هل تساعد إيران بإطفاء الحرب في اليمن؟

> نجاح محمد علي

>
تحاول إيران أن تكون هذه المرة أكثر حذراً في إطلاق التصريحات حول المحادثات اليمنية في السويد، كي لا تفسدها خصوصاً وأنها متهمة بالتورط في الأزمة اليمنية رغم إنكارها ذلك وتأكيدها المستمر أنها بريئة إلا من الدعم السياسي والإنساني. وهي تعرف أيضاً أن أحداً من الأطراف المتورطة الأخرى لن يصدقها حتى لو أغلظت الأيمان من التدخل في اليمن وتزويد حلفائها الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيرة.

ويدرك المسؤولون الإيرانيون أن المرحلة الراهنة تتطلب المزيد من الحذر في توحيد الخطاب المنطلق من طهران، وإن كانت معالمها الرئيسية تصب في صالح حلفائها، بعد إذعان التحالف العربي بقيادة السعودية خصمها اللدود لهذه المحادثات مهما كان مستواها ووصفها، وذلك لكي لا تُتهم بالتسبب في انهيار فرصة من فرص السلام قد لا تتكرر، فيما لو فشلت هذه المحادثات.

ومع أن مقدمات الذهاب إلى السويد كانت تؤشر إلى حصول بعض التقدم من جهة تبادل الجرحى ونجاح أنصار الله (الحوثيين) في فرض إرادتهم بشأن كيفية وصول وفدهم إلى السويد وضمان عودته، لكن التصريحات الإيرانية حول الأزمة اليمنية والمحادثات في السويد، بدت حذرة تحث الخطى بصبر وحكمة كي لا تتحمل طهران المسؤولية فيما لو تعثرت.

وقبل يوم الخميس الماضي حيث بدأت المحادثات، صدرت من طهران تصريحات لافتة أطلقها وزير خارجيتها محمد جواد ظريف أكد فيها أن إيران تدعم محادثات السلام حول اليمن، مطالباً في الوقت نفسه دول العالم بلعب دور إيجابي لإنهاء الحرب في اليمن.
وتعمد وزير الخارجية الإيراني إعلان موقف بلاده الصريح الذي لم يخف فيه انحيازه إلى الحوثيين وحلفائهم، وذلك عبر تغريدة على حسابه في موقع «تويتر» مشيراً بشكل لافت إلى مسؤولية العالم التاريخية في بقاء الحرب في اليمن وإطالة أمد الأزمة، داعياً لدعم المحادثات عبر طرق مختلفة منها وقف تسليح المعتدين.
وأرفق ظريف بهذه التغريدة، النص الإنكليزي للبيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الإيرانية في وقت سابق بمناسبة بدء المحادثات اليمنية.

مبادرة
لقد أعلنت إيران ترحیبها ودعمها للمحادثات الیمنیة في السوید تحت رعایة الأمم المتحدة، ودعت جمیع الأطراف الیمنیة إلى المشاركة البناءة والمسؤولة في المحادثات، ودعتهم، من خلال اتخاذ خطوات لبناء الثقة، توفیر الأرضیة اللازمة للتوصل إلى اتفاق شامل ینهي المعاناة والحصار الظالم ضد الشعب الیمني.

وكانت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أطلقت في بداية الحرب «مبادرة شاملة» لحل الأزمة في الیمن، ودعت من خلالها إلى وقف فوري للقتال وإرسال المساعدات الإنسانیة، وبدء الحوار الیمني – الیمني وتشكیل حكومة ذات قاعدة واسعة في الیمن، وقد اعتمدت الأمم المتحدة المبادرة كوثيقة رسمية ما سمح لطهران التأكيد مرة أخرى على الحل السیاسي القائم على الحوار، الیمني – الیمني لتسویة الأزمة، ولذلك دعت طهران المجتمع الدولي للعب دور فعال ونشط، بما في ذلك ممارسة الضغط على الدول المصدرة للسلاح إلى المعتدین لتسهیل عملیة السلام ولیسمحوا للشعب الیمني تقریر مصیره بعیداً عن تدخل القوى الأجنبیة.

وأشارت وزارة الخارجیة الإیرانیة في بیانها، إلى الحرب المریرة المستمرة منذ أربع سنوات في الیمن، وصرحت أن التجربة المریرة لما یقرب من أربع سنوات من الحرب، لم تحقق أیاً من الأهداف السیاسیة والسلطویة لدعاة الحرب، وفقط أفضت إلی حدوث كارثة إنسانیة شاملة وتدمیر الموارد الاقتصادیة والبنیة التحتیة وموت الآلاف من النساء والأطفال من أبناء الشعب الیمني لكنه شعب مقاوم وممانع.

لكن وزارة الخارجية الإيرانية انتهزت الفرصة لتعلن استعدادها التعاون مع المجتمع الدولي لحل الأزمة في أقرب وقت ممكن، وشددت على الحاجة الملحة لتسریع عملیة إرسال المساعدات الإنسانیة إلى الیمن. وتعتقد أن الجهود المبذولة لإنهاء الأزمة والمأساة الإنسانیة في الیمن هي مسؤولیة تاریخیة تقع على عاتق العالم في الوقت الحاضر.

وقد أعربت طهران عن رغبتها المشاركة في تقديم الدعم المباشر للمحادثات في استوكهولم وأبلغت الأمم المتحدة والحكومة السويدية استعدادها إرسال كبير مساعدي وزير الخارجية المسؤول عن المهمات الخاصة حسين جابري أنصاري، لتذليل الصعاب بين الحكومة المعترف بها دولياً في عدن وحكومة الأمر الواقع في صنعاء، إلا أن ضغوطاً مارستها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حالت دون ذلك.

ومن الممكن في مرحلة لاحقة إذا نجحت المشاورات في السويد أن تشارك طهران في دفع عملية السلام بين اليمنيين واقترحت في هذا السياق استئناف الاتصالات مع السعودية في ضوء تصاعد أزمة قتل الصحافي المغدور جمال خاشقجي وتضييق الخناق على ولي العهد محمد بن سلمان كمتهم رئيسي أول، وحاجته إلى متنفس من خناق أزمة اليمن، يمكن لطهران أن تلعب فيها دوراً إيجابياً إذا وافق ترامب العالق هو الآخر في أزمة خاشقجي.

هجوم
لكن التيار المحافظ لم يترك الفرصة دون أن يدخل على الخط بلهجة أكثر تشدداً عندما تطرق خطيب جمعة طهران المؤقت آية الله محمد علي موحدي كرماني، إلى حرب اليمن وذكر محادثات ستوكهولم وقال إن «الحل الوحيد لأزمة اليمن هو وقف الحرب والاعتراف بحق شعب هذا البلد، وإجراء المحادثات بين الجهات اليمنية» مضيفاً: «إن هذه القضية هي اختبار لأمريكا والدول الغربية، لأن هذه الدول كانت تدعي منذ سنوات أنها تدافع عن حقوق الإنسان، لكن قتل الشعب اليمني على يد آل سعود ودول عربية والكيان الصهيوني أثبت أن هذه الادعاءات مجرد خداع وأكاذيب، وأنهم لا يفكرون سوى في مصالحهم المادية ولا يولون أهمية لحقوق الإنسان».

وأضاف: «إن تدمير كل البنى التحتية الاقتصادية والصحية والحصار الشامل وقتل الأبرياء يمثل رد ادعاءات الغرب الزائفة على المطالب المشروعة للشعب اليمني»، موضحاً أن «اليمن يعاني من أسوأ كارثة إنسانية» متهماً واشنطن بالتورط المباشر في الحرب بقوله: «إن الطائرات الأمريكية تقصف الشعب اليمني بقنابل فتاكة في حين أن 22 مليون يمني في حاجة ملحة للمساعدات الغذائية والطبية، وأن كل من له مشاعر إنسانية لا يمكنه تصور هذه الفاجعة».

وأشار إلى أن «الأمريكيين وبكل صلافة يتهمون إيران بإرسال الأسلحة إلى اليمن»، وقال: «الأمريكيون القتلة الذين حاصروا الشعب اليمني ومنعوا عنه إيصال المساعدات الطبية والغذائية، يتهمون إيران بإرسال الصواريخ إلى اليمن».

«إعادة الأمل»
يعتقد الإيرانيون على نطاق واسع أن أزمة اليمن كان يفترض أن تتوقف بعد إعلان السعودية انتهاء عاصفة الحزم في 21 أبريل 2015 وإعلان بداية عملية إعادة الأمل، والتحرك نحو استئناف العملية السياسية، والعمليات الإغاثية. لكن مع استمرار القصف الجوي والمدفعي والصاروخي واستمرار الحصار البحري والجوي والبري من قبل التحالف بقيادة السعودية عاد كل شيء إلى المربع الأول.

فقد جرت قبل إعادة الأمل مفاوضات إيرانية سعودية بوساطة عمانية، بل وجرت لقاءات مباشرة بين مسؤولين إيرانيين وسعوديين لبحث تقاسم النفوذ الإقليمي بين طهران والرياض كل حسب استحقاقه التاريخي والجغرافي في العراق واليمن، ووقف السعودية تدخلها السلبي في سوريا، ولَم تف السعودية بالتفاهم وواصلت الحرب بتصعيد عسكري أكبر في إطار سياسة استعداء إيران التي تنتهجها منذ تولي الملك سلمان العرش وما يسميه الإيرانيون بغياب عصر الاعتدال برحيل الملك السابق عبد الله بن عبد العزيز.
عن (القدس العربي)​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى