منطقة «رباط باعشن» بدوعن بين النسيان والتخاذل.. فإلى متى؟

> تقرير/ يوسف عمر باسنبل

>
تقع منطقة «رباط باعشن» في أقصى وادي دوعن الأيمن، وتُعد من أكبر مدن وادي دوعن، وتقع على بعد 200 كيلومتر شمالي مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، ويقدر عدد سكانها بأكثر من 15 ألف نسمة، وأغلبهم يعيشون تحت خط الفقر، ويعيشون حياة البساطة، يمارسون حياتهم اليومية بشكل اعتيادي، فتجد أسواقهم، كالعادة، تعج بالباعة والمشتريين من داخل الرباط وخارجها وخصوصا في سوق الجمعة الصباحي.

وتعتبر منطقة «رباط باعشن»، مسقط رأس العديد من بيوت المال المشهورة في المملكة العربية السعودية، وخرج منها الكثير من المشاهير.

وما أن تزور منطقة «رباط باعشن» بوادي دوعن الأيمن، وتتجه إلى «جور بحمد بمنوة» إلا وتجد أكواما من الطين المتكورة بعضها على بعض، حيث سيبقى الرابع من ديسمبر لعام 2011م، محفورا في ذاكرة أبناء المنطقة، الذين استيقظوا حينها على خبر سقوط 40 منزلا في جور بحمد بمنوة بالرباط، بسبب انزلاق صخري للركام الناتج عن عدم استقرارية الصخور بعد وصول زاوية الاحتكاك إلى الصفر، مما أدى إلى هذه العملية نتيجة لتشبع الركام بالمياه العادمة ومياه الأمطار والتصريف العشوائي لمياه الصرف الصحي، وصارت حينها رباط باعشن مادة إعلامية دسمة لمختلف الوسائل الإعلامية.

واليوم، وبعد مرور سبع سنوات عجاف لم يتغير من الوضع شيء، وظل الوضع على ما هو عليه، ولم يلتفت إليها أحد.
«الأيام» بدورها، تنبش الذكريات من جديد بعد مرور 7 سنوات على الحادثة، وأعدت تقريرًا مفصلًا عن المنطقة.

الأحد المشؤوم
كارثة يوم الأحد 4 ديسمبر لعام 2011م، ستبقى في الذاكرة لسنوات عديدة، وذلك عندما شعر أهالي وسكان وادي دوعن والمدن المجاورة بحركة غير طبيعية تصاعدت بعدها كومة غبار كبيرة شوهدت من على مسافة بعيدة مما خلق حالة من الارتباك والرعب في أوساطهم، معتقدين وقوع المنطقة تحت هزة زلزالية، ليسقط على إثر ذلك أربعون منزلا.

ذلك اليوم سيبقى مخلدا في ذاكرة أبناء «رباط باعشن» و «دوعن» قاطبة بعد أن أعلنت السلطات المحلية في حضرموت «رباط باعشن» منطقة منكوبة داعية الحكومة والأشقاء والأصدقاء والدول المانحة ورجال المال والأعمال إلى تقديم كافة سبل الدعم لإغاثة المنطقة وإيواء المتضررين والمساهمة بإعادة أعمارها بعد سقوط 40 منزلا في جور بحمد بمنوة بالرباط، بحسب ما أكده الجيولوجي م.صلاح أحمد بابحير في تصريحات سابقة، بأن هذه الظاهرة «ظاهرة جيوهندسية وهي عبارة عن انزلاق صخري للركام الناتج عن عدم استقرارية الصخور بسبب وصول زاوية الاحتكاك إلى صفر، مما أدى إلى هذه العملية نتيجة لتشبع الركام بالمياه العادمة ومياه الأمطار والتصريف العشوائي لمياه الصرف الصحي».


وقال بابحير إن «هذه الظاهرة سبقتها مؤشرات في سابق الأيام ولم يتم التبليغ والإشعار من الأهالي للجهات المختصة ونتج عن الكارثة سقوط 40 منزلا وتشرد 18 أسرة».

وأوصى مدير الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية بحضرموت م. صلاح بابحير، في تقريره الذي أعده حينها، بعدة أشياء لمعالجة الكارثة، من بينها «استبعاد مصب المجاري (مياه الأمطار) من أعلى المنحدر ومنع التوسع أسفل المنحدر قبل أن تتم المعالجات الوقائية والإنشائية بمنطقة الدراسة ونشر الوعي بين المواطنين ومنع تصريف المياه العادمة باتجاه الانقطاعات بالمنحدر السفلي وإقامة شبكة مجاري وإزالة الأنقاض ورفعها من على الطريق وإزالة المنازل الآيلة للسقوط ورصف مجرى الماء الذي يأتي من أعلى المنحدر بهيئة ساقية بين المنازل».

وأكدت توصيات بابحير أن الموقع واقع في خطر قائم والتأكيد على أن جميع المعالجات المذكورة في التقرير بحاجة إلى تنفيذ على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن «مساحة الكارثة قدرت بأكثر من 300م × 200م، وتم تحديد مساحة أخرى إضافية للمساحة المجاورة كمنطقة خطر ولازالت المنطقة إلى اليوم لم يتم إحداث أي تغيير أو محاولة لانتشالها مما حل بها».

المجاري تهدد المنطقة
ويقول المواطنون بالوادي إن «فور وصولك إلى أقصى وادي دوعن الأيمن، قاصدا منطقة رباط باعشن، ترى أن مياه المجاري تجري في وسط الوادي عيني عينك، وبالقرب من الخط العام على مرأى من الجميع في منظر يخدش جمال وطبيعة وادي دوعن الجميلة، بالإضافة إلى أنه يؤكد استحقاق منطقتنا لمشاريع مجاري وصرف صحي على وجه السرعة رغم إقامة مشاريع مجاري في مناطق أخرى من الوادي بدعم من منظمات خارجية لكن تركوا المجاري تستقبل الزائر لمنطقة الرباط».


وأضافوا لـ«الأيام»: «أضف إلى ما سبق ذكره انتشار مخلفات القمامة، حيث تشتهر منطقتنا بإقامة الأسواق الشعبية الأسبوعية واليومية وهي في أمس الحاجة لمشروع مجاري ولازالت المنازل الواقعة تحت المنازل المهدمة تحت خط الخطر، لأن مياه المجاري للبيوت التي تقع أعلى البيوت المهدمة (والتي يتجاوز عددها 30 منزلا)، وتصب المجاري فوق الركام الأمر هذا يحدث منذ وقوع الكارثة، ولم يتم إيجاد حلول سوى مقترح بسيط بتحويل قصبة المجاري بعيدا عن اتجاه المنازل وجعلها تصب في مكان آخر من الركام وهو ليس العلاج، لأن المرض لم يستأصل، حيث يجب إبعاد مياه المجاري عن مكان الهدم، وهذا ما أكده تقرير المهندس صلاح بابحير، حتى لا يفجع الجميع بكارثة أخرى نكون نحن سببا فيها نتيجة الإهمال».

الحاجة لشبكة صرف صحي
منطقة «رباط باعشن»، والتي تعد من كبرى مناطق وادي دوعن، تستحق شبكة مجاري وصرف صحي أسوة بغيرها من المناطق التي اُقيم فيها شبكات مجاري وصرف صحي بتمويل من منظمات خارجية حيث إن مياه المجاري تصب حاليا في مجرى الوادي عند مدخل المنطقة بعد أن كانت مخفية وتم قبل حوالي 4 سنوات جلب أنبوب لتوصيل المجاري إلى مجرى الوادي بعد أن كان مخفيا، وهذا دليل على أن هناك أحياء أخرى لا أحد يعلم أين تصب مياه مجاريها وهنا مكمن السر لأن أصحاب المنازل كلٌ يعمل على إخراج المنازل بعيدا عن منزله ويربطها بالمنزل المجاور وهكذا دواليك دون أن يعرف أحد إلى أين نهايته، لذا ربما تتكرر الكارثة مرة أخرى كون الرباط منطقة مأهولة بالسكان، حد تعبيرات عدد من السكان بـ «رباط باعشن».


مواطن مات حسرة على منزله
يقول المواطنون في منطقة «رباط باعشن»: «إن المواطن أحمد علي سالم باحسين، وهو أحد المواطنين الذين تهدمت منازلهم، إنه قبل الهدم بأشهر اشترى أحد المنازل وقام بالبناء فيه وإصلاحه ليعيش فيه مع إخوانه (4 أسر)، لكن قضاء الله وقدره شاء أن يتهدم منزلهم مع باقي المنازل», وأشاروا، في سياق أحاديثهم لـ«الأيام»، إلى أنه انتقل للعيش في منطقة عورة، وينتظر التعويض ليقوم ببناء منزل بدلا من منزله المهدم مع أنه لم يلتفت إليهم أحد سوى في أيام الكارثة الأولى بعد أن حصلوا على الدعم من الجمعيات والمؤسسات، أو بعد ذلك، ليصبح جميع سكان المنطقة منسيين».

واستطردوا «فارق المواطن أحمد باحسين الحياة بعد مرور ثلاث سنوات على الهدم حسرة على ما حصل له وإخوانه».

تساؤلات
وبعد مرور كل هذه المدة دون أي تدخل من أحد تبرز عدة تساؤلات، منها من المتسبب في عدم حصول السلطة المحلية بمديرية دوعن على نسخة من التقارير الصادرة بعد الكارثة عن الجهات المختصة لمعرفة ماذا يجب القيام به؟ وهل تم نسيان كارثة الهدم في الرباط؟ ولماذا لم يتابع أحد أمرها؟ ومن المسؤول عن عدم رفع الأنقاض وركام المنازل المهدمة؟​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى