تكسير أعواد فيصل علوي وتمزيق أوتارها

> فتحي القيراط

>
مؤلم جدا أن نرى أعواد ملك العزف على العود، مكسرة وأوتارها ممزقة، إنه الفنان الكبير الراحل فيصل علوي، بكل ما أبدعته من سحر وتسلطن وابداع وتصوير وتري نابض من القلب عبر به ابو باسل من خلال تقاسيم، كأنه يحكي لنا ما يعانيه وما نعانيه نحن بكل عفوية وصدق، يقسم وقتا طويلا، ويستمر دون انقطاع عن احتراف واحتراق واشتياق، لأنه يعتبر العود ابنه، وبكل حنية يأخدنا معه إلى عالم آخر، فننسى انفسنا معه، لكن هناك اناسا حاقدون على تاريخ لحج وفيصل، فقاموا بتكسير بعض اعواده وتمزيق اوتارها، اثناء الحرب ضد الحوثي، لأنهم ضنوا أن تكسير الاعواد سوف ينهي تاريخه، وكان معه طيلة مشواره أكثر من عشرين عودا، وانا شاهدت ذلك من خلال احتكاكي به، وحتى بعد وفاته.

وكان هناك مشروع إقامة متحف خاص بأسطورة الغناء اللحجي في غرفتين من منزله، ولكن لم يلق المشروع أي اهتمام من السلطة المحلية ولا وزارة الثقافة، بالرغم أن الأعواد الخاصة به لا تقدر بثمن، وكان هناك من يسعى لشراء الاعواد لكي يعمل له معرضا خاصا ليس في لحج، بل خارج البلد، بمبلغ ضئيل لا يمكن تصوره، ورفض ولده باسل فيصل وقال: "يجب أن يكون المعرض في منزله، فيصل تاريخ وممتلكاته لا تقدر بثمن، فيصل لحج والوطن اجمع، فنان الشعب".

ورغم الحاجة للمال، الا انهم رفضوا بشدة، ولكن توالت الأحداث ايام الحرب الى اقتحام منزله، وتكسير اعواده من قبل عساكر الاحتلال، وضرب صوره بالرصاص وبهذلة المنزل بشكل مشين ليس لفيصل وحده، بل لتاريخ الفن عامة، وإساءة للشعب بشكل عام لأن فيصل علوي فنان هذا الشعب، لم يترك مالا، بل ترك حبا ومواقف نبيلة، ويده البيضاء السخية مع القاصي والداني، وهذا كرم الفنان الذي لا يمتلك مالا ولا يورث سوى الحب، وعنوان كرم الانسان الفنان البسيط، يرحمه الله، ويسكنه فسيح جناته
 من لا يحب فيصل من الشعب؟ فهو حبيب الشعب وفنان هذا الشعب، بتواضعه وكرمه وروعته الفنية، ولانزال نبتسم حين نسمعه ونقول: "الله يرحمك يا اباسل".. حقا جحود بحق تاريخه، ليس بسبب الحرب فحسب، بل وايضا من قبل السلطة المحلية والوزارة والدولة لأنه كان سفير الاغنية في السبعينيات، وكان يقيم الحفلات خارج الوطن وايرادها لبناء مدارس وهو لم يحظ الإ براتب زهيد لا يليق بتاريخه، وايضا ولده علوي فيصل لم يتم توظيفه من قبل السلطة المحلية التي اتعبتنا واتعبت كل المبدعين.

وتوفي علوي دون وظيفة برغم حاجة اسرته لراتبه.
 لو كان ببلد آخر لكان عاش برغد هو واولاده، ولكنه رفض التجنيس في الخليج، وقال: "انا من لحج ومن هذا الوطن.. فلا الجنسية ولا المال أغلى من حبي للشعب الذي أعطاني الحب وجعلني أبدع كنزا لا يشترى بمال الدنيا" هكذا حدثني فيصل.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى