على خطى المؤتمر التأسيسي.. أين تكمن أهمية تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين؟

> تقرير/ علاء عادل حنش

> تستعد اللجنة التحضيرية لاتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين لإعلان المؤتمر التأسيسي للاتحاد تزامنًا مع احتفالات الجنوبيين بالذكرى الواحد والخمسين لعيد الاستقلال المجيد (1967م)، الذي يصادف الثلاثين من نوفمبر الجاري.
وتبرز أهمية تشكيل اتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين، كونه يمثل النواة الأولى للطبقة المثقفة من الجنوبيين لاسيما بعد أن هُمشت الأخيرة بعد إعلان الوحدة اليمنية في 21 مايو 1990م.

ونجاح المؤتمر التأسيس لاتحاد الجنوب يعتبر انفصلًا واضحًا ومباشرًا عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، في خطوة قد تربك الحسابات السياسية لعدة أطراف، وتعطي حافزًا معنويًا مهمًا لأطراف سياسية أخرى تتحد أهدافها مع أهداف اتحاد الجنوبيين.

المؤتمر التأسيس، الذي من المقرر انعقاده في 29 نوفمبر الجاري في العاصمة عدن، سيكون له عدة اعتبارات سياسية واجتماعية واقتصادية، كونه سيحتوي كافة المثقفين الجنوبيين دون استثناء، وسيصبح صوتًا جنوبيًا لكافة المثقفين في الجنوب، وسيُجمع فيه كافة الأدباء من مختلف المحافظات الجنوبية، على أن يُجرى انتخاب هيئة جديدة لهُ، مع تغيير في النظام التأسيسي.

وكان اتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين أعلن انفصاله صراحةً عن اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين نهاية عام 2012م، غير أن تشكيله وتأسيسه تأخر نوعًا ما، بسبب ما آلت إليه المحافظات الجنوبية من تدهور على نطاق واسع.

وكانت عدن شهدت نهاية عام 2017م تحركات واسعة لانعقاد المؤتمر التأسيسي لاتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين، من خلال اللقاء الذي جمع رئيس اللجنة التحضيرية آنذاك د.جنيد محمد الجنيد بأعضاء اللجنة لمناقشة الاستعدادات للمؤتمر التأسيسي، وكذا مناقشة ما أُنجز من وثائق واستمارات، إلى جانب وضع التصورات والخطط، وما يترتب عمله من قبل اللجان.

وكانت اللجنة التحضيرية لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب أنجزت عدة أعمال تصب في سبيل انعقاد المؤتمر التأسيسي للاتحاد، وشملت الإنجازات إنهاء استمارة العضوية ورسالة طلب الانتساب والشعار واستكمال النظام الأساسي وأدبيات الاتحاد، وغيرها من الفروع المتعلقة بالاتحاد.

أهمية الاتحاد
الأديب والناقد بدر العرابي قال: «إن أهمية تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين في هذا الظرف المفصلي الذي تمر به الجنوب، تكمن في كونه وسيلة وأداة تسعى لاحتواء ذلك الانفجار الإبداعي الذي برز مباشرة بعد الغزو الحوثي للجنوب، وبعد دحر هذا الغزو ودحر القوة العسكرية التي كانت تطبق على ملامح الحياة المدنية في الجنوب، وخاصة في عدن وأخواتها من المحافظات الجنوبية، بعد الحرمان المتعمد للنشاط الإنساني والثقافي ما يقارب 25 عاما، في محاولة دؤوبة لطمس معالم الهوية الثقافية الجنوبية، لإتمام السيطرة السياسية والجغرافية على الأرض والإنسان».

وأضاف لـ«الأيام»: «كسر شوكة العدوان الممتد وطرد الأدوات العسكرية والسياسية، أعاد الوجه الثقافي لعدن، من خلال بروز جيل من الأدباء والكتاب الشباب، الذين شعروا بخصوبة مفرطة في ملكاتهم الإبداعية، بعد تراكم تجاربهم الإبداعية وانكفائها على الداخل إبان الكبت والتقويض، مما أحدث انفجارا إبداعيا يصعب تركه، رغم الجراح المثخنة التي خلفها الغزو».

اجتماع لاتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين في عدن في فبراير 2018
اجتماع لاتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين في عدن في فبراير 2018

وتابع: «كان لا بد من كيان وحامل ثقافي يتسع لهذا الفيض الممتد من الإبداع، في الوقت الذي تلاشت المكونات الثقافية السابقة وتشظت لاسيما اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، الذي ضربته الأهداف السياسية وهواجسها بمقتل، ومن ثم كان لزاما علينا التفكير في إيجاد اتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين ومنح الجيل الأدبي الجديد من الشباب فرصة، الذين تجاوز إبداعهم الحدود وشهدت له العديد من المنابر الأدبية العربية، لصقل مواهبهم وإشهارها بشكل من القانونية والرسمية المعترف بها».

واستطرد العرابي: «يأتي تأسيس الاتحاد الجنوبي منطلقا من أهداف مخضتها تلك الطفرة الإبداعية، من جهة، ومحاولة لاستعادة الهوية الثقافية والحضور الإنساني الملاقح للثقافات الإنسانية، ذلك الحضور الذي تم، وبشكل متعمد، محاولة لتغييبه عن العالم، رغبة في السيطرة والمصادرة الثقافية للحق الإنساني في الحياة».

وقال: «لعله من البدهي أن أي وجود إنساني، لا يمكن أن يسجل حضوره، إلا بالحفاظ على خصوصياته الثقافية والفلكلورية، التي يعد النشاط الأدبي والإبداعي والفكري، ملمحها الرئيس».

إثر الاتحاد
وعن إثر الاتحاد أكد العرابي، في ختام تصريحه لـ «الأيام»، أن «أثر الاتحاد القادم في المشهد السياسي، فيعد تأسيسه وانقداحه، كهيئة ثقافية رسمية، رافعة تدفع بالهوية السياسية الجنوبية قدما، وتمنحها شرعية وجودها الأصل، بعد تعرضها للطمس والإزاحة، ومن ثم فبإمكان أي قوة مستبدة، تقويض الوجه السياسي، لكنها ستعجز وستفشل حتما، في تقويض الهوية الثقافية، مهما كانت إمكاناتها، ومهما غض الطرف عن ممارساتها اللا إنسانية».

هوية وطنية جنوبية واحدة
من جانبه، قال الأكاديمي د.علي أحمد صالح إن «اتحاد الأدباء والكتاب الجنوبيين هو التعبير الثقافي لتقرير المصير.. مصير شعبنا الجنوبي (هوية وجغرافيا) في طريق الاستقلال وبناء الدولة الجنوبية الحرة».

وأضاف لـ «الأيام»: «إننا نؤسس لهذه المؤسسة الوطنية العظمى كي ينخرط فيها خيرة الأدباء والمثقفين على قاعدة الهوية الوطنية الجنوبية الممتدة على امتداد التربة الجنوبية الطاهرة، ولذلك فاتحادنا المأمول لم يكن إلا بلورة حية وملموسة لحقيقة الانتماء التاريخي الذي يحدد ملامح هويتنا».

وتابع «آن أن يتقدم الفعل الثقافي في جنوبنا الحبيب ليرفد الفعل السياسي ويلغي الهامش الفاصل بينهما، كي يكتمل المشهد العظيم في أيقونة تتمازج فيها كل مكونات الطيف الجنوبي في إطار من الممارسة الأدبية والفكرية والثقافية الوطنية والعربية والإنسانية الرصينة التي تعزز من قيم الانتماء الانفتاح والمشاركة والتفاعل والشفافية ونبذ قيم التعصب والإقصاء والإلغاء والحرمان».

وعن ردة الفعل حيال تأسيس اتحاد الأدباء الجنوبيين قال صالح: «لا شك في أنها ستكون إيجابية حتما، لاسيما وهذا الاتحاد يصوغ نسقة من روح القضية الجنوبية العظمى ويستلهم شروط بقائه منها، فهو بشكل أو بأخر فلك من أفلاك القضية الجنوبية، الأرض والإنسان والتاريخ، وهو التجسيد الحي والملموس للفعل الثقافي بما هو ملمح من ملامح الانتماء لهذا التراب، ومن هنا فإن تأسيس هذا الاتحاد هو حلم الجميع  وفرحة الجميع».

صدمة التأسيس
من جانبه، قال الكاتب والمفكر عبدالله قيسان: «معروف أن مؤسسات المجتمع المدني قد انفصلت وتشكلت في الجنوب بعد سقوط وفشل الوحدة ويأتي تأسيس اتحاد أدباء الجنوب استكمالا لانفصال تلك المؤسسات كأطار نقابي ينظم نشاط الأدباء والكتاب الجنوبيين».
وأضاف لـ«الأيام»: «ردود الأفعال ستختلف عند الكتاب والأدباء الوطنيين الذين جربوا ويعرفون تاريخ الثورة ويدركون الهوية الثقافية والاجتماعية بين الشمال والجنوب».

وتابع: «أكيد سيكون صدى تأسيس الاتحاد عظيما وسيعتبر إنجازا نحو تحديد هوية الكلمة والهدف، أما أصحاب الأقلام الرخيصة والمأجورة الذين يجهلون أو يتجاهلون تاريخ الجنوب طبعا سيشكل التأسيس لهم صدمة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى