منطقة البساتين بعدن.. الاسم جنة والواقع نار

> تقرير/ فردوس العلمي

>
 تجولت في منطقة البساتين بمديرية دار سعد في عدن عند حاولي الساعة الحادية عشر والنصف قُبيل الظهر، وما شد انتباهي كثيرا أوضاع الناس في بلوك (4)، حيث الكثير من المواطنين والأسر تفترش فرشها أمام منازلها بحثاً عن هواء، وآخرون نائمون وأبواب بيوتهم مفتوحة، وأخرى مغلقة وكأن ساكنيها قد أُجبروا على مغادرتها.

وبينما أنا على ذلك الحال من الاندهاش عادت بي الذاكرة على الفور إلى حرب 2015م حينما نزحت إليها، فما أشبه الليلة بالبارحة. 

وبفضول صحفي سألت أحد المواطنين عن سبب نوم الأهالي خارج منازلهم وفي الشارع فكان ممّا قاله: “إننا نعيش أسوأ أيام حياتنا بل إنها أسوأ من أيام حرب الحوثي وصالح على عدن.. إننا نُعاني من حر لا يُطاق وظلام دامس وانعدام للماء”.
ويقول الشاب ياسين: “أكثر من خمسة وعشرين يومًا ونحن بلا كهرباء، نكابد ومرضانا وكبار السن الحر الشديد وليس لهذا الأمر من انفراج قريب”.

نتحمل تكلفة إصلاح الإعطاب
وأضاف: “شكّلنا لجنة لمتابعة إدارة الكهرباء لحل المشكلة ولكن مسؤوليها أوضحوا لنا بأن الوزارة لا تملك ميزانية وطلبوا منّا تحمل قيمة الإصلاحات إن نحن أردنا الخدمة، وهو ما تم حيث دفعت كل أسرة مبلغ ألف ريال، على الرغم من أن الكثير ممّن دفعوا ظروفهم المادية صعبة جداً وآخرين يمتهنون التسول، وقد بلغ ما تم جمعه نحو 450 ألف ريال، وعلى الفور تواصلنا مع إدارة الكهرباء، وبدأوا العمل على فيوزات الكابلات وبينما هم يعملون تعطل فيوزان قيمة الواحد منهما 60 ألف ريال، وتم تحميلنا قيمتهما، وبعد أن خسرنا كل ما تم جمعه في الإصلاحات، اكتشف عمال الكهرباء الخلل الحقيقي، والمتمثل بشراء كابل طول (50 مترا) من شأنه أن يوصل التيار من المحول إلى الحافة، قيمة المتر الوحد منه عشرون ألف ريال، ولو أنهم عرفوه من قبل لكنا استفدنا من المبلغ الذي أُنفق في أشياء وإصلاحات أخرى، والمؤسف أيضاً أن أجرة العمال تحملناها نحن حيث تم دفع مبلغ 3000 - 5000 ألف ريال لكل واحد منهم على الرغم من أنهم موظفون في إدارة الكهرباء”.  

وقال مستنكراً: “في حي آخر حصلت نفس المشكلة في حي بلوك (واحد) بمسجد حنين، وتم إصلاحها وبلغت تكلفت الكيبل 12 مليون يمني أي ما يعادل 22 ألف دولار تكفلت بها المديرية، لكون هناك - كما يُقال - أُناس ذوو ثقل، أما نحن فسلمنا كل شيء من جيوبنا والمسؤولون رفضوا يمدوننا بالكابل وكأننا غير يمنيين”.
 
معاناة متعددة
ويشير اللاجئ عبدالرحمن حسن، وهو أحد جرحى حرب 2015م، إلى أن المعاناة التي يواجهونها في هذه المنطقة كثيرة ومتعددة أبرزها الحرمان من خدمة الكهرباء لأكثر من ثلاثة أسابيع على التوالي.
وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: “كل ما تحصل مشكلة أو خلل بالكهرباء، تطلب منا إدارة  الكهرباء جمع المبلغ الخاص بإصلاح العطل، ونحن لاجئين وليس بمقدورنا الحصول على لقمة العيش ومع هذا ندفع، وهناك أسر لا يعلم بحالها إلا الله، وليتهم يصلحون الأعطال لتخفيف قليل مما يُعاني منه مرضى السكري والضغط وكبار السن والذين تسوء حالتهم جراء هذه الانقطاعات المستمرة”.

فيما قال حسين ناصر عبدالله وهو أحد العائدين للوطن: “أوصلنا مشكلتنا مع الكهرباء إلى الإدارة المختصة ولكن المؤسف أن موظفيها اخذوا وقتًا طويلاً لمعرفة موقع الخلل، وفي كل خلل يطلبون من الأهالي شراء أسلاك وفيوزات وفي النهاية يطلع الخلل في مكان آخر، وأصبحنا في الوقت الحاضر غير قادرين على جمع أي مبالغ فالناس ظروفهم صعبة”.

وأضاف الموطن علي عبدالعزيز، بينما كان ذاهباً لجبل ماء بدبب على عربية “حتى الماء نعاني منه، أنا ذاهب الآن لإحضار الماء من المسجد أو من أي مكان آخر، فهذا الأمر قد اعتدنا عليه، إلى جانب الحرمان من خدمة الكهرباء منذ عيد الضحى الفضيل”.
 الموطن علي عبدالعزيز
الموطن علي عبدالعزيز

وطالب عبدالله من الحكومة بـ “القيام بمهامها تجاه أبناء المنطقة بتوفير الخدمات وتقديم المساعدات للعائدين إلى أرض الوطن”.

ظلم وحرمان
فيما قال أبو طارق: “كلما قدمنا شكوى لإدارة الكهرباء يطلبون منها مبالغ باهظة وإذا ما سألناهم لماذا لم تقم الحكومة بواجبها، يكون ردهم (ليس لدى الحكومة ميزانية)”، ويضيف متسائلاً “إذا الجهة المسؤولة لا تتوفر لديها مبالغ لإصلاح الاعطاب فمن أين لنا نحن النازحين مبالغ، لنتحمل تكاليف الإصلاحات؟”

وقال: “نحن ظُلمنا بالحرمان من الحصول على الكهرباء، وكذا الماء الذي نضطر على شراء بوزيتن كل ثلاث أيام، كما حُرم أبناؤنا من الحصول على فرص العمل.. وعبر «الأيام» نقول للحكومة نحن يمانيون عدنا لوطننا بعد سنوات من الهجرة في الصومال، وإذا كانت ترى بأننا لسنا من أبناء هذا البلد فسنتجه إلى المفوضية كلاجئين”.

وأخذ بأطراف الحديث الشاب محمد سعيد وأضاف: “عدنا للوطن وكنا نظن بأن حالنا سيتحسن ولكن وجدنا العكس، فالحكومة أهملتنا ولم توفر لنا الخدمات الأساسية بشكل كافٍ والمفوضية لم تعترف بنا كصومال لاجئين”.
وتسكن منطقة البساتين الكثير من الأسر في منازل سقفها من صفيح وجدرانها من خشب وكراتين، وهو ما زاد من معاناتهم في هذا الصيف شديد الحرارة.

وأوضح حسن عبدالقادر، وهو مندوب المنطقة لمتابعة اصلاح الكهرباء، بأنه سبق له أن تقدم بطلب إلى إدارة الكهرباء لإصلاح الخلل غير أن مديرها رد بأن “إدارته لا تملك ميزانية”.
وأكد في تصريحه لـ«الأيام» بأن “المشكلة طرحت على مدير المديرية ووعد بدوره بإيجاد الحلول لها”، مشيراً إلى السبب الرئيس في هذه المشكلة وهو “الضغط على الأسلاك والكابلات الرئيسية”.

وعود بالحلول
من جهته أكد الأمين العام للمجلس المحلي بالمديرية عبدالمنعم العبد بأنه على تواصل مستمر مع مسؤولي الكهرباء لإيجاد الحلول لانقطاع الخدمة عن منطقة البساتين بلوك (4).

وأضاف في تصريحه لـ«الأيام»: “تم الاتفاق والموافقة على شراء ثلاثة محولات: اثنين للبساتين والآخر للغربية بدلًا من المحترقة، وحاولنا التواصل مع كل أصحاب المحلات الخاصة ببيع معدات الكهرباء في عدن ولم نجد لديهم محولات بقوة 1000 (كيلو وات) وحينما حاولنا شراءها من صنعاء واجهنا صعوبة في إنزالها، ومؤخراً تم توفيرها في عدن، ولكن للأسف اشترط أصحاب المحال البيع دفع البلغ نقدًا والمؤسسة تتعامل بالشيكات والتحاليل، وقد حاولنا بالتنسيق وبضمانة أحد التجار في البساتين من توفير محول لحي بلوك (واحد) حيث مسجد حُنين، وإن شاء الله سيتم توفير المحولين الآخرين بتضافر جهود مؤسسة الكهرباء والسلطة المحلية بالمديرية، وهذه المحولات يتم شراؤها من حساب مؤسسة الكهرباء وأحيانا من حساب السلطة المحلية بالمديرية أو المحافظة”.

وفي الوقت الذي يؤكد فيه سكان بلوك (4) بأنهم خسروا  450 ألف ريال يمني لإصلاح أعطاب كهربائية، وأن إدارة الكهرباء أبلغتهم بشراء الكابل على حسابهم، وأكد العبد عدم أخذ أي مبلغ من المواطنين، مطالباً أي شخص دفع باحضار الفواتير الخاصة.
كما أكد في تصريحه لـ«الأيام» بأن المديرية هي من توفر الفيوزات خصوصاً إذا كانت الاعطال في الكابلات الرئيسة، أما الفيوزات الخاصة بالمنازل فيتحملها المواطن نفسه.

وأضاف: “هذه الخدمة نحن ملزمين بتوفيرها للمواطنين مجانًا، وسبق أن تم شراء أكثر من خمسة محولات لمناطق عدة من المديرية على حساب السلطة المحلية بالمديرية والمحافظة، كما أننا في السلطة المحلية نتحمل تكاليف الفيوزات المحترقة، ونوفر قيمة كل الكابلات والوائرات (الأسلاك) التي تتعرض لتتلف أو الاحتراق، ونحن أيضاً على استعداد تام لحل كل المشاكل التي تواجه المواطنين.. علمًا بأن قيمة المحول الواحد قوة 1000 (كيلو وات) مبلغ عشرين ألف دولار، ونؤكد في الختام بأن المحول سيتم شراؤه  واصلاحه الأسبوع القادم”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى