حكاية بوذا والأرنب..

> نشوان العثماني

>
الرفاق والرفيقات.. تعالوا لنقرأ معًا هذه الحكاية، وهي مثل ماهر وباهر يجسد ثقافة القطيع التي تجرد المرء من حرية البحث والتقصي وبالتالي تجرف كل ما أمامها أيًا كان بعيدًا عن الحقيقة، وهذه مسألة فكرية ثقافية، الدين في مقدمتها عندما يُستخدم للسيطرة على الوعي الجمعي وحتى على مستوى الفرد حين يُسلب منه عقله وقلبه، وأيضًا لدى قيادة الرأي العام جماهيريًا والسيطرة على العقول عبر بوابة الإعلام في عصرنا الحالي..

يحكى أن أرنبًا جلس تحت شجرة وارفة الظلال فغلبه النعاس، وفجأة سمع صوتا غريبا، خُيّل إليه أن نهاية العالم قد اقتربت، فنهض من مكانه مذعورًا هاربًا، وعندما رأته بقية الأرانب سألته «لماذا تركض بهذه السرعة؟»، أجاب «لقد اقتربت نهاية العالم».
سمعوا إجابته وانضموا هاربين وراءه.. وفي طريقهم وجدوا غزالًا فسألهم «لماذا تركضون بهذه السرعة؟» أجابوه «نهاية العالم قد اقتربت»، وهكذا كلما قابلوا أحدًا من حيوانات الغابة أمامهم قالوا له «لقد اقتربت نهاية العالم» فيهرع يركض خلفهم إلى أن أصبحت كل الحيوانات في الغابة تركض هاربة من هذا المصير الذي بشرهم فيه الأرنب أولًا.

كان بوذا جالسًا على ربوة تطل على المشهد، وعندما شاهد جميع الحيوانات تركض سأل المجموعة الأخيرة التي انضمت إلى الهاربين «لماذا تركضون؟»، وكانت الكركدنيات (وحيدة القرن) في مؤخرة الجمع، أجابوه «لأن نهاية العالم قد اقتربت».
شكك البوذا بما يردده القطيع الهارب، وطلب منهم أن يتوقفوا، سعيًا للبحث في مصدر هذا الخبر. فبدأ البحث من حيوان إلى آخر مبتدءًا بوحيدة القرن فالفيلة فالزرافات وحيوانات كثيرة، وكل منهم كان يؤكد «لأنه نهاية العالم قد اقتربت»، ولما كان يسألهم «كيف عرفتم هذا؟» كانوا يجيبون إن الذين سبقوهم أكدوا لهم هذه الحقيقة.

وصل البوذا أخيرًا إلى جيش من الهاربين كله من الأرانب، وظل يسأل ويتقصى إلى أن قادوه أخيرًا إلى الأرانب الأول الذي كان نائمًا تحت الشجرة وفجأة صحا من نومه وأذاع الخبر، وكله يقين بأن نهاية العالم قد اقتربت، فتبعته حيوانات الغابة.
سأل بوذا الأرنب: «أين كنتَ؟ وكيف عرفت أن نهاية العالم قد اقتربت؟»، أجاب الأرنب «كنت نائمًا تحت شجرة المانجو».حدس البوذا مباشرة باحتمال سقوط ثمرة مانجو من الشجرة قد أيقظ الأرنب، وأفزعه، فولى من نومه ضائع التركيز معتقدًا أن نهاية العالم قد اقتربت.

ولذلك طلب البوذا من الأرنب أن يقوده إلى الشجرة نفسها للتحقق من هذا الأمر. وعندما وصلوا إلى الشجرة، وجدوا إحدى ثمار المانجو قد سقطت مكان وجود الأرنب فعلًا، وكانت ثمرة كبيرة. كان الأرنب نائمًا فور ارتطامها بالأرض أمام عينه مباشرة، وكان صوتًا مزلزلًا بالنسبة له، ولذلك لم يعد من الخيارات أمامه إلا أن يولي هاربًا يذيع الخبر باقتراب نهاية العالم.

تأكد للأرنب أنه كان مخطئًا.عادت كل الحيوانات إلى طبيعتها، كما عاد البوذا إلى تأملاته بالقرب من حديقة الغزلان. ولا تزال الحياة مستمرة حتى هذه اللحظة هنا في الضاحية الغربية للمدينة، الساعة الحادية عشرة والربع مساءً، 16 سبتمبر 2018.
*القصة مأخوذة من مدونة بوذية، بتصرف، وإضافات.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى