مدرسة الشهيد «فيصل منصر» بالضالع.. طلابها يفترشون الأرض

> ​تقرير/ طه منصر

>
 تُعد مدرسة الشهيد فيصل منصر الموحدة، التي تقع في منطقة خلة بمديرية الحصين شمال محافظة الضالع، صرحًا علميًا شامخًا تخرج منها كوكبة كبيرة من الكوادر التعليمية في شتى التخصصات، ويعود تاريخ تأسيسها إلى عام 1972م.

وبعد حرب صيف عام 1994م تم طمس اسمها، قبل أن يعود اسمها السابق رسميا في عام 2016م، بقرار رسمي من محافظ الضالع السابق فضل الجعدي، بعد مطالبة شعبية واسعة من الأهالي بضرورة إعادة اسم المدرسة كما كان سابقًا قبل حرب عام 1994م، وكانت مدرسة “الشهيد أياد مثنى عبد الله” للبنات، جزء من مدرسة “الشهيد فيصل منصر الموحدة”، قبل الحرب التي شنها الحوثيون عام 2015م، وانفصالها عنها منذ ثلاثة أعوام.

مدرسة الشهيد اياد للبنات ازدحام في قاعات الدراسة
مدرسة الشهيد اياد للبنات ازدحام في قاعات الدراسة

مدرسة الشهيد فيصل منصر الموحدة كانت تنافس كثيرا من مدارس محافظة الضالع وتتفوق على كثير منها منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث تُعد المدرسة أكبر مركز امتحاني جامع في المديرية للشهادتين الأساسية والثانوية.
ورغم تاريخها العريق إلا أن المدرسة تعاني اليوم كثيرًا، حيث أنها تحتاج إلى ترميمات في مبانيها، بالإضافة إلى أنها تعاني نقصا في الأثاث المدرسية وفي المعلمين، كون هناك مدرسين متقاعدين لهم أكثر من أربعين عاما في السلك التربوي، وهم من يقومون بعملية تغطي النقص رغم ضعف النظر والسمع لديهم.

معاناة مستمرة
مدير مدرسة الأستاذ نصر المنصوب
مدير مدرسة الأستاذ نصر المنصوب
مدير مدرسة "الشهيد فيصل منصر الموحدة" نصر المنصوب قال إن "المدرسة قديمة وعريقة وهي مدرسة محورية تضم أكثر من مدرسة وعلى مدى سنوات منذ تأسيسها تعتبر مركز امتحان للنقل الأساسي والثانوي وتجمع أكثر من مدرسة في الامتحانات من عدد من مناطق المديرية، وتعاني من عدة صعوبات أهمها نقص في المعلمين في مادة الرياضيات للصف الثامن والصف التاسع، وخلال العامين الماضيين لم تدرس هذه المادة إطلاقا في المدرسة".

وأضاف "بالإضافة إلى ذلك فإن مادة اللغة العربية للصف التاسع تم نقل معلمها إلى مدرسة البنات، وكذا مادة الاجتماعيات كان لدينا مدرس لكن نُقل إلى مكتب التربية بالمحافظة دون إعطاء بديل".
وتابع "تعاني المدرسة من نقص في الكتب المدرسية، بالإضافة إلى أن عدد الطلاب الذي تجاوز الـ 620 طالبا فاق قدرة المدرسة الاستيعابية، ولا تستطيع أن تستوعب هذه الكمية بسبب عدم وجود فصول كافية، لأنه يفترض أن يكون فصلين إلى ثلاث فصول لكل مستوى ولكن نضطر لتدريس فصلين داخل فصل واحد".

ازدحام كثيف للطلاب داخل الفصل
ازدحام كثيف للطلاب داخل الفصل

واستطرد "بلغ خدمة بعض المدرسين منذ تأسيس المدرسة من 35 إلى 40 سنة، والبعض تقاعد لكنهم لازالوا يدرسون رغم أن لديهم ضعف في السمع والنظر ومشاكل أخرى، لهذا لا نستطيع أن نعطيهم حصصا كثيرة، لأن اللائحة تقول إن المعلم الذي تجاوز الثلاثين عاما له نصف النصاب".
وأشار المنصوب إلى أن “هناك معلمين مرضى أحدهم عنده العمود الفقري وهو الأستاذ عمر قحطان بن قحطان، ورغم أن منزله يبعد عن المدرسة حوالي 200 متر لكنه يستغرق ساعة كاملة حتى يصل إلى المدرسة، ولا يستطيع السير إلا بالعكاز".

وقال "هناك فصول دراسية بحاجة إلى ترميمات، بالإضافة إلى أننا نعاني عدة مشاكل، فنتمنى من الجهات المسئولة أن تنظر بعين العطف إلى هذه المدرسة التي تعد أول مدرسة بنيت في مديرية الحصين وكانت تجمع معلمين وطلاب من كل مديريات الضالع وعدن، كونها مدرسة عريقة وقديمة، ومدرسة محورية”.

انخراط الخريجين في السلك العسكري
من جانبه، قال مدير مكتب التربية في مديرية الحصين بالضالع نديم عبد الإله: “بالنسبة للنقص الحاصل في المعلمين في مدرسة الشهيد فيصل منصر الموحدة أو غيرها سبق وأن طالبنا بردفها بمتخصصين من خريجي التربية الذين التحقوا بالسلك العسكري في السنوات الأخيرة، نتيجة لعدم وجود وظائف منذ بعد الحرب وحتى اليوم”.

وأضاف لـ«الأيام»: “نحن إن شاء الله مستمرون في معالجة هذا الإشكال، ليس في مدرسة الشهيد فيصل منصر فحسب، بل في كل مدارس المديرية التي يوجد فيها نقص كبير، أما بخصوص الكتاب المدرسي فقد وصلتنا دفعة قليلة للصفوف من أول وحتى ثالث ابتدائي ولن نتوقف في المتابعة حتى توفير كل النواقص من الكتاب المدرسي وغيرها من الأثاث المدرسية”.

بسبب نقص الكراسي يضطر الطلاب للجلوس على الأرض
بسبب نقص الكراسي يضطر الطلاب للجلوس على الأرض

وعن تحويل معلمين من المدرسة ومدارس أخرى أكد نديم أن “التحويل يتم من مكتب المحافظة وليس لإدارة المديرية أي دخل بهذا”.
واستطرد “نتسلم أوامر وتوجيهات من مكتب التربية بالمحافظة ومن خلالها ننفذ، لكننا ضد هذه التحويلات إذا لم تكن لها بدائل فالعملية التعليمية أمانة في أعناقنا جميعا”.

وعن الوضع التعليمي وموقف النقابات من تدني العملية التعليمية، أضاف نديم “دورنا هو توفير حقوق المعلمين من أجل إنجاح العملية التعليمية والحصول على جودة تعليم، لكن ما تقدمه وزارة التربية عبارة عن فتات في كل شيء، ابتداء من رواتب المعلمين وانتهاء بحق طلابنا وفلذات أكبادنا من كتب ووسائل أخرى وكذلك الطباشير وعدم توظيف معلمين، لأن توقيف التوظيف له منذ عام 2011م، وتخيلوا حجم الكثافة في الطلاب وقلة المعلمين، وكل هذه العوامل ساهمت في إضعاف دور المعلم وتدني المستوى التعليمي”.

تقديم الدعم
بدوره، قال رئيس مجلس الآباء في منطقة خلة بمديرية الحصين مثنى جابر: “ما تعانيه المدرسة وبعض المدارس الأخرى من نقص في المعلمين سببه أن هناك معلمين محسوبين على مكتب التربية يستلمون مرتباتهم من التربية لكنهم في نفس الوقت يعملون بإدارات أخرى، وهذه مشكلة كبيرة نحملها بدرجة رئيسية مكتب التربية بالمحافظة ونطالبهم بحلها في أسرع وقت”.

مدرسة الشهيد فيصل منصر الموحدة
مدرسة الشهيد فيصل منصر الموحدة

وأضاف “نناشد الجهات المعنية والهلال الأحمر الإماراتي واليونيسيف وكل المنظمات الداعمة تقديم الدعم لمدرسة الشهيد فيصل منصر الموحدة التي نعتبرها المدرسة الأم التي تفرع منها عدد من المدارس في المنطقة، وهذا فخر نعتز به”.

معلمون يتحدثون
والتقت «الأيام» بعدد من المدرسين، بدأتها بمدرس الفيزياء علي حسين المفلحي، الذي قال: “خدمتي 42 عاما كمعلم في الشهيد فيصل منصر الموحدة، ورغم إحالتنا للتقاعد لكننا حرمنا من مستحقاتنا المكفولة، وقد أكملنا الخدمة لكننا لازلنا نعمل كمتطوعين في مدرستنا هذه التي أهملت من قبل السلطات الحكومية ومكتب التربية بالمحافظة”.

من اليمين الأستاذة منزلة ناجي والأستاذة فاطمة محرم والأستاذة حورية حمزة
من اليمين الأستاذة منزلة ناجي والأستاذة فاطمة محرم والأستاذة حورية حمزة

فيما أشار مدرس مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية عمر قحطان بن قحطان إلى أنه ظل في الخدمة منذ 38 عاما، وقال “بسبب المرض لا أستطيع اليوم المشي إلى المدرسة إلا بصعوبة وعلى عكازي هذا”.

أما الأستاذ عبد العزيز علي ناشر، فقال “أدرس في مدرسة الشهيد فيصل منصر الموحدة من قبل الوحدة، وأطالب الجهات الحكومية ووزارة التربية والتعليم والهلال الأحمر الإماراتي بإعادة تأهيل وترميم المدرسة العريقة، كما نطالبهم بإعادة الكتب التي تم سحبها مؤخرا ومنها كتاب (أنا أدرس)”.
من جانبهن، قالت معلمات في مدرسة الشهيد فيصل منصر الموحدة إنهن يدرسن في المدرسة منذ أكثر من خمسة وثلاثين عاما، واليوم يدرسن في مدرسة البنات، حيث وصلت خدمة بعضهن إلى أربعين سنة في السلك التربوي.
وطالبن الجهات المختصة بتلمس هموم المعلمين والمعلمات وإعطائهم مستحقاتهم، وتوفير الكتاب المدرسي وبعض النواقص الخاصة بالعملية التعليمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى