يحيى لـ«الأيام»: عندما سيطر عمالقة الجنوب على «منظر» كنا نقعد معهم ونتقاسم لقمة العيش

> تقرير/ نجيب المحبوبي

>
يحيى حسن رجل تهامي من أبناء قرية «منظر»، التي تبعد عن قلب مدينة الحديدة بـ3 كيلومترات فقط، يعمل في تثليج الأسماك في سوق السمك بمدينة الحديدة، وهي الوظيفة التي يعمل بها منذ صغره، وبسبب قذائف الهاون التي يطلقها الحوثيون على قريتهم، وأصبحت تهدد حياة سكان القرية، نزح إلى مدينة «الخوخة» قادما من قرية «المنظر»، التي يقول عنها يحيى «هي القرية التي ترعرعنا فيها منذ الصغر، ولكن قذائف الموت أجبرتنا على مغادرتها».

لقاؤنا مع يحيى كان في قرية «منظر»، بعد ان قام باخراج العديد من المستلزمات من منزله المتواضع في «منظر»، وكان حينها يبحث عن وسيلة نقل تنقله الى مدينة «الخوخة»، المدينة التي نزح اليها يحيى مع أفراد أسرته الأربعة، والمكونة من زوجته وبناته الثلاث الصغار.

صعد يحيى على متن السيارة التي كنا على متنها، بعد أن مكث طويلا ينتظر وسيلة تنقله مع مقتنياته البسيطة المكونة من «فرشان، ومستلزمات المطبخ الأساسية.
بدأنا بالتعرف عليه، وعلى طبيعة عمله، فقال يحيى «أنا من أبناء «منظر»، وأعمل في تثليج الأسماك في سوق السمك بمدينة الحديدة، وهذه وظيفة أعمل فيها منذ الصغر، لكني مؤخرا نزحت الى مدينة «الخوخة» بعد ان اصبحت قذائف الهاون الحوثية تهدد حياتنا في مدينتنا التي ترعرعنا فيها منذ الصغر».

ويواصل حديثه، ويقول: «منظر أصبحت اشبه بمدينة الاشباح، فقد نزح منها اغلب سكانها بسبب القصف المتواصل على المنازل والذي راح ضحيته العشرات من أبناء قريتنا بين شهيد وجريح».

ويحكي التهامي يحيى قصة نزوحه، ويقول: «بعدما احكمت ألوية العمالقة الجنوبية سيطرتهم على «منظر» استبشرنا بكل خير، وكنا نقعد مع أفراد العمالقة ونتقاسم لقمة العيش معهم، ولكن الحوثيون لا يريدون لنا الخير ويريدوننا أن نعيش بظلام مثلما كنا في عهدهم، فمنذ تحرير «منظر» والقصف ليل نهار علينا، حينها شعرت بالخطر على أسرتي الصغيرة وقررت ترك منزلي المتواضع الذي غادرته والدموع تقطر من عينيّ».

وأضاف لـ«الأيام»: «قامت أطقم العمالقة الجنوبية بنقلنا إلى المناطق الآمانة وتركت منزلي، لكن والدي ووالدتي رفضا النزوح، حيث قال لي والدي «هل بعد هذه السنين أترك منزلي؟! أنا لا أستطيع أن أتركه وسأبقى هنا».
وتابع يحيى: «منذ نزوحي وأنا أقوم بزيارتهما بشكل دائم».

ويواصل التهامي يحيى سرد قصة نزوحه بالقول: «وصلنا إلى الخوخة، وتم استقبالنا في مخيمات منطقة «الجشة»، ووُفرت لنا خيمة تأوينا، وتغيرت حياتنا، فبعد أن كنت في منزلي أصبحت الآن بخيمة!».

وعن كيفية العيش في المخيمات، قال يحيى: «لا يوجد أفضل من أن تعيش في منزلك، لكن الظروف أجبرتنا على النزوح، والآن نحن في خيمتنا ننام ونأكل ونشرب بالرغم من أنهُ لا يوجد في الخيمة كهرباء أو ماء أو تلفزيون، لكننا نحمد الله على ما كتبه لنا، بالرغم من أن النوم لا نعرفه إلا بالمساء فبعد بزوغ الشمس لا نستطيع النوم بسبب الحرارة الشديدة».

وحول عمله، ومصدر رزقه، أشار إلى انهُ يعمل الآن في تثليج الأسماك في مدينة «الخوخة»، ويقول: «صحيح أن مصدر الدخل ليس مثل السابق، خصوصا وأن الغلاء أصبح يبطش بالمواطن، ففي صباح كل يوم أقوم لأعمل بالتثليج حتى الظهر ومصدر دخلي في اليوم من الألفين ريال إلى الأربعة آلاف، وأحاول منها أن أوفر المواد الأساسية لأسرتي، صحيح أنها في بعض الأوقات لا تكفي لكن الحمد لله على كل حال».

وعن مدى الفرق بين الماضي والحاضر، أكد الرجل التهامي، يحيى، أن: «ما نفقده الآن هو الأمان، ففي السابق كنت أعمل في سوق الحديدة للأسماك حتى وقت متاخر من الليل، وكنت لا أجد وسيلة تنقلني إلى منزلي، وكنت أسير على الأقدام حتى أصل إلى منزلي بدون خوف أو قلق، لكن الآن أصبحنا نفقد الأمان ولا أستطيع السير بطمأنينة حتى في النهار، فالكل أصبح يحمل السلاح خصوصا في الخوخة التي أصبح الرصاص الراجع يهدد حياة المواطنين خصوصا النازحين الذين يسكنون في الخيام، فقبل أيام أصيب أحد النازحين بالرصاص الراجع».

وعند وصولنا إلى المخيم، الذي يقطن فيها يحيى وجدنا عشرات الخيام المنصوبة، والعشرات يتجمعون لاستلام الإغاثة، ذهبنا إلى خيمة صديقنا يحيى الذي كان يقدم لنا كل الشكر والتقدير، وبمجرد أن شاهده أطفاله هرعوا إليه مسرعين ويصرخون «أبي.. أبي.. أبي»، وبمجرد أن شاهدوا فرشانهم كانوا يصرخون «حقنا.. حقنا.. حقنا»، وقاموا باحتضان الفرش، التي أحضرها والدهم إليهم، وهي الفرش نفسها التي كانوا ينامون فيها في منزلهم في قرية «المنظر».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى