معهد يمني يعزف ويرسم راية السلام في عدن

> «الأيام» العرب اللندنية

>
 الفنون ألوان وأنغام دافئة تعطي طعما للحياة وتقف في مواجهة نشاز الرصاص والموت، ذلك ما آمن به المشرفون على معهد جميل غانم للفنون في عدن الذي توقف عن نشاطه بسبب ظروف الحرب القاسية ليعود مجددا مؤمنا برسالة واحدة هي رسم الحياة الجميلة وعزف أنغام التسامح والمحبة في المجتمع اليمني.

  رغم ظروف الحرب المأساوية في مدينة عدن، جنوبي اليمن، لا يزال هناك صوت للفن والسلام، يطرق أبوابه العديد من السكان رغم كل الصعوبات التي يواجهها البلد العربي الفقير.
في مدينة عدن، برز مؤخرا معهد جميل غانم للفنون، الذي بات يحتضن الكثير من الراغبين في العيش مع الفن والموسيقى والجمال، وأصبح العشرات يعيشون الفن في هذا المعهد الفريد.

وعلى الرغم من أن المعهد تأسس قبل أكثر من أربعة عقود، إلا أن ظروف الحرب أعاقت نشاطه خلال الفترة الماضية، ليعود بنشاط أكبر بعد منتصف العام 2018 لممارسة نشاطه الجمالي، في زرع الفن والجمال.

ويعد هذا المعهد من أوائل المعاهد الفنية في اليمن والجزيرة العربية، وتم تأسيسه في العام 1973، وله حاليا أربعة أقسام، هي الموسيقى والفنون التشكيلية والمسرح، والقسم الذي استحدث هذا العام، والذي سمي بالفنون الشعبية.
يقول فؤاد مقبل، مدير المعهد، “منذ تأسيس المعهد تخرج فيه المئات من الفنانين على مستوى اليمن والجزيرة العربية”، مشيرا إلى أن من هؤلاء الخريجين من يتواجدون حاليا في الكويت أو الإمارات.

وأضاف “هناك نجوم يمنيون في الفن والمسرح، درسوا وتخرجوا في هذا المعهد”. وحسب وصف مقبل يشهد المعهد حاليا إقبالا مكثفا من قبل الملتحقين به، الذين
يرغبون في تعلم الفنون المختلفة، رغم الظروف الصعبة التي تمرّ بها البلاد.

ويتابع قائلا “نتيجة للسياسة التي اتخذتها الإدارة في التخاطب مع المجتمع عبر مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، استطاع المعهد خلال هذا العام جلب 77 طالبا وطالبة في دورات تعلم فنية مسائية انتهت قبل أيام”.
وأفاد بقوله إن المعهد تمكن أيضا من قبول 66 طالبا للدراسة هذا العام في الأقسام الأربعة، مع إعداد حالي لدورة فنية مسائية جديدة.

وحول الهدف الذي يسعى إليه المعهد، يوضح مقبل أنه يهدف إلى إرساء القواعد الفنية والحب والسلام والتطوير الثقافي على مستوى اليمن كاملا.
وأشار إلى أن للمعهد رسالة تتمثل في بث روح التسامح والمحبة بين أوساط المجتمع، مع التركيز على فئة الشباب وتنوير عقولهم لحب الوطن والمجتمع وبنائه. وفيما يتعلق بالصعوبات التي يواجهها المعهد، أضاف مقبل أنه يعاني من نقص في المدرسين الفنيين، والآلات الموسيقية، آملا من وزارة الثقافة العمل على جلب مدرسين أجانب للفنون في المعهد.


وبيّن أن المعهد حاليا يسعى - بالتنسيق مع الحكومة- إلى اعتماد شهادة حكومية فنية للطلاب الدارسين بشكل نظامي في المعهد.
ويأمل مقبل، في المرحلة القادمة أن يتمكنوا من استعادة أمجاد المعهد وإعادة علاقته الوطيدة بالمجتمع كمعهد له تاريخ عريق.

هذا المعهد العريق بات وسيلة للعديد من اليمنيين، الذين يرغبون في تنمية مهاراتهم ومواهبهم الفنية المدفونة، وأصبح مركزا حيويا في تحويل مشاعر المجتمع من اتجاه مأساة الوضع العام، إلى واقع الفن الذي يحمل معالم الجمال والسلام.
انتصار محمود -إحدى الطالبات اللاتي التحقن بمعهد جميل غانم في قسم الفنون التشكيلية- التحقت بالمعهد من أجل تنمية موهبة الرسم لديها التي أحبّتها منذ سنوات، حسب وصفها.

تقول انتصار “لدي موهبة في الرسم، ظلت مدفونة لفترة طويلة، وسمعت عن معهد جميل غانم للفنون الجميلة والتحقت به”.
مواهب ومهارات تتغلب على الإمكانيات البسيطة  مواهب ومهارات تتغلب على الإمكانيات البسيطة  وأوضحت أنها استفادت من خبرات معلمي المعهد في قواعد الرسم، على الرغم من افتقار المعهد إلى مواد تساعد على تأدية الرسم بالشكل المطلوب. ولفتت إلى أن الجانب الثقافي جزء مهم في المجتمعات المتطورة، غير أن هناك تهميشا لذلك في اليمن.

وتابعت “رغم أن هناك من التحق بالدراسة في المعهد في أقسام عدة، غير أن الإقبال في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها اليمن، يؤكد أنه ليس كافيا حتى الآن”.

وشكت من أن المعهد يعاني من إمكانيات شحيحة جدا، معبرة عن أملها في أن تساعد الجهات الحكومية إدارة المعهد على توفير الإمكانيات المادية والمعنوية، ما يسهم في المزيد من الإقبال على الالتحاق بهذا الصرح الثقافي المهم، كون الفن جزءا حيويا من حضارة الشعوب.

وتقول انتصار الحاصلة على بكالوريوس في علم الاجتماع، تخصص إرشاد تربوي، إنها “تتطلّع إلى إدماج موهبتها في الرسم، مع تخصصها الجامعي، وأن تصنع أسلوبا جديدا لتعزيز وتحفيز الشباب والأجيال الصاعدة على إصلاح الأوضاع الاجتماعية في اليمن”.

ومضت بالقول “أريد أن أخدم مجتمعي، ولهذا يتعين علي أن أعمل من أجله في مجال تخصصي وموهبتي”.

وحول الوضع العام في اليمن، أشارت إلى أن الوطن يعاني ظروفا مريرة، مستدركة “لكن نفوسنا الطيبة والقلوب الصادقة، ستجد بطريقة أو بأخرى وسيلة لإنقاذ المجتمع اليمني من تلك الهاوية، من خلال الفن والثقافة”. دراسة الفن في مجالاته المختلفة، تكشف أن السكان اليمنيين يحرصون على أن يعيشوا في واقع إيجابي، بعيدا عن سلبيات الحروب وآلام الصراعات.

وفي هذا السياق، يقول المواطن اليمني عرفات عبدالله “إن السكان اليمنيين، في الغالب يعشقون الفن ويحرصون كثيرا على العيش مع الفنون في شتى مجالاتها، رغم كل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد”.

ويضيف أن “هناك نهما كبيرا لدى العديد من السكان في تعلم الفنون وإتقانها، سواء الموسيقى والغناء أو الفنون التشكيلية، غير أن الظروف القاسية التي يمر بها اليمن تحول دون تحقيق أحلامهم في العيش مع الفنون”.

ولفت إلى أن الظروف المعيشية الصعبة جعلت العديد من اليمنيين يركزون كثيرا على كيفية جلب الأشياء الأساسية لأسرهم، مع إنشادهم وغنائهم كلما سنحت لهم الفرصة.
ويختم “المواطن اليمني يحمل البساطة والطيبة في شخصيته، ويتوق كثيرا إلى العيش في ظروف الحب والسلام والفن، لكن للأسف أتت الظروف بما لا تشتهيه قلوب اليمنيين”.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى