مـآلات الحــرب لـم تنتـهِ بعـد.. الجوع والوجع يفتكان بنازحي الحسوة

> رصد/ فردوس العلمي

>
ما أقسى أن يعيش المرء مرارة النزوح والحرمان، ويقضي جل يومه في التفكير في كيفية أن يمضي يومه بسلام.
مرارة الألم ترسم ملامح ومعاناة أربعة أعوام على وجوه مواطنين ونازحين يقطنون في منطقة الحسوة بمديرية البريقة في العاصمة عدن، حيث يعانون صعوبة العيش ومرارة الحاجة، ويحاولون لملمت الجراح ونبذ الخوف للتأقلم مع واقع جديد فرض عليهم جراء النزوح.

هنا في الحسوة مازال المواطن (مهيوب) يتجرع مرارة الخروج من بيته في محافظة أبين لينتقل إلى مدينة عدن، حيث يسكن بمنطقة الحسوة في منزل يعاني مثله من ضيق الحال فقد تبرع لهم فاعل خير بالسكن ومنحهم إياه بدون إيجار.

منزل العم مهيوب
منزل العم مهيوب

وقف العم (مهيوب) بقدم ترتجف وبصوت خافت يكاد لا يسمع، وكان يردد «أنا مريض أنا مريض» آملا أن يستجيب أو يسمع صوته أحد المارة.

كان العم (مهيوب) يقف بصعوبة فلم تعد قدماه تقويان على حمل جسده النحيل الممتلئ بجروح الوجع.

أب وابنته مصابان بالجلطة
المواطن (مهيوب حسن عبد الله)، تجاوز عمره العقد الثامن، رسمت التجاعيد على وجهه واقع حال يعيشه، يقول: «أنا مريض أعاني من جلطة ليس لي معين غير الله، وابنتي أيضا تعاني من جلطة»، فجأة صمت لعله يتذكر الحديث فلم يقوَ على مواصلة الكلام ونظراته تقول ألف كلمة ممزوجة بوجع ومرارة الحاجة.

سألنا العم (مهيوب) من أين جئت؟، فلم يرد، لعله لم يستوعب السؤال، فكررنا السؤال بصيغة أخرى «هل أنت نازح؟»، وبعد صمت طويل رد بصوت موجوع قائلا: «أنا من أبين ووصلت إلى عند ابنتي هنا في الحسوة لتعينني، وأنا هنا من أيام الحرب، لكن وجدت ابنتي أيضا مريضة مثلي وتعاني من جلطة وهي تحتاج من يعينها».

الحاجة لكرسي متحرك
فتحية ابنة العم (مهيوب)، كانت تجلس على مقعد متحرك، قالت «عندي جلطة في الدماغ سببت لي شللا نصفيا في الجهة اليمني».

وأضافت لـ«الأيام»: «أنا بحاجة لكرسي متحرك يعينني على الحركة، واستخدم كرسي أعارني إياه الناس، وأحتاج لعمل أشعة مقطعية وليست عندي إمكانيات لعملها».

وتتحدث بألم «نحن محتاجون كل شيء فأنا أتناول علاج الضغط على معدة خاوية، ولا يوجد لدينا راشان في البيت وأولادنا بلا عمل».
وتابعت: «نحن أسرتان نعيش في منزل واحد على باب الله، ومالك المنزل جعلنا نسكن بدون إيجار جزاه الله خيرا».

واستطردت: «أبي رجل كبير بالسن يعاني من جلطة وارتفاع الضغط ومرض القلب ومحتاج للعلاجات».

أربع أعوام من وجع النزوح
من جانبها، تقول (أم وهيب): «نزحت من منطقة وادي القاضي في تعز عقب الحرب واستقر بنا المقام في مدينة الحسوة، ونعيش في منزل تبرع به فاعل خير، والحمد لله على كل حال».


وعن واقعهم المعاش أضافت لـ «الأيام»: «الحمد لله الأولاد صح بلا عمل، لكنهم يعملون في مهن عضلية، ويستخرجون قوت يومهم».

و(أم وهيب) هي أم لعشرة أبناء خمسة متزوجون وخمسة مازالوا تحت وصيتها.

14 ولدا بلا معيل
وتابعت: «كنا سبع أسر نزحنا من تعز هربا من الموت، فلم تتحمل الأربع الأسر مصاعب النزوح وعدم وجود سكن فعادت أسرة إلى موطنها وبقينا نحن ثلاث عائلات، ولم نتمكن من الرجوع لضيق الحال، ونحن هنا مشردون وأيضا هناك».

واستطردت: «لم نحصل على الإعانة الكافية، حيث زارونا أصحاب الإغاثة أول ما نزحنا وبعدها لم يأتي الينا احد، وعندما ذهبنا اليهم كانوا يسجلوا في المدرسة ومنحونا شنطة (حقيبة) فيها أدوات نظافة».
وقالت: «أعطوا البعض فرش وبطانيات والبعض الآخر لم يتحصل على شيء».

أم وهيب مع أحفادها
أم وهيب مع أحفادها

في منزل أم وهيب حاليا خمسة أبناء وتسعة أحفاد ليس لهم معيل ولا دخل ثابت، وتقول عنهم (أم وهيب): «نحاول قدر الإمكان أن نعيش يومنا وندرج الأطفال في المدارس، فبعضهم يدرس صف رابع والآخرين تم تسجيلهم لكن لا نملك الزي المدرسي ولا الحقيبة وعلى الله ربي بيفرجها من عنده».

ختاما، تجد في منطقة الحسوة عنوانا بارزا يخبرنا أن البؤس والشقاء طاب لهما المقام، ورغم ذلك تجد القاطنين يرحبون بالضيف ويمنحوهم بيوتا دون إيجار، ويعتبرون كرم الضيافة وإغاثة الملهوف واجبا إنسانيا يجب ألا ينقطع بين البشر.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى