احترام وتوقير الكبار

> جهاد عوض

>
يعاني المجتمع اليمني من انتشار ظاهرة وسلوك عدم توقير واحترام الكبير سواء كان أبا أو معلما أو كبيرا في السن، هذه القيم والأخلاق الفضيلة حث وشدد الإسلام على أهميتها ومقامها، حيث يقول الله تعالى عن حق الوالدين: «فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما».. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لا يوقر كبيرنا... «، وهذه الدلائل والتوجيهات تؤكد على أهمية تلك الأخلاق وعلو شأنها ومكانتها في حياة وتكوين الفرد والأسرة والمجتمع بشكل عام وبها تستقيم سلوكياتنا وعاداتنا المكتسبة في تعاملنا اليومي.

إن احترام وتوقير الكبير وإجلاله وتقديمه على غيره من الناس لقيم أخلاقية حميدة تتوارثها الأجيال، إلا أنه في زمننا اليوم اختفت وتراجعت بشكل ملحوظ في مجتمعنا، وأصبحنا نشاهد تصرفات وسلوكيات غير مستحبة تجاه الكبير، تنم عن تربية وتنشئة خاطئة، نشأ وتربى عليها الطفل منذ نعومة أظافره، في ظل غياب وقصور كلي لدور الأسرة، فالأب والأم هما المعلمان الكبيران لأبنائهما، وهما من يغرس الآداب وفضائل الأقوال والأفعال في ذواتهم وطباعهم.

ايضا من عوامل وأسباب التغيير الغزو الثقافي والسيطرة الإعلامية لوسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بعالمه الواسع على عقول وأفكار الأطفال والشباب، الذين لا شك أنهم أساءوا استخدامه، وله آثاره السلبية عليهم، لما يكتسبونه من عادات وأفكار لا تتناسب مع مجتمعنا.. لهذا يجب إعادة تقويم وتصحيح هذه السلوكيات الضارة، والعابرة للحواجز والمحيطات، وبعث وتنمية نوازع الخير والبر والإحسان والقيم والأخلاق الإنسانية النبيلة في نفوس الأبناء تجاه كبار السن. 

وإذا استعرضنا لحالة ووضع المعلم كمثال في بلادنا، مع المعلم في دول أخرى نجد أنه يحظى ويلقى الاحترام والتبجيل لمكانته وقدسيته في المجتمع، بل وإكرامه وتشجيعه بالمزايا وتخصيص أعلى الرواتب له مقارنة بالآخرين، إلا أن واقعنا عكس ذلك، فيه تهميش له ولعمله التعليمي والتربوي النبيل، وإبدال النظرة نحوه من الإيجابية إلى السلبية.. وهكذا انتقص من مقامه وشخصه، ومن ثم دوره ومقداره، وأصبح الطالب لا يبالي بوجوده وكلامه، ويتعامل مع المعلم كزميل، متجاوزاً كل الاعتبارات والفروق الادبية والاجتماعية التي يجب أن يعامل بها، وتحفظ مكانته ورمزيته في المجتمع، هذا إن لم يُقل الأدب ويساء التصرف معه في أحايين أخرى، ولهذا من الضروري بمكان أن ترتقي الأخلاق والمبادئ في أفعالنا وتصرفاتنا مع أولادنا أولاً ومن ثم مع الآخرين، حينها سيرتقي المجتمع بعاداته وتقاليده الإيجابية وتعم فيها مكارم الأخلاق الحميدة، ويعطي كل ذي حق حقه من التوقير والاحترام، فلا نبخل أو نقصر مع أبنائنا وفلذات أكبادنا، في توجهيهم وإرشادهم الى محاسن الاقوال والافعال، فهم في رقابنا ونحن ولاة أمورهم أمام الله أولا ثم المجتمع ثانيا، فلا تشغلنا الدنيا عن الواجب السامي نحوهم، ونتأخر لحظة قبل فوات الأوان، ونندم وقت لا ينفع الندم..!!
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا وإياكم مكارم الأخلاق الكريمة ومحاسنها، وأن يدلنا على الخير إلى كل ما يحبه ويرضاه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى