كريم.. من حلم معلم إلى عامل في ورشة سيارات

> «الأيام» غرفة الأخبار/ فنشيال تايمز

>  الحرب التي تدور رحاها في البلاد منذ عام 2015م، أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الجيل القادم من الأطفال، هذا إن لم نقل إن الجيل القادم قد ضاع، وتاه في الأصل، لكن إيقاف الحرب، وعودة الأمن والسلام إلى البلاد ربما ينقذ الجيل الحالي.

كريم.. من حلم معلم إلى عامل في ورشة سيارات
كان كريم الغيل يحب المدرسة، وكان يأمل أن يصبح معلما قبل أن تبدأ الحرب، أما الآن فيمضي الشاب اليمني، الذي يبلغ من العمر ثلاثة عشر عاما، أيامه في ورشة سيارات، حافي القدمين بشرة ذات لون أسود زيتي، بعد تركه المدرسة لإعالة أسرته عندما أجبر الصراع والده على إغلاق متجره.

وقال كريم، الذي يكسب 30 دولارا شهريا: «أنا آسف على ترك المدرسة، لكن لم يكن في يدي شيء آخر لفعله».

ويُعد كريم واحدا من نصف مليون طفل يمني اضطروا للتخلي عن تعليمهم لمساعدة الأسر الفقيرة منذ اندلاع الحرب في 2015م.. لكنه يُعد من الشباب المحظوظين، فوفقا لوكالات الأمم المتحدة، فإن أكثر من 5000 طفل قتلوا أو جرحوا خلال الحرب.

وأصبح الشاب كريم رب الأسرة من عائلته بعد أن قام والده جميل الغيل بإغلاق متجره في محافظة تعز، وسط البلاد، في عام 2016؛ بسبب الحرب، حيث ناضل الأب للعثور على عمل منذ ذلك الحين، ولكنه لم يجد.
وقال الأب غيل: «لم أفكر أبدا في أنني سأكون السبب في حرمان ابني من التعليم، لكن الوضع الاقتصادي أجبرنا على ذلك».
وأضاف: «لا أحد يريد أن يرى أطفاله وهم يعملون».

قصص مؤلمة وحكايات مؤجعة
أما الموظف عز الدين حامد، الذي فقد وظيفته كموظف في الحكومة المحلية عام 2015، فيشعر بالقلق بشأن أصل وجبة عائلته التالية.

وأطفال عز الدين الخمسة من بين العشرات في مدرسة في تربة الواقعة على بعد 70 كيلومترا جنوبي تعز، لكن لا أحد يأخذ الدروس، فلقد تم تحويل المدرسة إلى معسكر لنحو 30 عائلة فرت من القتال، وفصل غرفها الصفية مقسمة.
أما المواطن حميد فينظف السيارات مقابل أقل من دولار واحد للمركبة الواحدة، في حين يتم إرسال الأطفال الأصغر سناً، مثل ابنه عبدو البالغ من العمر تسع سنوات، للتوسل من أجل الصدقة.
وقال حميد: «التسول أفضل من القتال والجوع».

العاملون في المجال الإنساني يقولون إن العديد من العائلات تزوج بناتهن قبل بلوغهن سن 18 عاما، لأنهن يأملن في توفير الحماية للفتيات.
ويقول تقرير الأمم المتحدة إنه وفقا لشهود، فإن الحوثيين «قاموا بتجنيد الأطفال بالقوة في المدارس والمستشفيات ومن الباب إلى الباب».

أما الشاب مختار، البالغ من العمر 15 عاما، فانضم إلى القوات الموالية للحكومة اليمنية (الشرعية) قبل عامين بعد أن ورث عن والده كلاشينكوف للمساعدة في رعاية أمه وأخواته، على حد قول أمه.
يمكن للجندي الجديد أن يكسب ما يصل إلى 100 دولار في الشهر، لكن أم مختار تشعر بالقلق من أنها تعتمد الآن على القات وتنفق معظم مالها على أوراق شبه المخدرة.

وقام مختار مؤخراً بإدارة نقطة تفتيش في تعز، ملوحًا ببندقيته الهجومية، وقال: «أنا هنا للدفاع عن مدينتي من الحوثيين».
وأضاف مختار: «هذا ما يجب على جميع السكان القيام به».

انهيار الاقتصاد أثر سلبا
وأثر الانهيار الاقتصاد في البلاد بشكل كبير، كما أن له الأثر الأكبر على شباب البلد، لا سيما مع تضخّم الأسر، حيث يواجه أكثر من 8 ملايين شخص خطر المجاعة، يتجه الآباء بشكل متزايد إلى أطفالهم من أجل البقاء.
وقال جمال الشامي، رئيس مدرسة الديمقراطية، وهي وكالة معونة يمنية، إن العائلات تواجه خيارًا واضحًا، مما يضع أطفالهم في العمل أو يموتون من الجوع.

وقال شامي: «الناس المحتاجون لا يعتبرون التعليم أولوية.. الغذاء هو الأولوية».
وأضاف: «لقد أصبح الأطفال رؤساء الأسرة لأنهم على استعداد لفعل أي شيء».

تقرير أممي خطير
ووصفت وكالات الأمم المتحدة اليمن بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم عندما يقاتل المتمردون الحوثيون القوات الحكومية المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية.
وقالت إن «أربعة أخماس من 28 مليون شخص يحتاجون إلى نوع من المساعدات الإنسانية»، وفقا للأمم المتحدة.

لكن كل آمال الأزمة الصغيرة تلاشت مع بداية هذا الشهر عندما لم تبدأ المفاوضات، التي كانت من المقرر انطلاقها في 6 سبتمبر الجاري في مدينة جنيف السويسرية، والتي كانت ستكون الأولى منذ عام 2016، لكن وفد الحوثي لم يظهر.
معاناة الأطفال تؤكد كيف دمر الصراع المجتمع العربي في أفقر دولة في العالم.

وقالت ليز غراندي، مسؤولة الأمم المتحدة البارزة في الميدان في اليمن: «إننا نشهد خلق جيل ضائع من الأطفال، جاهلين ومصابين بالصدمة، وهذا سيؤدي إلى تراكم مشاكل كبيرة في المستقبل».
وأضافت: «لا شيء مهم للعائلات أكثر من معرفة أن أطفالهم لديهم مستقبل.. يجب عمل كل شيء لفتح المدارس في الوقت المناسب للعام الدراسي هذا الشهر».

وأشار تقرير لجنة الشهر الماضي الذي أعدته هيئة محلفين من الأمم المتحدة إلى تجنيد القاصرين باعتباره أحد الانتهاكات التي يرتكبها أفراد في الائتلاف الذي تقوده السعودية، والحوثيون والذين يشكلون جرائم حرب.
حيث تم تجنيد أكثر من 2400 في مجموعات مسلحة، وفقاً لوكالات الأمم المتحدة.

وقُتل ما يصل إلى 40 طفلا الشهر الماضي عندما أصابت غارة جوية للتحالف حافلة، مما تسبب في غضب دولي وإعلان نادم للأسف من قبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى