العاشق الذي نام واقفا قرب معاشيق

> نشوان العثماني

> ارتدى قميصًا أحمر، وذهب رفقة صديقته إلى عدن مول، يفعل ذلك للمرة الأولى في حياته، لم يكن ليعلم بهذه الزيارة إلا خمسة فقط؛ الله ثم هما وشيطاناهما. لكل امرئ شيطان يحرسه، وأحد هذين الشيطانين سرّب لشيطاننا كل المعلومات التي ترد.
ثم بعد أن ارتشفا؛ هو القهوة وهي البرتقال المجفف، خرجا إلى الساحل المجاور على ضفاف البحر العربي.
تغري الأيام التشرينية حقًا بالذهاب إلى البحر، تسلق الجبل، زيارة الصهاريج، وبالصعود إلى قلعة صيرة لولا أن الصعود إلى هذه الأخيرة مُنع مؤخرًا؛ حرصًا على سلامة معاشيق؛ اللسان البحري المقابل حيث القصر الرئاسي. ونحن لا نعلم ممَ هذا الحرص تحديدًا إذا ما عرفنا أنه قد تحول إلى متحف للآثار؟!
مع كل هذا يشاع في المدينة أنه متحف محظوظ؛ حيث تحميه قوات يدعمها التحالف تمنع حتى الوزراء من الوصول إليه. نحن بالطبع لا نعلم لمَ كل هذا!؟
نعلم فقط أن صديقنا هذا دخل أخيرًا بحرًا عميقًا من عشق محموم؛ حتى نكاد نراه قيس هذا العصر، وربما قلنا يومًا: ما قيسكم الذي تحدثونا عنه في كتبنا الدراسية، فلدينا قيسنا الذي يجعل الماضي الزائف حقيقة. كان صديقنا قد تخرج العام الماضي من كلية العلوم الطبية، وأكملت خطيبته عامها الأخير في كلية الهندسة قبل شهرين، لكن المفارقة التي أحدثتها هذه الحرب أن أبا مدين، وهذا مقترح مستعار للإشارة إلى اسمه، يعمل حاليًا مرشدًا زراعيًا وصحافيًا سياسيًا في آن، فيما تعمل رفيقته في الطب.
جاء لقاؤهما اليوم للترتيب لعرسهما المنتظر مارس/آذار المقبل.
كانت الشمس تهبط رويدًا بقرص أحمر عملاق يرسل أشعة متعددة الألوان، خص منها لونًا عجيبًا قلعة صيرة؛ فيما لم تصل هذه الأشعة إلى القصر المتاخم بسبب القلعة. لقد تغير الكوكب جيولوجيا كما يقول العلماء منذ تحولت مدينة عدن إلى عاصمة مؤقتة؛ فأصبحت قلعة صيرة جراء هذا التغيير تقف حائلًا في مواجهة الشمس لصد أشعة الغروب عن القصر الرئاسي.
كان حريًا بصديقنا سيريل بايان أن يكون هنا لتوثيق هذا المشهد بكاميرا عالية الدقة وتصوير ماهر وذاكرة مزودة برقم دولي يمكن البحث عنها عبر الأقمار الصناعية فيما لو سقطت بأعماق البحر أو قرب البوابة السادسة في المتحف الحصين.
نظر صديقنا أبو مدين إلى القلعة التاريخية وأطلق أمنية عزيزة لم نتمكن من سماعها جيدًا، هذا ما قاله أحد الشيطانين فيما أخفى الشيطان الآخر الحقيقة، غير أنه لما التفت إلى صديقته قال لها: سأبني قلعة للحب في مكان ما تخلد الانتصار للعشق زمانًا طويلًا وتعزز كلما رآها الشباب رسالة العاشقين إلى هذا العالم.
ثم فجأة أخرج هاتفه وطلب من ليلاه الجميلة التقاط صورة تذكارية حرص أن يظهر فيها واقفًا ونائمًا في آن واحد ويخطو للأمام مع كل هذا، وحتى هذه اللحظة ما زلنا ندرس الأسباب التي دعته إلى السير نائمًا عند الغروب وتصوير المشهد ثم نشره في فيسبوك أيضًا.
سنسأل الشيطان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى