هل يوجد فساد وسرقة في بناء وإصلاح الطرق؟

> د. مروان هائل عبدالمولى

>
> تخصص الدولة ومعها المنظمات الدولية والخيرية سنويا مبالغ ضخمة لترميم وبناء الطرق في بلادنا، وبسبب هذه الإمكانيات كان من المفروض أن يكون الإسفلت في طرقنا يلمع مثل الذهب تقريبا، ولكن الذي نراه طرقا تقود الكثير منا إلى المقابر والمستشفيات، فهناك أكثر من 90 % من الطرقات العامة الإسفلتية في البلاد انتهت صلاحياتها الفنية للاستغلال، والمخزي أن الدولة في سبات عميق لا خطط، لا أفكار، لا ترميم ولا تعرف ما هو إجمالي طول الطرق الرئيسية والفرعية،  ولا يوجد مسئول واحد يمكنه تقديم بيانات رسمية عن حالة الطرقات وموقع الترميمات المفترضة وإجمالي المبالغ المصروفة عليها.

أغلب الأموال المخصصة لإصلاح الطرقات تختفي ومن ثم تنتقل إلى أحضان الفساد، ولهذا صورة الطرق قاتمة في البلاد، خاصة وأن أكثر من 20 سنة لم ترمم أغلب الطرقات، وبسبب الإهمال والفساد 95 - 97 % من الطرق في حالة مزرية، والان وفي مثل هذه الظروف لا يمكن  وضع احتمالات قريبة لرؤية الناس لطرق جديدة و جيدة، وهذا التصور ليس واردا في الحسبان، لأننا وببساطة إذا كنا نحاول أن نستعيد ونرمم 5 % من الطرق كل عام فسوف نحتاج إلى 50 سنة من أجل ذلك، ناهيك عن أن تلك الطرق القليلة جدا، التي يتم ترميمها الآن، سوف يتم إصلاحها مرة أخرى خلال فترة قريبة بين السنة إلى ثلاث سنوات.

هناك كيلومترات من الحفر الصغيرة والعملاقة التي لا يمكن تجاوزها الكثير منها تتحول إلى مقابر لبعض السائقين وعائلاتهم، وبعضها تتحول إلى بحيرات إذا انفجرت المجاري القريبة منها  أو إذا صدفة أمطرت السماء لتشاهد بعد ذلك البعوض والذباب والصراصير والفئران تحوم حول تلك البحيرات والسيارات تتعطل والناس ترسل اللعنات والشتائم على الفساد والمسئولين عن الشوارع والطرقات .

الفساد اليمني في الطرقات تجاوز كل حدود المنطق والعقل، والسبب أن هذا النوع من الفساد يقف على أرضية قوية من أربع دعائم صلبة وهي كالتالي:
1 -  لدينا بعض المسئولين يحبون المماطلة في تنفيذ المشاريع أو في ترميم الطرقات من أجل السرقة، ولمكافحتهم لا توجد خيارات أخرى غير طرق القانون والعقوبة والرقابة الصارمة على تنفيذ المشاريع والترميم لكن كل هذه الطرق مجمدة بتعمد.

2 -  معدات بناء وترميم الطرقات في جميع أنحاء العالم تعتبر من استراتيجية الدولة القصوى، وهنا نقص هذه المعدات، تعتبر إستراتيجية لدى المسئولين لنهب أموال الدولة، عن طريق التعاقد مع شركات وآليات القطاع الخاص والحصول على نسبة من قيمة العقد، الذي يمكن أن يحمل أحد الأسماء الكثيرة من أسماء الطرق في المحافظات التي لا توجد إلا على الورق. 

3 -  المناخ في أغلب مناطق البلاد قاسٍ ومتقلب، وهو سبب لا يمكن حذفه في عملية التأثير السلبي على الطرقات وتكسرها وانهياراتها، ولا يمكن تغيير الظروف الطبيعية، ولكن من الممكن تطبيق التقنيات المتقدمة واستخدام مواد بناء ذات جودة عالية، تقلل من التكاليف والحاجة إلى الإصلاح مثل بقية دول العالم، التي لديها مناخ أسوأ مما لدينا، لكن طرقاتها مثل المسطرة، لأنها لا تستخدم المواد المغشوشة والرخيصة مثلنا.

4 -  انتهاك قواعد المناقصات وتحديد مقدم الخدمات، والمبالغة في مشتريات الدولة، وكذلك المبالغة في تقدير تكلفة المشروع عند وضع تقديرات التصميم مع وجود «رشاوى» لبعض  المسئولين.

 إن غياب مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة واستلام المشاريع عند افتتاحها هو أحد أسباب انتشار الفساد في هذا القطاع، لذلك من أجل تجنب مخاطر الفساد وتحسين جودة بناء الطرقات، في اعتقادي يجب مراجعة آليات مراقبة بناء وترميم الطرق بمشاركة واسعة من مؤسسات المجتمع المدني، وتطبيق القانون والعقوبة على كل من يتهم في التلاعب ليس في بناء وترميم الطرق فحسب، وإنما أيضا بأرواح الناس.

في الأخير، هناك سؤال لازال يحيرنا إلى يومنا هذا، مرتبط أيضا بالطرقات، ولكن في مدينتي الحبيبة عدن، وهو: متى سيتم تجهيز الطريق البحري، الذي يمتد من جولة  كالتكس حتى جولة ريجل بطول 7200 متر وبتكلفة 34 مليون دولار، 77 % تمويل من الصندوق العربي للإنماء و23 % تمويل حكومي، والمعلوم أن الفترة المقررة لإنجاز هذا الطريق هو عام 2018، فهل يمكن تحقيق ذلك بالفعل هذا العام، أم يظل تمويل هذا المشروع في علم الغيب؟​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى