أبو الثوار.. عبدالله مطلق.. سلاما

> هذا الرجل الكبير عبدالله مطلق قابع في الظل بعد حياة حافلة بالنضالات، قضى جلها قابضا على روحه في راحة يده من أجل الوطن ولا شيء سوى الوطن.
 د.  هشام السقاف
د. هشام السقاف

  قابع في الظل العم عبدالله.. نعم، ولكنه راض عن نفسه وتقلباتها في رحلة صعبة تمتد لأكثر من سبعة عقود. ألم تقل مأثوراتنا الشعبية - عم عبدالله - إن: «لا شارة لولي في أهله».

كان الاسم الأكثر شهرة في جبهات القتال، والقتال لم يكن نزقا أو مسلكا عدوانيا، بل كان حاجة تمليها نداءات حية من أعماق النفس الجمعية للشعب بالتحرر وللتحرر من الاستعمار.     
كانت ثورة 14 اكتوبر 1963 م ميدانا لكي يحصحص الحق -  ولا شيء إلا الحق - ولكي تنطفئ شعلة الاستعمار مهما كان البريق الذي تومضه فهو في الاخير بريق زائف شبيه بسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.

  هناك في الوجدان والجوارح ما يحرك عبدالله مطلق الشاب للبحث عن ذاته، الذات التي تأبى الضيم و الخنوع، يتجه الى عدن موئل الحركة الوطنية في الخمسينيات الملتهبة، ونجد في خفايا ذكريات الشيخ عبدالله ذلك العمل الوطني المبكر الذي جمع الشاب مع قيادات من الوزن الثقيل من الرابطة وسواها واحد منهم الاستاذ محمد علي باشراحيل - رحمه الله - وهي مفردة كانت غائبة عن نشاط الباشراحيل الاب سياسيا قبل بزوغ صحيفة «الأيام» في عام 1958م.

   في سنوات الجمر 1963-1967م، سنوات الثورة الأربع الاكثر تجذرا في الذاكرة الوطنية كان المناضل الكبير عبدالله مطلق في عين العاصفة، في صميم الثورة كقائد لا يشق له غبار لجبهة حالمين وردفان، وبمدلولات الوعي المتقدم لثوار أكتوبر يتولى القائد مطلق قيادة جبهة دثينة وهي واحدة من المناطق الملتهبة والمشبعة بالقيادات الوطنية والثورية وكأن الواحد منهم يولد ثائرا من بطن أمه.

 ولأن قائد الجبهات الشجاع الفدائي عبدالله مطلق يتجاوز فكرا ورؤية التزامات تنظيمية لفصيله السياسي بخيارات وطنية أوسع، فإنه لن يتردد في الانضواء تحت راية وحدة الثوار في دمج الجبهتين القومية والتحرير في يناير 1966م  وهو ما نعت بالدمج القسري وما هو بذلك، فالتشارك الوطني في الكفاح وادارة الدولة القادمة مجال لكسر قرون الاقصاء والتفرد بالقرار الوطني، وهو ما كان يخشاه صاحب الفكر النير والذهنية السليمة عبدالله مطلق وكأنه يقرأ السيناريوهات المقبلة.

 بسبب هذا الموقف المتقدم، وبعد كل هذا السجل المشرف لفدائي بطل وقائد فذ،   قضى أبو الثوار سنينَ من عمره في سجون الدولة الوطنية التي ناضل من أجل نشأتها منذ يفاعته، وتمت تصفية أعزاء من أسرته نكاية به، بينما يبقى العم عبدالله شامخا في السجن وخارجه، متفانيا في أداء الأعمال المناطة به - مهما كانت بسيطة ولا تليق بمثله - يقابلك بسمو النفس وبتلك القامة العالية كعلو جبال ردفان، وبذلك التواضع الانساني الممزوج بطيبة أهل حالمين.
 تحية لـ (أبو)  الثوار و المناضلين العم عبدالله مطلق.. ودمت سالما. ​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى