جهود في اللحظات الأخيرة لإنقاذ مفاوضات السويد

> «الأيام» خاص/ غرفة الأخبار

>
 رغم انسداد الأفق أمام المشاورات اليمنية المقرر بدؤها في السويد هذا الشهر، وبوادر الفشل التي تبدو أنها ستكون المصير المحتوم لمفاوضات غير معروفة المعالم.. إلا أن المبعوث الأممي «مارتن جريفيثس» يحاول في اللحظات الأخيرة إنقاذ المشاورات من تعثرها قبل أن تبدأ على غرار مفاوضات «جنيف3» في السادس من سبتمبر الفائت.

«جريفيثس» أجرى خلال الساعات الماضية اللمسات الأخيرة على «مسودة اتفاق» عام للمبادئ الأساسية التي من المتوقع أن يطلب من الفرقاء اليمنيين التوقيع عليها كإطار عام للتسوية السياسية، بعد أن نجح في واحدة فقط من ثلاث قضايا طرحها على الفرقاء لإعادة بناء الثقة تمهيدا لجمعهم على طاولة واحدة في مدينة «أوبسالا» السويدية دون تحديد موعد زمني.

ونقلت جريدة «العرب اللندنية» أمس عن مصادر سياسية يمنية أن المبعوث الأممي نجح في انتزاع موافقة الحكومة الشرعية والحوثيين على واحدة من خطوات إعادة بناء الثقة، وهي المتعلقة بإطلاق الأسرى والمعتقلين، بينما فشلت جهوده في التوصل إلى اتفاق حول «الهدنة الاقتصادية وتوحيد البنك المركزي اليمني وإعادة صرف رواتب موظفي الدولة».

ويهدف «جريفيثس» إلى الحصول على توافق من الفرقاء اليمنيين حول الإطار العام للتسوية السياسية في اليمن، كحزمة واحدة، ومن ثم استغلال الضغوط الدولية الداعمة لجهوده.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن رفض الحوثيين تقديم تنازلات حقيقية في الملف الاقتصادي حال دون عقد مشاورات اقتصادية في العاصمة الكينية «نيروبي» برعاية الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وذكرت أن «إخفاق المبعوث الأممي في إحراز تقدّم كبير في خطوات بناء الثقة، إضافة إلى ملف الحديدة ومينائها، من أبرز العقبات التي يمكن أن تقلل من فرص نجاح مشاورات السويد، التي ستعقد على الأرجح بضغط دولي دون الوصول إلى حالة توافق حول أهم القضايا الخلافية الثانوية، التي كان يطمح «جريفيثس» للانتهاء منها قبيل عقد المشاورات».

وفيما نفت ناطقة رسمية في مكتب المبعوث الأممي تحديد الأسبوع القادم كموعد لانطلاق الجولة الرابعة من مشاورات السلام اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة، عززت تصريحات سويدية من الشكوك بشأن بروز خلافات في الساعات الأخيرة، حالت دون الإعلان رسميا عن موعد المشاورات، حيث قالت وزارة الخارجية السويدية ردا على سؤال حول عقد المشاورات في السادس من ديسمبر، إنه «لم يتم تأكيد أي شيء بعد فيما يتعلق بتلك المشاورات».

وقال «باتريك نيلسون» المتحدث باسم الوزارة: «لا يمكنني في الواقع تأكيد ما إذا كان ذلك سيحدث أو متى سيحدث، ولكن ما يمكنني قوله هو إننا نستعد لذلك».
المتحدث باسم الجماعة الحوثية «محمد عبدالسلام» أكد تحفظ جماعته على جدول الأعمال الخاص بـ«بناء الثقة».

وقال في حوار مع صحيفة الثورة الخاضعة لسيطرة الحوثيين إن «أفكار الأمم المتحدة بشأن المفاوضات متشعبة جداً، ومازالت تسميها مشاورات وتارة مفاوضات وتارة نقاشات، وتارة خطوات بناء الثقة وتارة حواراً شاملاً، وهكذا قفزت من موضوع إلى آخر».
وأضاف أن «الحديث عن قضايا جزئية تحت عنوان خطوات بناء الثقة ذر للرماد في العيون». وتابع «لم يتوصل جريفيثس خلال عام تقريباً منذ توليه منصبه إلى أي نتائج، وكما لم يستطع فعل شيء في السابق فلن يفعل في أي وقت لاحق إذا استمر بهذا الأسلوب».

ووصف مراقبون التصريحات البريطانية والأميركية التي أكدت على موعد المشاورات، بأنها محاولة لقطع الطريق أمام أي إملاءات جديدة قد يطرحها الحوثيون أو الحكومة اليمنية بهدف تحسين شروط التفاوض والتخفيف من الضغوط الدولية التي بلغت مرحلة غير مسبوقة في الملف اليمني.
وبينما جددت الحكومة اليمنية رفضها تقديم أي تنازلات فيما يتعلق بمرجعيات الحوار الثلاث، وتشبثها بحقها في تسلم إدارة ميناء الحديدة، كما رفع الحوثيون من سقف مطالبهم، عبر تصريحات أدلى بها رئيس الوفد الحوثي للمشاورات، محمد عبدالسلام، الذي اتهم جريفيثس «بالعجز وفقدان الرؤية والإطار السياسي للحلّ السلمي». وربط عبدالسلام مشاركة الحوثيين في المشاورات بتقديم المبعوث الأممي لما وصفه بـ «مشروع منطقي وعملي للحوار السياسي الشامل».

واعتبر مراقبون أن التصريحات الحوثية المتناقضة التي كشفت عنها تصريحات «عبدالسلام» المتصلبة، وتغريدات «محمد علي الحوثي» التي أكدت الذهاب إلى السويد، الإثنين (اليوم)، وكلمة رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط، التي أكد فيها حرص جماعته على السلام ودعم جهود جريفيثس، واستعداد الوفد المفاوض للالتحاق بمشاورات السويد، ما هي إلا تكرار لطريقة الجماعة في تقاسم الأدوار، والسعي لامتصاص الضغط الدولي، وممارسة الابتزاز السياسي في اللحظات الأخيرة.

ويستبعد المراقبون أن «يقدم الحوثيون على تكرار موقفهم المتعنت في مشاورات (جنيف 3) بالرغم من حالة التضارب في المواقف المعلنة، حيث سيتيح موقف غير مدروس مثل هذا للحكومة اليمنية لاستكمال معركة تحرير الحديدة التي توقفت في مراحلها الأخيرة، كما أنه يرفع الغطاء الدولي عن الميليشيات الحوثية».

وأشار المراقبون إلى أن «التغيير المفاجئ في الموقف الحوثي، والإعلان على لسان رئيس اللجنة الثورية «محمد علي الحوثي» استعداد جماعته للمشاركة في مشاورات السويد، يؤكدان على تراجع رهانات الحوثيين العسكرية، إثر الخسائر التي لحقت بهم في العديد من الجبهات، وخصوصا الساحل الغربي الذي تعد خسارته بمثابة قطع لآخر شريان لإمدادهم بالسلاح الإيراني والموارد المالية، عوضا عن عزلهم في منطقة جغرافية واحدة ما يعطي انطباعا بتلاشي شرعية الأمر الواقع التي عملوا على تكريسها».

وتكشف اللغة الدبلوماسية الناعمة التي بات يصدرها بعض قادة الجناح العقائدي في الميليشيات الحوثية، عن تحولات عاصفة في المشهد اليمني، تمثلت في قرب تفكك المنظومة الانقلابية وانشقاق المزيد من القيادات غير العقائدية.
وتؤكد الكثير من المؤشرات تخوف الحوثيين من استمرار توغل ألوية العمالقة الجنوبية في الحديدة، وكذلك القوات اليمنية المشتركة في معقل الجماعة الرئيسي في صعدة، حيث تتقدم قوات الجيش الوطني اليمني المدعومة من التحالف العربي في ستة محاور، تتجه صوب مركز المحافظة، وتقترب من معقل الحوثيين الأول في جبال مران.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى