شخاوي.. المنطقة التي عزلها (لوبان) عن كافة متطلبات الحياة

> ​تقرير وتصوير/ نجيب المحبوبي

>
بعد أن ضرب إعصار (لوبان) محافظة المهرة مطلع أكتوبر الماضي، أكد مواطنون في اتصالات هاتفية مع «الأيام» بأن هناك قرية تقع بين محافظتي المهرة وحضرموت دمرها إعصار “لوبان”، لكن لم ينقل احد وضعها، ولم يغثها أحد، وحينها كنا نعتقد بأنها قرية على الطريق ولن يتطلب الذهاب إليها أي عناء أو مشقة، وعند وصولنا الى منطقة (حضاتهم) انتظرنا المواطن (الدليل) الذي سيدلنا على هذه القرية، وبالصدفة كان الدليل هو الكابتن علي العمقي، نجم الأندية المحلية والمنتخب الوطني.


صعدنا على متن إحدى السيارات متجهين الى تلك المنطقة، لكن سيارتنا كانت لا تستطيع العبور، فغيرنا سيارة مرتفعة ذات الدفع الرباعي، مكثنا ساعتين نسير بالسيارة في طرق وعرة بين وديان وجبال، وبدأنا نتعرف على المنطقة من قبل (الدليل) الكابتن علي العمقي، الذي قال لنا إن “وادي (شخاوي) التابع لمديرية الريدة الشرقية في محافظة حضرموت منطقة منكوبة، وعزلها اعصار (لوبان) عن كافة متطلبات الحياة”.
وأضاف “يعيش في منطقة (شخاوي) مئات الموطنين بين جبلين عظيمين”.

قوة الرجل اليمني
وأثناء رحلتنا الى منطقة (شخاوي) لم يكن الأمر سهلاً، وحينها عرفنا قوة الرجل اليمني القديم، فمنطقة (شخاوي)، منطقة قديمة عمرها آلاف السنين، ويعتمد فيها الانسان البسيط على زراعة النخيل، فالنخلة الوحدة هناك تعادل فرداً، لكن اعصار (لوبان) عصف بتلك القرية الصغيرة، وجعلها منطقة معزولة عن الحياة، فعندما عصف إعصار (لوبان) بمنطقة (شخاوي) انقطع عن الأهالي الطريق بسبب قوة الفيضان، ودمرت أغلب البيوت الطينية القديمة ولم يتبق لهم إلا المنازل الحديثة، كما دمرت الوحدة الصحية الوحيدة في المنطقة ودمرت المدرسة الوحيدة، وعزلت المنطقة عن آخرها، بل إن عيون المياه التي تعتبر المصدر الرئيسي لمياه الشرب لسكانها قد دفنتها الحجارة المتساقطة من أعالي الجبال وأصبح الأهالي  يشربون من المياه الراكد المتبقية في الوادي.. وجرف الإعصار الآلاف من أشجار النخيل في منطقة (شخاوي).

النخيل التي جرفها «لوبان»
النخيل التي جرفها «لوبان»

يقول أهالي المنطقة إنهم مكثوا أكثر من أسبوع دون طعام أو مياه نقية أو تواصل فشبكة الاتصال غير متوافرة هناك، والطريق مقطوع وكانوا يأكلون التمر والماء فقط.
والمشكلة الكبرى التي تعاني منها منطقة (شخاوي) هي أنها منطقة لا تتبع محافظة المهرة، وتركيز الإعلام والدولة كان على محافظة المهرة المنكوبة، رغم أن (شخاوي) ايضا منكوبة ولم يعرف عنها أحد أي شيء.

ويؤكد المواطنون أنه لم تصل أي قوافل إغاثية لهم غير الإغاثة المقدمة من فاعل الخير العمقي، بينما وفر مركز الملك سلمان الخيم للمنازل المتضررة فقط.

إعصار أول من نوعه
الحاج صالح مبروك العمقي، أحد كبار السن في وادي (شخاوي)، يقول لـ«الأيام»: “أبلغ الآن من العمر سبعين عاماً، لكن في حياتي كلها لم أشاهد أمطارا أو سيلا مثل الذي حصل لنا جراء إعصار (لوبان)، لقد كان الإعصار كبيرا ووصل الى مناطق لم يصل اليها السيل سابقا، لقد دمر الإعصار أراضينا، وجرف نخيلنا”.


وأضاف “في احد وديان المنطقة كان هناك الآلاف من النخيل لكن الاعصار جرفها كلها”.
وتابع الحاج صالح: “النخل هو الشيء الأساسي في حياتنا، فمصدر دخلنا منها واكلنا منها ونعيش منها هكذا تعلمنا من اجددنا بان النخل اساس الحياة”.

واستطرد: “نعاني من مشكلة كبيرة، وتتمثل في ان العيون (لاذي) كنا نعتمد عليها في مياه الشرب وقد دفنتها الاحجار المتساقطة من الجبال، واصبحنا نشرب من المياه الراكدة”.
وقال: “نتمنى من قيادة محافظتنا النظر إلينا، وأن يغيثونا فنحن مواطنون نعتمد في حياتنا على النخيل والآن لا نعرف كيف سنعيش”.

إغاثة (شخاوي)
من جانبه، قال المواطن سعيد محمد العمري، أحد مواطني المنطقة: “كنا نعتقد بأن منطقتنا لن يضربها إعصار (لوبان)، لكن الامطار كانت قوية جداً واستمرت لثلاثة ايام حتى صعدت مياه الاعصار الى مناطق عالية لم نكن نتوقع بانها ستصل اليها”.

الوحدة الصحية بعد أن دمرها إعصار «لوبان»
الوحدة الصحية بعد أن دمرها إعصار «لوبان»

وأضاف لـ «الأيام»: “دمر الاعصار جميع المنازل الطينية وكان الكل في حالة خوف، والجميع هرب الى غرفة صغيرة تقع في المسجد خوفا من مياه الامطار التي كانت تتساقط بكثافة ويسقط معها الاحجار الكبار، لقد مكثنا لمدة اسبوع لا نأكل غير التمر والماء حتى تم فتح الطريق لنا بجهود شخصية من احد المقاولين”.

التعليم في الخيام بعد أن دُمرت المدرسة
التعليم في الخيام بعد أن دُمرت المدرسة

وتابع المواطن سعيد: “منطقة (شخاوي) أصبحت منطقة منكوبة بكل معنى الكلمة، فالوحدة الصحية دمرت، والمدرسة ونخلينا جرفت”.
واستطرد: “أخيرا، أتمنى الاهتمام بسكان منطقة (شخاوي)، وأن يُنظر اليهم، فمنطقتهم منكوبة وهم بحاجة الى المساعدة والمساندة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى