دجاجة القاضي

> د. عبد اللطيف محمد سعيد

> جاء إلى محل الدجاج رجل ومعه دجاجة مذبوحة؛ كي يقطع الدجاجة. فقال له صاحب محل الدجاج: ارجع بعد ربع ساعة، وستلقى الدجاجة جاهزة.
 فمر قاضى المدينة على صاحب محل الدجاج، وقال له: أعطني دجاج. قال صاحب الدجاج: والله ما عندي إلا هذه الدجاجة، وهي لرجل سيرجع لأخذها.

قال القاضي: أعطني إياها، وإذا جاءك صاحبها قول له: الدجاجة طارت.
 قال صاحب الدجاج: هي ميتة كيف تطير؟
قال القاضي: اسمع ما أقول، وقل له كذا، ولا تخف، ودعه يشتكى.
  جاء صاحب الدجاجة، وسأل عن دجاجته، قال صاحب محل الدجاج: دجاجتك طارت.
 قال صاحب الدجاجة: ماذا تقول وكيف؟. أنا جئت بها مذبوحة ميتة! كيف تطير؟ وصــار بينهما شد في الكلام وعــراك، فقال صاحب الدجاجة: هيا معي للقاضي، حتى يحكم بينا، وهناك يظهر الحق.

ذهبوا إلى القاضي، وعند ذهابهم للقاضي في الطريق، وجدا اثنين يتقاتلان، أحدهما مسلم، والآخر يهودي. فأراد صاحب محل الدجاج أن يفرق بينهما، ولكن إصبعه دخل في عين اليهودي، ففقأها. تجمع الناس، وأمسكوا بصاحب محل الدجاج، فصارت القضية قضيتين. فأخذوه إلى المحاكمة عند القاضي، وعندما اقتربوا من المحكمة، أفلت منهم، جروا وراءه. لكنه دخل في مسجد، فدخلوا وراءه.

صعد فوق المنارة فلحقوا به. فقفز من فوق المنارة، فوقع على عجوز طاعن في السن، فقتله.
جاء ابن الشيخ العجوز، ورأى والده ميتاً، فلحق صاحب محل الدجاج، وأمسكه هو وباقي الناس. فذهبوا به إلى القاضي، فلما رآه القاضي تذكر حادثة الدجاجة، فضحك وهو لا يدري أن عليه ثلاث قضايا:
1) سرقة الدجاجة.  2) فقأ عين اليهودي.  3) قتل الرجل كبير السن.

عندما علم القاضي بالقضايا الثلاث، أمسك رأسه، وجلس يفكر ويفكر، ثم قال: دعونا نأخذ القضايا واحدة، واحدة. نادوا أولاً على صاحب الدجاجة. قال القاضي: ماذا تقول في دعواك على صاحب محل الدجاج؟
قال صاحب الدجاجة: هذا سرق دجاجتي، وأنا أعطيته إياها، وهي مذبوحة ميتة! ويقول: إنها طارت! كيف يحدث هذا يا سيادة القاضي؟
قال القاضي: هل تؤمن بالله؟ قال صاحب الدجاجة: نعم أؤمن بالله. قال له القاضي: (يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) قم فما عندك شيء عند صاحب المحل.

ليأتي المدعي الثاني، فجاؤوا باليهودي، وقالوا: هذا يا قاضي، فقأ عينه صاحب الدجاج، فجلس القاضي يفكر ويبحث على حل. قال القاضي لليهودي: دية المسلم لأهل الذمة النصف، يعني نفقأ عينك الثانية، حتى تفقأ عين وحدة للمسلم!
فقال اليهودي: لا أنا أتنازل، ولا أريد شيئا منه.

فقال القاضي: القضية الثالثة، جاء ابن الشيخ العجوز الذي مات، وقال: يا قاضى هذا الرجل قفز على أبي وقتله.
ففكر القاضي، وقال: لنذهب عند المنارة، وتطلع أنت فوق المنارة، وتقفز على صاحب الدجاج، فقال ابن الشيخ العجوز للقاضي: ماذا لو تحرك يمينا أو يسارا سأموت أنا!.

قال القاضي: هذه ليست مشكلتي، أبوك لماذا لم يتحرك يمينا أو يسارا؟ فقال الشاب: لا لا أريد شيئاً منه، وأتنازل عن الادعاء عليه. وخرج الرجل بريئاً من كل القضايا.
هناك دائما من يستطيع إخراجك مثل الشعرة من العجين، لكن طبعا إذا كان عندك دجاجة تعطيها للقاضي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى