عانت من الحرمان منذ الوحدة اليمنية.. منطقة ظبة بيافع.. معزولة عن العالم وسكانها الأكثر فقرا

> تقرير/ فهد حنش

>
تقع منطقة (ظُبة) بين مديرتي رصد وسباح، وجزء من المنطقة يتبع إداريا مديرية رصد، والجزء الآخر يتبع مديرية سباح، وهي منطقة نائية، ويبلغ عدد سكان نحو 3000 نسمة تقريبا، وتتصف المنطقة بالحياة البسيطة لأهلها وكرمهم وبأسهم الشديد في التغلب على ظروف الحياة الصعبة، غير أنها معزولة عن العالم لعدم توافر شبكة الاتصالات فيها.

ونتيجة لعدم توافر أبسط الخدمات الضرورية، وتدهور الحياة المعيشية، ظهرت علامات البؤس والحرمان على محيا أبنائها، إلا أن ثورة المشاريع الأهلية التي تشهدها مناطق يافع في ظل غياب الدولة، وتخليها عن مسؤولياتها الأخلاقية شهدت مناطق يافع طفرة نوعية في مجال الطرقات وبعض المشاريع الخيرية الأخرى التي كان لها دور كبير في تخفيف المعاناة عن المواطنين، لاسيما أهالي منطقة (ظُبة).

«الأيام» سلطت الضوء على الأوضاع المعيشية والمعاناة التي يعانيها أهالي منطقة (ظُبة)، فالتقت بالمسؤولين والأهالي، وخرجت بالحصيلة الآتية:

الأكثر فقرا
محمد علوي السيد، أحد وجهاء المنطقة، قال إن “منطقة (ظُبة) منطقة نائية وسكانها يعتبرون الأكثر فقرا من بين سكان مناطق يافع، فمعظمهم يعتمدون على الزراعة وتربية الماشية والنحل، وبسبب شحة الأمطار جفت الآبار فهلكت معظم أشجار البن التي كانت مصدر الدخل الرئيسي لأغلب الأهالي”.

وأضاف لـ«الأيام»: "ومن جانب الخدمات، فالمنطقة محرومة من مختلف الخدمات، ولم تحصل على أي مشاريع حكومية على الإطلاق لا في عهد الوحدة ولا في العهد السابق، فقد تم شق الطريق إلى المنطقة عام 1987م على حساب القوات المسلحة".

وتابع: “لقد ظلت هذه الطريق عرضة لجرف الأمطار والسيول لانحدارها الشديد ومرورها في ممرات السيول، ولم يتم صيانتها من قبل أي جهة منذ شقها، فأحيانا كثيرة يقوم الأهالي بنقل حاجياتهم من منطقة (الحنشي) على ظهور المواشي بسبب الخراب الذي تتعرض له الطريق، وخلال العام الماضي وبجهود أهل الخير وتعاون الجميع تم إعادة شق وتوسعة وتعديل الطريق حتى أصبحت اليوم أكثر يسرا وأمانا، كما يجري حاليا شق طريق رهوة شيحطة التي تربط المنطقة بمنطقة خضراء اليزيدي على نفقة أهل الخير وهذه الطريق ستجنبنا كثيرا من العناء، وتجنب المواطنين المخاطر لمرورها في ممرات السيول”.

الافتقار لمدرسة
واستطرد السيد: “أما فيما يخص التعليم فقد ظلت المنطقة تعاني من عدم وجود مدرسة ليتعلم الأطفال فيها، فكثيرا من الأطفال يقطعون في اليوم نحو 15 إلى 20 كيلومترا ذهابا وإيابا إلى مدرسة مورق في منطقة الحنشي، فأكثرهم ترك التعليم لبعد المسافة، وهم اليوم أميون لا يعرفون القراءة والكتابة، وخلال العام الماضي تم إيصال معاناة أطفالنا الذين كان بعضهم يدرسون تحت الأشجار إلى أهل الخير الذين رقت قلوبهم لمعاناتهم، فبادر الشيخ عادل السنيدي والشيخ طالب اليزيدي باعتماد بناء مدرسة مكونة من خمسة فصول على نفقتهما وبعض المساهمات البسيطة من الأهالي بتكلفة بلغت نحو خمسة وعشرين مليون ريال، فجزاهما الله خير الجزاء، واليوم تلاحظ السعادة الكبيرة التي يشعر بها الأطفال وكل الأهالي بمناسبة افتتاح هذه المدرسة التي أسميناها مدرسة الفقيد بدر السنيدي، ويعد هذا الحدث علامة فارقة في تاريخ المنطقة”.


فشل مشروع المياه
وفيما يخص المياه قال محمد السيد لـ«الأيام»: “أقيم مشروع مياه ضخم في منطقة سلب منذ أكثر من عشر سنوات، وهذا المشروع كان بإمكانه تغطية الثلاث المديريات (رصد، سباح، وسرار)، إذا تم تنفيذه بالمواصفات المطلوبة، ولكن للأسف الشديد فشل المشروع من أول عملية ضخ تجريبي، حيث تفجرت الأنابيب من كل مكان لعدم تنفيذ المشروع وفق المواصفات والدراسات المطلوبة، والمشروع حتى الآن لم يتم إصلاحه، فأصبحت الشبكة متهالكة، ولم يستفد منه أي مواطن”.

تعطل مشروع الكهرباء
وأضاف “وفيما يخص الكهرباء، فقد تم اعتماد شبكة كهرباء من محافظة البيضاء عبر مديرية سباح في عام 2006م، وتم مد شبكة الضغط العالي وتركيب المحولات ومد الشبكة الداخلية منذ أكثر من عشر سنوات، ولكن لم يتم ربط الشبكة بالتيار الكهربائي حتى يومنا هذا، ولم نستفد من المشروع”.
وتابع “ورغم متابعتنا المستمرة لجميع الجهات المعنية لاستكمال المشروع إلا أننا لم نلاقِ أي تجاوب أو أدنى اهتمام، لذا نطالب السلطات المحلية في مديرتي رصد وسباح والمحافظة إيلاء منطقتنا الاهتمام في كل المجالات الخدمية واستكمال المشاريع المتعثرة”.

انعدام المستشفيات
من جانبه، قال المواطن صالح بن صالح ثابت إن “منطقة (ظُبة) هي أكثر مناطق يافع معاناة وحرمان في مختلف الخدمات، وتعاني من التجاهل والنسيان من قبل السلطات المحلية والدولة”.
وأضاف لـ«الأيام»: “نعاني من عدم توافر أبسط الخدمات الصحية، وأي حالة مرضية يتم إسعافها إلى مستشفى رصد، وأحيانا يتوفى المريض في الطريق لبعد المسافة ووعورة الطريق”.

وتابع “كما تعاني منطقتنا منذ عدة سنوات من ظاهرة الجفاف ونضوب مياه الشرب، فالعام الماضي جلبنا المياه من منطقة سبيح في مديرية سباح التي تبعد عنا بنحو 30 كيلومترا، فلم يتم اعتمادنا بمشاريع سدود أو خزانات لحصاد مياه الأمطار كبقية المناطق الأخرى، وهذا العام تعرضت منطقتنا لأضرار كبيرة من جراء السيول التي جرفت الأطيان والآبار، وتم اعتماد مبالغ مالية لإصلاح الأضرار في المناطق المجاورة، ولكن للأسف الشديد تم تجاهل منطقتنا، ورفض المهندس المختص زيارتها للاطلاع على الأضرار ووضع لها الدراسة والرفع بها إلى السلطات المعنية أسوة بالمناطق المجاورة”.

لا اتصالات ولا رعاية اجتماعية
واستطرد “وفي جانب الاتصالات، فجميع مناطق يافع تنعم باتصالات الهاتف الأرضي وشبكات الهاتف النقال إلا منطقتنا تم استثناؤها من هذه الخدمات، أما فيما يخص الرعاية الاجتماعية وتقديم السلل الغذائية فحدث ولا حرج، فكثيرا من الأسر الأشد فقرا لم يتم اعتمادها لا في برنامج الرعاية الاجتماعية ولا في برنامج الدعم الإغاثي المقدم من منظمة الغذاء العالمي والهلال الأحمر الإماراتي، فيتم تقديم كل شهرين بعض السلل القليلة (نصف كيس دقيق وأربعة لترات زيت) للأيتام فقط بينما جميع مناطق المديرية تصرف السلل الغذائية لمعظم الأسر”.


واختتم حديثه لـ«الأيام» “نطالب بالمواطنة المتساوية في مديرية رصد، كما نطالب المنظمات الدولية العاملة في المجال الصحي والمجال الإغاثي والهلال الأحمر الإماراتي بتقديم الدعم لمنطقتنا واعتمادها بالمشاريع الخدمية الضرورية”.

منطقة منسية
بدوره، وصف مدير مدرسة (الحنشي) عبد الله علي منطقة (ظُبة) بالمنطقة المنسية والمحرومة من جميع الخدمات ولا سيما التعليم، وقال “معظم سكان (ظُبة) أُميون بسبب عدم توفر المدرسة، فتوفر المدرسة يعد أساس تطور ونهوض المجتمعات، فقد عانى أبناء المنطقة كثيرا في سبيل الالتحاق بالتعليم في مدرسة الحنشي في مورق، فيأتون إلينا قاطعين المسافات الطولية مرورا في الوديان والشعاب غير المأهولة بالسكان فيقضون من ست إلى ثمان ساعات ذهابا وإيابا كل يوم مشيا على الأقدام، فكثيرا من الطلاب يتركون صفوف الدراسة بسبب هذا العناء”.


وأضاف لـ«الأيام»: “في السنوات الأخير قررنا تخفيف المعاناة على الأطفال الصغار، وفتحنا لهم فصولا دراسية في منطقتهم ليتعلم الأطفال الصغار تحت الأشجار، وهذه المبادرة كان لها الأثر الإيجابي بأن وصلت معاناة هؤلاء الأطفال عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أهل الخير، فبادر الشيخ عادل السنيدي والشيخ طالب اليزيدي ببناء خمسة فصول دراسية على نفقتهما وبمساهمة أهالي المنطقة، واليوم ونحن نشهد افتتاح هذا المنجز والفرحة قد ارتسمت على وجوه أبناء المنطقة صغيرا وكبيرا بصورة لا يمكن وصفها متطلعين إلى عهد جديد لمنطقتهم”.

وتابع “ومن خلال هذا المنبر الإعلامي أناشد الهلال الأحمر الإماراتي والسلطات المحلية بسرعة تجهيز وتأثيث مدرسة بدر السنيدي (ظُبة) واعتمادها بعدد من المعلمين لتتمكن من أداء رسالتها التعليمية، كما أطالبهم بدعم هذه المنطقة في جميع الخدمات لما عانت وما زالت تعاني من عملية التهميش والحرمان”.

جهود بناء مدرسة
من جانبه، قال الإعلامي قائد زيد: “في إطار ثورة المشاريع الأهلية القائمة في مناطق يافع في زمن غياب الدولة سعينا في البداية إلى تخفيف المعاناة عن أهالي منطقة (ظُبة) في جانب إصلاح طريق (ظُبة الحنشي) من خلال إعادة شقها وتعديلها وتهبيط العقبة، فنقلنا تلك المعاناة والظروف الصعبة التي يعانونها الأهالي إعلاميا عبر الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، فاستجاب الكثير من أهل الخير لدعم المشروع، وتشكلت لجان أهلية، وتم جمع التبرعات وتمت عملية إعادة شق الطريق التي وفرت كثيرا من الجهد وأزالت بعض العناء عن كاهل الأهالي”.

وأضاف لـ«الأيام»: “في نفس السياق لدينا في هذه الأثناء حملة لاستكمال شق طريق رهوة شيحطة التي تربط المنطقة بخضراء اليزيدي والتي تجنب الأهالي مخاطر السيول، وتختصر الطريق إلى مديرية سباح بنسبة تفوق50 % تقريبا، والعمل مستمر فيها منذ فترة على نفقة أهل الخير، فنطالب محافظ أبين والهلال الأحمر الاماراتي بدعم هذا المشروع لاستكماله لما له من أهمية حيوية لأهالي ظُبة ومديريات رصد وسرار وسباح”.

طريق منطقة ظبة
طريق منطقة ظبة

وتابع “وبعد استكمال مشروع طريق ظُبة الحنشي زرنا المنطقة، فشاهدنا مشاهد مؤلمة وواقعا مريرا للتلاميذ الصغار تجعل المرء يشعر بالحزن والأسى لرؤية تلاميذ وتلميذات بعمر الزهور يدرسون تحت الأشجار في القرن الواحد والعشرين، وبالتحديد في يافع الشموخ التي وصل خيرها إلى كل بقاع الأرض، ففي مارس 2017م قمنا بالتقاط صور لتلاميذ ما أسميناها آنذاك “مدرسة الشجرة”، ونشرنا تلك الصور في الصحف، وكان الهدف من ذلك نقل معاناة طلاب (الشجرة)، والنظر اليهم بعين الرحمة من قبل أهل الخير، ورفعنا مناشدة من أهالي المنطقة لعلها تجد آذاناً صاغية، وبعدها بيوم جاءت البشرى السارة من رُجلي الخير والعطاء العميد عادل السنيدي والشيخ طالب حسين اليزيدي ببناء مدرسة لطلاب الشجرة”.

تعهد السلطة المحلية
بدوره، أكد مدير مكتب التربية في مديرية رصد، عادل أحمد شيخ أن “رغم الظروف الصعبة التي تعيشها منطقة (ظُبة) بسبب عدم توفر أبسط الخدمات الضرورية إلا أن سعادتنا اليوم لا يمكن وصفها بافتتاحنا مدرسة بدر السنيدي، والتي تعد نقلة نوعية في تاريخ المنطقة، حيث إن أهالي المنطقة قد سعوا منذ وقت مبكر للحصول على هذا المشروع، وبدورنا قمنا نحن والإخوة في السلطة المحلية بوضعه في مقدمة أولوياتنا إلا أن الظروف والمشاكل التي عصفت بالبلاد منذ 2011م، حالت دون تحقيق هذا الحلم بسبب توقف المشاريع الإنشائية”.


وأضاف لـ«الأيام» “إن الله قد استجاب لسعي الأهالي الحثيث، وسخر لهم من أهل الخير الشيخ عادل السنيدي والشيخ طالب اليزيدي اللذين تكفلا ببناء المدرسة على نفقتهما بتكلفة بلغت نحو 25 مليون ريال”.

وتابع “ندعو الأهالي للدفع بأبنائهم للالتحاق بالعملية التعليمية وبالذات الفتيات، والاستفادة من هذا الصرح العلمي والحفاظ عليه وصيانته، كما نعاهدهم في مكتب التربية والسلطة المحلية بأن نضع المدرسة في نصب أعيننا، وفي أولويات مهامنا من حيث توفير المعلمين والأثاث والتجهيزات من المدارس المجاورة حتى تتحسن أوضاع البلاد، وسنعطي المدرسة الأولوية في التوظيف من أبناء المنطقة”.

واستطرد “ومن خلال جلوسنا مع قيادة السلطة المحلية تعهدت أنها ستعطي منطقة (ظُبة) أولوية في توفير الخدمات الضرورية لتعويضها من الحرمان الذي عانته في العقود الماضية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى