السلام «الحلم» المؤجل في اليمن

> نُهى البدوي

>
أصيب المواطن اليمني بخيبة أمل لتعثر المشاورات التي كان مقرر انعقادها في السادس من سبتمبر الجاري في جنيف بين طرفي الحرب في اليمن، الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، وجماعة أنصار الله «الحوثي» حول وضع إجراءات الثقة بينهما لاستئناف المفاوضات، حيث قال السيد مارتن جريفيثس في مؤتمر صحفي عقده مساء أمس الأول السبت في جنيف: «إن الحوثيين أرادوا الحضور ولكنهم لم يتمكنوا من الحضور بسبب عراقيل، وأنه سيتوجه إلى مسقط، وصنعاء لاستكمال المشاورات» هذا ما يكشف عن تأجيل المشاورات، ويضع الجميع أمام مهمة صعبة لسلام مؤجل في اليمن.

لقد نجح المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن السيد مارتن جريفيثس منذُ تعيينه في فبراير العام الجاري، في إيصال أطراف الحرب إلى قناعة بأن معالجة الوضع في اليمن لا يمكن أن يتم إلا بالحل السياسي، وإيجاد تسوية، وخطة سلام تشرف عليها الأمم المتحدة، تنخرط فيها كل الأطراف بما فيها الجنوبيون لحل معظم الملفات المعقدة التي تعرقل طريق السلام في اليمن. لكن هناك ثمة تساؤلات مشروعة عن فشل عقد المشاورات هذه المرة، وعن الأسباب الجوهرية التي تقف عائقاً أمام إنجاح جهود السلام في اليمن، في الوقت الذي نرى جهودا كبيرة تبذل من قبل المبعوث الأممي، بالإضافة إلى التصريحات المتواصلة من قبل طرفي الصراع، وترحيبهم بالسلام، وإعلان وقوفهم مع جهود السلام، فالسؤال الأكثر إثارة هو عن الأسباب

الحقيقية التي تقف وراء تعثر عقد مشاورات جنيف «3»؟ وهل ترتبط باليمنيين أم أنها ترتبط بملفات إقليمية تتصل بالوضع الراهن في اليمن، وبعد وقف الحرب، ومستقبلاً؟
رغم منطقية هذا التساؤل من حيث تشابك المصالح المحلية والإقليمية وتعارضها وتأثيرها على مسار وصناعة السلام في اليمن، إلا أن الأطراف المشاركة في الحرب كافة لا تزال تبرهن للمجتمع المحلي، والدولي في كل مرة لانعقاد أية مفاوضات حول السلام في اليمن، أنها تمارس ابتزاز بعضها البعض على حساب مصلحة الشعب اليمني، وبالمثل الأطراف الإقليمية تنتهج نفس السياسة لابتزاز الأطراف اليمنية، والضغط عليها للحفاظ على مصالحها، لدرجة المساومة بالملف اليمني بقضايا أقطار أخرى، وجعل الشعب اليمني المتضرر الأكبر والضحية للأزمات، واستمرار الحرب، وللسلام «الحلم» الذي في كل مرة عندما يرى نوره يبدأ يُشع سرعان ما يتحول إلى سراب، فكل الأطراف المحلية والإقليمية أصبحت تبتز الشعب اليمني شمالاً وجنوباً، لتحقيق مصالحها السياسية، والاقتصادية، والأمنية، فكلاً منهم يساوم باستمرار الحرب، ويمارس أبشع أنواع الابتزاز، وأشكال التجويع، ومظاهر الفوضى للمواطن، في الوقت الذي يرفع فيه الكل شعار السلام، ويتغنى به لكن يريد أن يفصله على مقاس مصالحه فقط، ويتناسب مع مصالح الممولين والداعمين له.

بعيداً عن هذه الأطراف التي تفاوض دون أن تتفاوض، فأن المجتمع أصبح يطالب بوقف الحرب، وتحقيق السلام الذي لا بديل له في اليمن إلا الفوضى والاقتتال والإرهاب، وأن يكف طرفا الصراع والحرب، ومموليهما عن سياسة ابتزاز بعضهما البعض وتركيع الشعب اليمني، وإشعال الفتن وإثارة الفوضى، وإذا كانا يرفعان شعار السلام بصدق فإن عليهما تقديم التنازلات تلو الأخرى والكف عن الأعذار غير المقبولة، في سبيل إنجاح جهود إحلال السلام في هذا البلد الفقير الذي تُدمره الحروب، وتطحن شعبه الأزمات الإنسانية والفقر.

يظل السلام الأمل والحلم الذي يتوق اليمنيون إلى تحقيقه لإنهاء الصراع، ووقف الحروب ونزيف الدماء، ولولادة مرحلة جديدة، للتعايش بين اليمنيين، ويظل تأجيل «حلم» السلام هو استمرار للحرب والإرهاب والفوضى والدمار والجوع والأزمات والاقتتال بين اليمنيين.     ​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى