إلى فارس الكلمات

> نورا مجمل

>  في ذات مساء وفي إحدى ليالي الشتاء القارس في تلك الزاوية من غرفتي وبجانب النافذة التي تطل على الحي حيث اعتدت الكتابة دائماً..
قصص حزينة ونهايات مؤلمة اكتبها.. مظلمة هي كتاباتي كظلام الليل الحالك لا ترى النور ولم تر الفجر بعد...
تذكرت ما قاله لي ذات مرة فارس الكلمات عندما كنا نتبادل اﻷحاديث الشيقة على شاطئ البحر حين كانت أمواجه المتلاطمة ترسم أجمل لوحة ليس فيها إلا أنا وهو ويزينها البحر بلونه الأزرق الساطع وأصوات طيور النورس من حولنا وكأنها فرقة موسيقية تعزف لنا أعذب الألحان، وكان ذلك لقائي الأخير به ولم أره منذ تلك اللحظة..
قال لي: اكتبي عن السلام وعن الحب اكتبي عن الأمل والسعادة والفرح، فروحك الجميلة يجب ألا تكتب إلا كل ما هو جميل..
وبينما أنا شاردة الذهن غارقة في تفكير عميق فجأة سمعت أصواتاً وصراخا وبكاء...
يا إلهي ما كل هذه الأصوات؟!!! نظرت من النافذة ﻷرى ما الخطب لمحت بعض الجيران مسرعين نحو أحد المنازل المجاورة، الكل يتجه صوب ذاك المنزل.. خرج والدي أيضاً معهم لم أستطع الانتظار أكثر فالأصوات تعالت وملأت أرجاء الحي فخرجت بعده...
وصلت إلى باب ذاك المنزل المزدحم بالأشخاص والخوف يتملكني ما الذي سأراه؟!!!
لقد كان بكاء امرأة وصراخ أطفال صغار ليس لديهم ما يغطيهم غير ثياب ممزقة ترى أجسادهم الصغيرة من خلالها.. وجوههم شاحبة وقد بدأ عليهم التعب والهزال..
وفي الجانب الآخر رجل ملقى على الأرض لا يحرك ساكنا... تكلم أحدهم بصوت شاحب قائلاً: احملوا الجثة لا فائدة من المكوث هنا أكثر فالرجل قد فارق الحياة..
نعم لقد مات رب الأسرة العائل الوحيد لهم، لم يستطع أن يرى أطفاله يموتون جوعاً وبردا أمام ناظريه..
لم يجد حلاً للهروب من لهيب الواقع المؤلم سوى أن يبيع بعضاً من أعضائه ليعيش أطفاله...
عدت مسرعة إلى منزلنا دخلت غرفتي والدموع تنهمر من عيني كقطرات المطر، مزقت أوراقي ورميت بأقلامي..
كيف أكتب عن السلام ونحن بقايا أشلاء خلفتها الحرب الظالمة؟! كيف أكتب عن الأمل ونحن في زمن الألم؟! كيف أكتب عن السعادة والفرح ونحن في مكان ليس فيه إلا التعاسة والحزن..
أخبرني يا - فارس الكلمات - عما ذا أكتب في وطن ينزف بالجراح والمآسي والمحن؟!!!!
رميت بجسدي المنهك في فراشي لكي أنام علي أجد وطن السلام والمحبة والأمان في أحلامي.
​​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى