لماذا يستهوينا الفن بتاع زمان؟

> محمد خليل القادري *

>
نسمع دائما هذه العبارة، لماذا يستهوينا الفن بتاع زمان؟ نقولها كلما سمعنا اي اغنية من اغاني الجيل الجديد، فهل الفن تغير  بفعل التغيرات التي طرأت علي العالم؟ ام ان متذوق الفن تغيرت مفاهيمه؟

ما اروعها لحظات تلك التي كان يلتمسها فنانو الأمس، لكي يرفهوا عن انفسهم، بتلك المعزوفات والموشحات التي تأتي بعفويتها وجمالها، والتي لا تحتاج الي اي محسنات صوتية.. فالآلات الموسيقية القديمة واداء المطرب بعفوية وبدون تصنع لا يحتاج لمحسنات.
كان الناس يذهبون للمسرح للاستماع لام كلثوم أو لفنانين آخرين.. ويقضون ساعتين او اكثر لسماع اغنية، من دون اي ملل.

بل كانوا يزدادون اعجابا  وشغفا مع الاعادة، وكانوا يزدادون حبا، حتى الوقوع في الحب في تلك الايام كان مختلفا.. كان من يقع في الحب يستمع لتلك الاغاني الراقية المعبرة عن الحب في اسمى معانيه، ويهديها لحبيبته، وبانحدار اغنية اليوم لحنا وكلمات، اختفى الحب الرومانسي الجميل والحب العذري والحب من اول نظرة والحب من بعيد لبعيد، وحب بنت الجيران لكن مع احترامها الشديد ومعرفة قدرها حق تقدير، ونظرة سريعة من الشباك كانت تحول المحب لشاعر، وخايف يزعل من تبقى اليوم من حبيبة.

وهكذا ظهرت ايضا عبارة الحب بتاع زمان، وهي عبارة تدل على انه افضل من الحب في هذه الايام، لما تميز به من نقاء وصفاء، و مواقف نبيلة.
إن ظهور العديد من الاجهزة والتقنيات المتطورة، والمحسنات الصوتية، قد اثر سلبا على الغناء بشكل مباشر، فتأثرت بذلك سلبا وبشكل غير مباشر، علاقاتنا الاجتماعية، لأن الفن الراقي يهذب الوجدان والاخلاق.

وقد ظهرت الاغنية الحديثة في مطلع الثمانينات والتسعينات، وهي تتميز بالاصوات الضعيفة لمغنيين غير موهوبين، فلم تعد الموهبة شرطا، وكذا بسطحية الكلمات الخالية من الشعر بمعانيه الجميلة والعميقة، وكذا بتفاهة الفكرة، لان التركيز الاول والاخير هو على الموسيقى الصاخبة والسريعة، التي تهتم فقط بالتحفيز على الرقص لدي المستمع، فالرغبة في تحريك الجسد، طغت على الرغبة في ملامسة المشاعر، وهنا تكمن المشكلة، لان الغناء لم يعد فنا وجدانيا، يعبر عن مشاعر الناس ويرتقي بها، اما اغنية اليوم التي لبست رداء الاغنية الشبابية، وكأن الشباب ليس لهم مشاعر تحتاج للتعبير عنها، فهي ايقاع راقص، والرقص يحتاج لايقاع فقط، اما النوع الهادئ منها، فأطلقوا عليه اسم الاغنية الرومانسية، وهي تجيب النوم، والحق ان كل اغنية عربية هي اغنية رومانسية، وتحديدا اغنية الأمس، والرومانسية مصطلح ادبي له علاقة بالشعر، وليس باللحن، وأين الرومانسية في كلمات أغنية اليوم؟
* رئيس فرقة (الشرق) للموسيقى

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى