من الاستيقاظ باكراً لبدء عمل يوم جديد، وما زاد من معاناتي هو مجيء أحد اقارب زوجي للسكن معنا، ونتيجة لأنه مختل علقياً اضطررنا إلى تفريغ غرفة وعزله فيها لنتجمع كلنا في الغرفة الأخرى».

حلمنا ماء بارد
وأحد أطفال أم نسيم معاق ذهنياً وظل طريح الفراش لعشرة أعوام لا يقوى على الحركة حتى فارق الحياة في رمضان الماضي، عانت خلالها أمه، كما تقول، الكثير، خصوصاً أن طعامه الوحيد هو الحليب.

مدخل المنزل
مدخل المنزل
وتضيف: «أتت إلينا عدة منظمات في أوقات سابقة لتقييد أسمائنا ومنها تسجيل ابني المعاق قبل أن يتوفاه الله ولكن دون أي فائدة، وحلمي وأطفالي في الوقت الحاضر شربة ماء باردة في هذا الصيف شديد الحرارة، لعدم وجود ثلاجة لدينا، من شأنها أن توفر لنا شربة باردة، وإذا ما اشترينا الثلج يذوب علينا ونحن ما زلنا في الطريق من حرارة الشمس ولبعد منزلنا عن السوق».

وتشير أم نسيم إلى أنها قضت وأطفالها عيد الأضحى المبارك هذا العام كأي يوم عادي، حيث لم تصلهم أي أضحية ولم ينظر لحالهم أحد، كما تقول، واكتفى أطفالها بلبس كسوة عيد الفطر الماضي لعدم مقدرتها على شراء الجديد لارتفاع أسعارها وقلة اليد، كما حرمت الظروف المعيشية أطفالها من التعليم، فيما تقطع إحدى بناتها، وهي في المرحلة الإعدادية، مسافة ساعة مشياً على الأقدام، لبعد المدرسة عن منزلها.

هذه الأسرة نموذج وعينة واحدة من هذه المدينة التي بات أهلها يتضورون جوعًا، نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية غير المسبوقة التي أضحى أمامها السكان عاجزين عن توفير ولو جزءا بسيطا من أساسيات الحياة الضرورية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى