الشرعية والحوثيون..حسابات الربح والخسارة في مخرجات السويد

> «الأيام» خاص/ غرفة الأخبار

>
 اتفاقٌ هشٌّ وغير قابل للتطبيق توصلت إليه المشاورات اليمنية في السويد، بعد مخاض عسير استمر ثمانية أيام، خاض خلالها وفدا الشرعية والحوثيين جلسات حوارية جلها غير مباشرة، لكنها أفضت في الأخير إلى اتفاق طُرح على الطرفين للتوقيع عليه بضغط من قوى دولية كبرى رأت إنهاء الجولة بهذه النتيجة.

الاتفاق وإن لم يلبِّ طموحات الطرفين المتحاربين ومطالبهما إلا أن كلاً منهما حاول النظر إليه من زاوية ما يفترض أن يكون في حال كان قابلاً للتطبيق.. فالشرعية ترى مكاسبها من بنود الاتفاق في موافقة الحوثيين على الانسحاب من مدينة الحديدة، وهو ما لن يتحقق وفق عسكريين يمنيين. والحوثيون يعتقدون أنهم كسبوا في جزئية موافقة التحالف والشرعية على وقف إطلاق النار، وإيقاف الغارات الجوية.

الشرعية التي رفضت في وقت سابق أن يكون للأمم المتحدة دور في إدارة الميناء، وتمسكت بأن يكون خاضعاً لوزارة النقل وسيادة الحكومة الشرعية، تراجعت أخيراً وقبلت بدور أممي واضح في الحديدة، قد يصل إلى نشر قوات دولية في حال تصعب التوصل إلى تقارب في تنفيذ الاتفاق.
وينص اتفاق الحديدة على وقف شامل وفوري للعمليات العسكرية في محافظة ومدينة الحديدة، وإعادة انتشار القوات بإشراف الأمم المتحدة ولجنة تنسيق مشتركة، بما يضمن انسحاب الحوثيين إلى خارج حدود مدينة الحديدة ومينائها وميناءي الصليف ورأس عيسى، وستخضع الموانئ الثلاثة لإشراف رئيسي من قبل الأمم المتحدة في جانب الدعم وتفتيش السفن.

ويمنح الاتفاق الأمم المتحدة دوراً رئيسياً ومحورياً في تنفيذ ومراقبة كافة بنود الاتفاق، إضافةً إلى دور مهم في إدارة المدينة، والإشراف على الموانئ الثلاثة.
ويتضمن الاتفاق إزالة المظاهر المسلحة في مدينة الحديدة، ووقف استقدام أي تعزيزات جديدة من قبل الطرفين، والسماح بحُرية تنقل البضائع والمدنيين والشروع في فتح الممرات لتدفق المساعدات الإنسانية.

كما ينص على إيداع جميع إيرادات الموانئ في البنك المركزي، فرع الحديدة، الذي يخضع لسيطرة الحوثيين، للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية بالمحافظة وجميع أنحاء اليمن، وتولي قوات محلية إدارة الملف الأمني في المدينة بالتعاون مع السلطة المحلية، وإشراف الأمم المتحدة.

ويشتمل الاتفاق على العديد من الإجراءات الميدانية التفصيلية، من بينها انسحاب الحوثيين من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى إلى شمال طريق صنعاء خلال مدة 14 يوماً من الاتفاق، وإعادة انتشار القوات الحكومية جنوب الخط، فيما تكمل قوات الحوثيين انسحابها الكامل من الحديدة في المرحلة الثانية إلى مواقع خارج حدود المدينة الشمالية خلال 21 يوماً من الاتفاق.

وينص الاتفاق على أن مسؤولية أمن مدينة الحديدة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى تقع على عاتق قوات الأمن وفقاً للقانون اليمني، بحيث يتم احترام المسارات القانونية للسلطة، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها بمن فيهم المشرفون الحوثيون.
وأوضح مصدر في الأمم المتحدة أن «30 مراقباً أممياً سينتشرون في المدينة».

وتوقّع المصدر أن يصدر مجلس الأمن، الأسبوع المقبل، قراراً يكرّس اتفاقات ريمبو، ويأذن بنشر مراقبين للأمم المتحدة في الحديدة.
وزير الخارجية اليمني ورئيس الوفد الحكومي، خالد اليماني، وصف اتفاقي الحديدة، وتبادل الأسرى، بأنهما «افتراضيان بانتظار تنفيذ الحوثيين لهما».

وأكد اليماني أن الجولة الأولى من المشاورات أفضت إلى تحقيق أولى الخطوات نحو السلام المستدام، واصفاً الاتفاق بـ«المهم».
لكنه قال: «لأول مرة تقبل الميليشيا الحوثية بالانسحاب من الحديدة والصليف ورأس عيسى، وبهذا الاتفاق سنوفر من الحديدة مشروعاً مستقبلياً لإنهاء الانقلاب».

وعلّق رئيس الوفد الحوثي، محمد عبدالسلام، على اتفاق الحديدة قائلاً «أهم ما تم التوصل إليه وقف إطلاق النار في المدينة ومينائها ورأس عيسى والصليف، وإعادة انتشار مشترك بحيث تكون الأمم المتحدة مشرفة على الحديدة».
وأضاف «سيكون هناك تعزيز للأمم المتحدة في الممرات الإنسانية، إضافةً إلى مطاحن البحر الأحمر في الحديدة».

وفي واشنطن، رحّب وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، باتفاقات ريمبو، معتبراً أنّ السلام أصبح «ممكناً» في البلد الغارق في الحرب منذ أربع سنوات.
وقال بومبيو في بيان: «إنّ هذه المحادثات بين حكومة الجمهورية اليمنية والحوثيين تمثّل خطوة أولى حاسمة لسلام ممكن».

ولم يعلّق الوزير في بيانه على مشروع القانون الذي أقرّه مجلس الشيوخ الأمريكي في وقت سابق، الخميس، والذي يمنع الإدارة من الاستمرار في تقديم دعم عسكري للرياض في الحرب التي تخوضها ضدّ المتمرّدين الحوثيين في اليمن، علماً بأنّ تحوّل هذا النصّ إلى قانون مستبعد جداً، لأن الرئيس دونالد ترامب لن يوقّع عليه على الأرجح. ولم يكتفِ مجلس الشيوخ بهذا الضغط على الإدارة بل ضاعفه بتبنّيه نصّاً ثانياً حمّل فيه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان «المسؤولية عن مقتل» الصحافي جمال خاشقجي.

بدورها رحّبت إيران «بالاتفاقات والتفاهمات التي تم التوصل إليها في ستوكهولم»، معتبرة أنّ الخطوات «الإيجابية التي تبث الثقة والاتفاقات المبدئية الحاصلة تبعث على الأمل باستمرار الحوار».
من جهتها، اعتبرت منظمة «ميرسي كوربس» غير الحكومية في اليمن، أن اتفاق السويد «ليس سوى خطوة صغيرة»، وسيتم الحكم عليها من خلال «الإجراءات المتخذة على الأرض، وليس عبر تصريحات في غرفة الاجتماعات».

ولفت خبراء ومحللون سياسيون إلى أن توقيع الحوثيين على اتفاق بحجم الحديدة ليس إلا «محاولة لاستثمار الاتفاق في التقليل من خسائرهم السياسية والعسكرية، وتوفير انسحاب آمن لميليشياتهم من المدينة».
ويقول خبراء: «إن وصول الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ووزير الخارجية البريطاني، جيريمي هانت، إلى مقر المشاورات، ساهم في خلق حالة توافق جزئية حول مدينة الحديدة ومينائها، إضافة إلى ميناءي الصليف ورأس عيسى».

وعقد هانت فور وصوله إلى السويد اجتماعاً مع وفدي الحكومة والحوثيين، جاء وفقاً لحساب وزارة الخارجية البريطانية على تويتر «للتأكيد على ضرورة مواصلة جميع الأطراف الجهود للوصول إلى حل سياسي».
 ويكشف الدور الذي لعبه هانت في توقيع الاتفاق عن «أهمية الملف اليمني بالنسبة إلى بريطانيا»، في وقت ترك بلاده وسط أزمة بريكست المتصاعدة من أجل المشاركة في المشاورات اليمنية.

وقال: «اجتمعتُ بكلا الجانبين، وأعتقد أن كليهما أعرب عن بعض الأمل بأن هناك ثقة بإمكانية إحراز تقدم».

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن «الاتفاقات الموقعة في ختام مشاورات السويد، خطوة هامة ستسهم في تحسين الظروف المعيشية للملايين من اليمنيين»، مضيفاً: «لدينا فرصة هامة، وأعتقد أن الأطراف اليمنية حققتْ تقدماً حقيقياً في مشاورات السويد».
وعن الملفات العالقة، أضاف غوتيريش: «لم نصل إلى حل في القضايا المتعلقة بالمطار والملف الاقتصادي، وركزنا على الحديدة لأهميتها الاستراتيجية ولرمزيتها». كما تشير مصادر في الأمم المتحدة إلى أن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب بشكل كامل مازل صعباً، ويخضع لتعقيدات تبرزها مطالب الطرفين المتصارعين.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى