كل مرة هناك مدى.. لكن لا تقفز

> نشوان العثماني

> يتطور فهم الإنسان بالقراءة والتأمل.
القراءة التي تصلك بمشارب مختلفة ومن ثقافات شتى جامعة.

وتحجبك القراءة عن الفهم إذا كانت من الدائرة ذاتها لا تخرج عنها، وقد تمكنتْ من هندستك جيدًا بحيث تحس بالتجمد إذا ما خرجت عنها، فلكي تستعر لا بد أن تدور حول الخشبة ذاتها التي رُبطت إليها، والتي أصبحت لك قلعة الأمان، لا أمان إلا هنا. روح التطلع فيك تموت بفعل هذا الرسن الذي كان في الأصل خارج إرادتك.

منظومة الثقافة في مجتمعك لا تسمح لك بأن تتطلع إلى السماء من تحت قبة السماء مباشرة، حيث يمكنك أن تكتشف أنه لا قبة هناك من أساسها، وهي فقط تسمح لك - إن فعلت - بالنظر من مكان ما من النافذة.

لكن هذه النافذة هي بصيص الحياة لك، لو امتلكت الحافز لكسرتها وانطلقت، لكنك ميت في الداخل، لأن كل شيء أماتك منذ وقت مبكر دون أن تدري.

السمكة لن تحدث الضفدع إلا عن عالم الماء، أما عن البر فهذا بالنسبة لها غير موجود أو هو غير حقيقي، وإذا ما أراد الضفدع إخراج صديقته السمكة إلى البر لقضى عليها. وأنت يا صاحبي لست سمكة ولست ضفدعًا، لكن في الحدود الممكنة كن برمائيًا على الأقل. (احذر دخول البحر دون معرفة السباحة. لا تصدّق بهذه السهولة طبعًا).

سبق ذكر القراءة والتأمل.
يأتي التأمل هنا مكملًا لقصور المعرفة، ومحدودية ما توفره القراءة. كل هذا يصب في إنماء الفهم، والمضي إلى ما يسمو.

لن يعني التأمل أكثر من كونه حياة، فقد تحصل على قطع متناثرة من اللوحة، يتحتم عليك أن تلصقها ببعضها لكي تحصل على الصورة.

التأمل ليس تفكيرًا، وهو ليس جبرًا، هو تعويد، هو التقاطة اللحظة الهائمة وأنت في الحمام مثلًا، أو وأنت في الطريق إلى مقهى سكران، أو وأنت تشاهد طيرًا يغني بنشاط على شجرة النيم ذات صباح، ويأتي آخر بجانبه لبناء العش.
افعلها غدًا كتجربة وأنت ذاهب إلى المعلا لمشاهدة 10 أيام # قبل الزفة.

كل تمظهرات الحياة من حواليك، ليست كتابًا مفتوحًا لمن يكتفي بالقراءة، لكنه أكثر من ذلك لمن يتأمل.
والثقافات المختلفة مهمة، هذا صحيح. (كيف يصح ولماذا؟) حتى لا تبقى محصورًا في الزوة،

مهمة لكي ترى من عديد زوايا فلا أحد يستطيع أن يغالطك بزاوية منها.
مهمة أكثر من كل ذلك لتنقذ روحك.

لكن كل ذلك سيصل بك فقط إلى مستوى الدرجة التاسعة عشرة من السلم، فلا تظن أنه لا توجد الدرجة العشرين. كل مرة هناك مدى، لكن لا تقفز.
لا تسل الآن: ما الذي لا أعرفه حتى أريد أن أعرفه؟
فقط امضِ قدمًا إذا أحببت، ودع الحياة تريك الطريق جيدًا.

الطريق ليست خطًا مستقيمًا.
كل الذي تراه أمامك هو مدى واحد، ستكتشف أن جبالًا شامخة تظهر لك وأنت تغذ خطاك، كانت من قبل غير ظاهرة ولم تكن موجودة في مداك سابقًا.

إذن، واصل اكتشافك.
المهم انتبه تتعرقف، يحتاج منك أن ترى حيث قدميك فقط.
هناك مكان في الداخل يرى حيث القدم والرأس في آن واحد.
كل ما أكتبه لك هنا ليس قصيدة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى