«مستشفى الصداقة» في عدن مهدد بالإغلاق.. فمن المسئول؟

> تقرير/ وئام نجيب

> يعد مستشفى الصداقة التعليمي العام الواقع في مديرية الشيخ عثمان بالعاصمة عدن، من أقدم المستشفيات التي تم بناؤها في مدينة عدن، حيث يعود تاريخ بنائه إلى عام 1977م، ويتوافد إليه أعداد كبيرة من المواطنين سواء من النازحين أو الوافدين، إلى جانب سكان مدينة عدن.
ويُصنف مستشفى الصداقة كمستشفى مركزي، وكان سابقًا يعرف بـ“مستشفى الأمومة والطفولة”.

«الأيام» سلطت الأضواء على أهم الصعوبات التي تواجه المستشفى، والمشاكل التي يعانيها المرضى، بالإضافة إلى تسليط الضوء على مشفى “النساء والولادة”، الذي يستوعب نساء من مختلف المحافظات اليمنية.

مشاكل عدة
مصدر طبي عامل في مشفى "النساء والولادة"، أكد لـ«الأيام» أن “المشفى يعاني نقصا في غالبية المستلزمات الضرورية كمواد النظافة، ونقصا في الطاقم التمريضي والطبي، لاسيما وأن غالبيتهم من المتعاقدين والمتطوعين”.

وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن نفسه “ناهيك عن وجود بيارات الصرف الصحي بالقرب من القسم، وهي مفتوحة، وعندما يأتي عمال الصرف الصحي يقومون على إصلاحها ولكنها سرعان ما تعود إلى ما كانت عليه، بسبب انعدام المعالجة الجذرية، وقد بلغ الإهمال في المشفى إلى وصول فيضان المجاري إلى داخل غرفة العمليات”.

تكدس القمامة مياة المجاري بالساحة الخلفية لمشفى النساء والولادة
تكدس القمامة مياة المجاري بالساحة الخلفية لمشفى النساء والولادة

وتابع “يصل أعداد النساء التي تأتي للمشفى للولادة في الفترة الصباحية إلى 15 حالة، ويوجد في المشفى 5 أدوار، وما يتم العمل فيه 4 أدوار فقط، وهذا سبب لنا ضغطا كبيرا”.

واستطرد “القسم يعاني من نقص في السعة السريرية، حيث يتراوح أعداد الأسرّة المتواجدة في غرفة (ما قبل الوضع) ما بين 10 إلى 12 سريرا، وأحيان يصل الأمر إلى ترقيد ثلاث أو أربع حالات في سرير واحد، أما عن الأسرّة الخاصة بالتوليد فلا يتجاوز عددها ثلاثة أسرة”.
وأشار إلى أنه “نتيجة عدم كفاية عدد الأسرّة الموجودة لدينا في القسم تضطر أحيانا الطبيبة أو القابلة إلى توليد النساء على الأرض”.

إهمال وتجاوزات
وأردف “هناك أقسام لابد من ترميمها، وأن تكون منفردة وليست داخل غرفة الوضع، حيث لابد أن تكون غرفة الوضع منفصلة عن غرفة ما قبل الوضع، بخلاف ما هو عليه الآن”.
صالة انتظار بمشفى النساء والولادة
صالة انتظار بمشفى النساء والولادة

وقال “كانت توجد في القسم غرفتان، وفي كل غرفة 3 أسرّة، ولكن عندما تم إهمال المشفى، تم إغلاق بعض الأقسام، كما أن غرفة العمليات الطارئة تتواجد داخل غرفة الوضع وهذا خطأ، كون أنها يجب أن تكون منفردة كما كان سابقا”.

وأضاف “هناك تجاوزات تحدث في القسم مثل وجود بعض الممرضات اللآتي يعملن على ابتزاز أهل المريضة من خلال إرسالهم إلى أحد المختبرات والصيدليات الخارجية بمقابل نسبة معينة للمرضة، ناهيك عن خلو بنك الدم من الدم، مما يضطر أهالي المريضة إلى أن يأتوا بقربة دم مع المريضة، وذلك يشكل خسارة على ذويها”.

أقسام مغلقة في مشفى النساء والولادة
أقسام مغلقة في مشفى النساء والولادة

وتابع “مستشفى الصداقة بأكمله يحتاج إلى ترميم كلي، مع عدم كفاية الميزانية، وهناك عدة زيارات قامت بها الجهات المعنية، وقدمت خلال زيارتها عدة وعود لتحسين وضع المشفى لكن دون تنفيد، وحالياً المستشفى يعمل على ما تقدمه المنظمات التي هي الأخرى لا تدعم بكل شيء”.
وتساءل المصدر أين هو دور وزير الصحة من هذه المعمعة؟

مدير المستشفى يوضح
وللرد عن كثير من التساؤلات التي تلوح في الأفق التقت «الأيام» بمدير مستشفى الصداقة التعليمي العام د.رمزي عليوة، الذي أكد أن “مستشفى الصداقة يعاني من شحة في الكادر التمريضي، فيما نسبة كبيرة منهم متعاقدون ومتطوعون والبعض الآخر على وشك التقاعد”.
د.رمزي عليوة
د.رمزي عليوة

وقال عليوة: “عندما استلمنا الإدارة كان في المستشفى أقسام غير مؤهلة على الإطلاق، وقسم النساء والولادة كان مهملا، وقبل حوالي شهر تم افتتاح قسم ما بعد الوضع وتم إدخال 10 أسرّة فيه، ونحن بصدد نقل الأطفال (الخُدج) وحديثي الولادة من قسم الأطفال إلى مشفى النساء والولادة ليكونوا قريبين من غرفة العمليات والولادة، كما توجد الحضانات بقسم الأطفال وهذا خطأ، ونحن في انتظار أن تبدأ منظمة الصحة العالمية في تأهيل القسم، كما نعمل على إجراء 250 عملية قيصرية بالشهر الواحد، ناهيك عن وجود نقص في عدد الأسرة”.

ميزانية هزيلة
حمام خاص بمشفى النساء والولادة
حمام خاص بمشفى النساء والولادة
وأشار عليوة إلى أن مخصص المستشفى بأكمله لا يفي بالغرض، حيث إن “ميزانية مستشفى الصداقة هزيلة جداً وتقدر بـ11 مليونا ومئتين ألف ريال شهريا، علما بأن هذه الميزانية معتمدة منذ عام 2011م، وفيما يخص ميزانية الصيانة فهي صفر، فيما لا تتجاوز ميزانية النظافة الـ 825 ألف ريال شهريا، وهذا المبلغ قمنا بتحويله إلى موظفين المستشفى نظرا لكثر الطاقم، ونقوم بأخذ مواد النظافة من المنظمات والجمعيات، علما بأنه لا توجد شحة بمواد النظافة، وهناك من يتهم مشفى النساء والولادة بعدم النظافة وهذا غير صحيح، وإن وجد فيتحمل مسؤوليته بعض المرضى ومرافقيهم”.

وأكد أن النظافة ستظل مشكلة مشفى النساء والولادة كونه يكثر فيه الحركة، وذلك يعود على سلوكيات الناس، حد تعبيره.
وتابع “منظمة IMC قامت بتأهيل جميع الحمامات في المستشفى منها الحمامات الموجودة في قسم النساء والولادة، كما تم تأهيل غرفة العمليات”.

توفير حراسة مدنية
وأردف “يتحمل المواطنون جزءا من المشكلة، نتيجة للاعتداءات والتهديدات التي يتعرض لها الأطباء والممرضون في المستشفى، ما دفعنا إلى الاستعانة بحراسة مدنية قبل حوالي شهر، من خلال التعاقد مع شركة، ويبلغ عدد الحراسة 18 حارسا مدنيا (بنات وأولاد)، ويعملون على مدار الساعة، وأقوم بدفع 650 ألف ريال للشركة شهريا”.

واستطرد عليوة “طفح المجاري في المستشفى بين الحين والآخر، بسبب أن النظام الداخلي لمجاري المستشفى مهترئ وبحاجة إلى إعادة تأهيل، وفي بعض الأحيان يكون ناتجا عن تخريب متعمد من قبل موظفين فقدوا مصالحهم، حيث أني منذ أن توليت إدارة المستشفى حدث حريق 3 مرات في مواقع متفرقة من المستشفى، وعند نزول فرق التحقيقات في البحث الجنائي يفيدون بأن الحريق ناتج عن عطب سيجارة”.


مديونية بـ 100 مليون ريال
وأكد مدير مستشفى الصداقة د.رمزي عليوة أن “بند الأدوية الخاص بالمستشفى بشكل عام محدود، لا سيما وأن المستشفى عليها مديونة بـ 100 مليون ريال، منها ديون للمؤسسات والمحاليل والتغذية والمقاولة، حيث إن الأدوية المتوفرة بالصيدليات الخاصة بالمستشفى تنفذ بشكل سريع، بسبب احتياجات المرضى خاصة الفقراء، ويتم صرف الأدوية المتوفرة لدينا بشكل مجاني، ناهيك عن أن الضغط على المستشفى شديد جداً، وفيه ثمانية أقسام كبيرة، وهي أشبه بالمدينة الطبية، حيث يوجد فيها (قسم باطني، نساء وولادة، أطفال، وبائيات، غسيل كلوي، إيدز، صحة إنجابية، وأورام سرطانية)، ويتردد إليها الآلاف من المرضى، وغالبيتهم من الطبقة الفقيرة، وتوجد لدينا عدة إعفاءات للنازحين وللفقراء”.

وقال “بالرجوع إلى مشفى النساء والولادة فإننا نأتي بعلاوة النوبة للعاملين مما يدفعه أهالي المرأة المريضة التي يطلق عليها (مساهمة المجتمع)، وقد تصل علاوة النوبة للموظفين العاملين في المستشفى بأكمله إلى 6 ملايين ريال ونصف شهريا”.

سلوك منذ القدم
وعن ابتزاز بعض الممرضات لأهالي المريضة أكد عليوة “لا ننكر بأن هذا السلوك موجود منذ الثمانينيات، وبالفعل هناك فئة لا تخاف الله وهي متواجدة في جميع المستشفيات، حيث إن الكفاءة والضمير لا يعلمهما إلا الله وحده، كما أننا قمنا قبل حوالي شهر بتفعيل لجنة شؤون العاملين، ومهمتها استقبال شكاوى الناس ضد أي شخص لاتخاذ اللازم ضده، وبالفعل تم رفع أسماء إلينا وقمنا بالاستغناء عن 2 من الممرضين، كما يوجد لدينا أطباء مجتهدون يعملون بضمير رغم أنهم يعملون في ظروف صعبة”.

قرار مركزي
وفي سياق حديثه، أوضح عليوة أن “هناك عدم كفاية بالأقسام، علماً بأن المستشفى يسعى إلى أن يعمل بالإمكانيات المحدودة، وسيظل يعاني إلى أن يتم عمل حلول للميزانية المخصصة له، حيث إن مكتب الصحة ووزير الصحة يقومان ببذل جهد لرفع توصيات بذلك، ولكن القرار يتعلق برئاسة الوزراء والمالية، حيث إن رفع ميزانية المستشفى بحاجة إلى قرار مركزي، ولن يستقيم المستشفى إلا برفع ميزانيته، ومتى ما تم رفعها سيكون مجانيا أكثر لأن الميزانية ستساعده على ذلك”.

المدخل الخاص بمشفى النساء والولادة
المدخل الخاص بمشفى النساء والولادة
وقال “يوجد لدينا قرب دم في بنك الدم الخاص بقسم النساء والولادة، كون الأمر يتعلق بحياة الناس، ولكنه يحدث بأن يتم طلب أهالي المرأة المريضة بإحضار دم كاحتياط، لتفادي أي طارئ، وفي حال لم تحتاجه المريضة فإننا نعمل على بقائه في بنك الدم تحسبا لمجيء امرأة فقيرة تحتاج لدم ويمنع بيعه في القسم”.

وأضاف “أحيانا يحدث أن يكون فوق السرير الواحد أكثر من امرأة حامل بسبب نقص الأسرة في قسم النساء والولادة وعدم قدرتنا على رفض استقبال أي امرأة، وتكمن المشكلة ليس في عدد الأسرّة وإنما في ضغط المرضى، وقد حدث بأن توضع المرأة في الأرض كونها حالة طارئة في غرفة طوارئ للولادات”.

تغييرات
وتابع “جهاز (CBC) الخاص بالفحص الشامل للمرأة الحامل متواجد معنا في المختبر الخاص بقسم النساء والولادة.. صحيح بأنه يتعطل ولكننا نصلحه ويعود ليعمل، كما أن الدور الثالث في قسم النساء والولادة مغلق، وحالياً يتم إعادة تأهيله شيئاً فشيئا، وعند عطب أي شيء من المستلزمات الكهربائية نتوجه إلى المسئولة عن المساهمة المجتمع ونأخذ منها مبلغا لتغطية ذلك”.

وأردف “أجرينا عدة تغييرات منذ تولينا إدارة المستشفى، نوجزها بالآتي (كان المسئول عن التقارير الطبية شخص مزاجي، فقمنا بسحب المهام منه، والمجيء بسكرتيرة خبيرة لديها ختمها وتوقيعها، علما بأن أي تعريف لدينا لابد أن يتم توثيقه تفاديا لحدوث أي تزوير، وقد تم ضبط ذلك، كما أننا عملنا على تغيير مشرف التمريض، وقمنا بإغلاق القسم الداخلي الذي كان ينام فيه الممرضون وأصدقاؤهم، حيث كان الممرضون والأطباء المناوبون يشكون من تهديدات من أقرباء المرضى مما دفعنا إلى توفير الحراسة المدنية، التي ساعدت على ترتيب الوضع”.

وقال عليوة “وفيما يخص كرت المرافقة التي يتم قطعه في مشفى النساء والولادة فقيمته للأطفال 500 ريال، وللكبار 1000 ريال)، وهذا يساعد على تفعيل بند المساهمة، وهذا الكرت يفيد بتعرف الحراسة على أهالي المريضة، لاسيما وادعاء البعض بالكذب ويدخل إلى قسم النساء مدعياً صلة قرابته بإحدى المريضات، والغرض من هذا الكرت الحد من دخول أي شخص، وهذه المبالغ التي يتم تحصيلها من المرضى تأتي لصالح النازحين والفئة الفقيرة، والضغط شديد على مشفى النساء والولادة”.

مسئولية كبيرة
وأشار عليوة إلى أن “مشاكل مستشفى الصداقة عديدة، وتتمثل في وجود 23 مجرى للمجاري مفتوح، إضافة إلى انسدادات المجاري، وفيما يتعلق بالكهرباء فإنه يوجد خطان وفي حال انقطعت الكهرباء عن المستشفى سيشكل ذلك خطرا كبيرا، ونحرص أن تكون الكهرباء شغالة على مدار الساعة من خلال المولدين الكهربائيين المتواجدين بالمستشفى”.

وقال “لا يهمني أن يأخذ أهالي المريضة أي دواء من الصيدليات ولكن ما يهمني هو توفر الكهرباء وضمان تشغيل المولدات حال انقطاعها”.
وأضاف “تحمل إدارة المستشفى مسئولية كبيرة، حيث إنها منذ بداية بنائها كانت مخصصة للأمومة والطفولة فقط، ولكنها الآن تشمل غالبية التخصصات”.

وتابع “وفيما يخص رواتب عمال النظافة فإنها لا تتجاوز الـ 20 ألف ريال شهريا، وأعلم بأنه لا يكفي لكن البند المتوفر لدينا لا يسمح برفعه، كما أنه يوجد لدينا نقص في عمال النظافة، ولا نستطيع المجيء بالمزيد منهم بسبب نقص الميزانية، ناهيك أن الكادر الطبي والتمريضي المتوافر لدينا غير كافٍ، وغالبيتهم من المتعاقدين، وتصل رواتبهم وعلاوة النوبة إلى 12 مليونا شهرياً، وتُصرف من ميزانية المستشفى”.

واختتم مدير مستشفى الصداقة د.رمزي عليوة حديثه لـ«الأيام» بالقول: “المستشفى بحاجة إلى ميزانية تشغيلية أكبر، أي بما يقدر أربعة أو خمسة أضعاف ما نحصل عليه، إضافة إلى حاجته لتأهيل موظفين جدد وتأهيل وتفعيل الأقسام، وتأهيل المستشفى بشكل عام، فلو استمر المستشفى بهذا الحال من نقص في الميزانية سيتم إغلاقه”.

تكاليف متراكمة
من جانبهم، قال مواطنون، من أهالي المرضى، لـ«الأيام» إن “هناك تجاوزات عدة تحصل في قسم “النساء والولادة”، حيث يقولون لنا بأن نأتي بالأدوية الخاصة بالمريضة من الصيدليات المتواجدة خارج المشفى رغم توافرها في الصيدليات الخاصة بالمشفى، كما أن المرافقة التي تأتي مع المرأة التي ستوضع يجب عليها قطع (كرت مرافقة) بألف ريال، في حين تبلغ تكلفة الولادة الطبيعية 10 آلاف ريال، و20 ألفا للولادة القيصرية بدون قيمة الأدوية، ولا نبالغ بأن نقول إن المشفى تحول من حكومي إلى خاص”.


وأضافوا “لا يوجد اهتمام بالمريضة، وكل التعامل بالمال، ناهيك عن عملية الابتزاز التي تقوم بها الممرضات تجاه أهالي المريضة، بالإضافة إلى أننا سمعنا من عاملين في المستشفى بتواجد قرب الدم في بنك الدم الخاص بالقسم ومع ذلك فإنهم يطلبون من أهالي المريضة جلب قرب الدم من الخارج”.

شكاوى متطوعات
بدورهن، قالت مجموعة من النساء المتطوعات في قسم “النساء والولادة”: “لنا أكثر من عشر سنوات، وحتى يومنا هذا لم يتم التعاقد معنا وكل ما نتحصل عليه شبه راتب لا يتجاوز الـ 10 آلاف ريال شهرياً، وبدون أي علاوات أو زيادة رغم مجيء منظمة عملت على تخصيص مبالغ لتُصرف كعلاوات لكافة العمال في القسم، في حين قام العاملون على القسم بالاختيار بحسب المحسوبية والمحاباة”.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى