قرية «الغويرق» بالحديدة سكانها مهددون بالألغام البحرية "صور"

> تقرير وتصوير/ نجيب المحبوبي

>
تقع قرية (الغويرق) الساحلية على الخط المؤدي من مدينة الخوخة إلى مدينة الحديدة، وهي قريبة من ميناء الحيمة العسكري، وتتبع إداريًا مديرية التحيتا التابعة لمحافظة الحديدة، غرب البلاد.


وتقطن الأسر المتواجدة فيها، والتي يتجاوز عددها المائة أسرة، في عشش صُنعت من أشجار النخيل.


ورغم أن (الغويرق) منطقة ساحلية ولا يوجد فيها غير الرمال وبعض أشجار النخيل إلا أنها أصبحت تحتضن الكثير من الأسر النازحة من مناطق الصراع بين ألوية العمالقة الجنوبية والقوات التابعة الشرعية من جهة، والحوثي من جهة أخرى، خصوصاً من قريتي الجبلية والفازة.

ماذا يأكل أبناؤها؟
ويتصف أهل قرية (الغويرق) بالشهامة والكرم، وجميع أبنائها مصدر دخلهم الوحيد هو الاصطياد، بينما في أيام الرياح الشديدة لا يستطيعون الدخول إلى البحر ويأكلون الأسماك الصغيرة المجففة (الوزف) والخبز المطهي فقط.


المجاعة فتكت بالسكان
كان أهالي (الغويرق) يعيشون بسلامة وبساطة منذ سنين طويلة، معتمدين على ما يحصلون عليه من أسماك البحر القريب منهم، لكن بعد أن دخل الحوثيون قريتهم أصبحوا يعيشون في جحيم فضيع بسبب بطش جماعة الحوثي، إلى جانب الخوف الشديد الذي يسيطر عليهم جراء قصف طيران التحالف العربي لأهداف حوثية تتواجد في القرية، لاسيما وأن الحوثيين كانوا يستخدمون الزوارق البحرية في الشاطئ القريب من القرية.


وبسبب كل ذلك حلت المجاعة على أبناء (الغويرق)، حتى قدمت ألوية العمالقة الجنوبية في شهر رمضان الماضي وطهرت القرية وما جاورها من عناصر الحوثي، ليعود الأمل إلى أبناء (الغويرق)، وتدب الحياة فيهم من جديد.

الألغام البحرية
لغم بحري وسط البحر
لغم بحري وسط البحر
ورغم تمكن عمالقة الجنوب من طرد الحوثيين من قرية (الغويرق) إلا أن هناك مشكلة ظلت تلازم سكانها، والمتمثلة بالألغام البحرية التي زرعها الحوثيون والإيرانيون من خلال السفينة الإيرانية (شافيز)، التي تتواجد بسجل تجاري في المياه الإقليمية القريبة من البلاد، بحسب تأكيدات مصدر عسكري لـ«الأيام».

لغم بحري
لغم بحري

ليكون خطر الألغام البحرية هما جديدا يحل على أبناء قرية (الغويرق)، حيث أصبحت تلك الألغام تهدد حياة سكان القرية الذين يعتمدون على الاصطياد في توفير لقمة العيش.


وكانت الفترة الماضية شهدت انفجار أكثر من لغم بحري، مخلفًا عددا من القتلى والجرحى من رجال ونساء وأطفال القرية.

«الأيام» في الغويرق
بعد أن شاع ما حصل ويحصل لسكان قرية (الغويرق) زارت «الأيام» القرية لتلمس معاناة سكانها، ونقلها إلى كافة أبناء اليمن ليعيشوا هموم ومعاناة إخوانهم في هذه القرية.


عندما تدقق النظر في وجوه سكان قرية (الغويرق) ترى الحزن والخوف كيف يسيطران عليهم خصوصًا بعد أن فقدوا العديد من أبنائهم بسبب الألغام البحرية، متخوفين من أن يفقدوا مزيدًا من الشباب طالما والألغام البحرية ما زالت متواجدة في محيط القرية.


مصدر دخل وحيد
وسنتحدث هنا عن قصتين حدثتا في قرية (الغويرق)، الأولى للحاج «سبيطي عنتر جباحي»، أحد أبناء القرية، الذي قال: «بينما كنا نرفع الشباك من البحر بعد أن قمنا باصطياد أسماك الوزف، تفاجأنا بانفجار قوي في البحر، ليتعرض قاربنا للغرق، والحمد لله أننا كنا قريبين من الشاطئ، وخرجنا وأخرجنا قاربنا الذي انقسم إلى نصفين، وتعرضت ماكينته للتلف وتحولت لعدة قطع».


وأضاف لـ«الأيام»: «ومنذ ذلك اليوم ومصدر دخلي الوحيد انقطع بعد أن تحطم قاربي الذي اعتمد عليه في الصيد».

وتابع «أتمنى من قيادتنا في الشرعية برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي ومن قيادة التحالف العربي النظر إلينا وإلى معاناتنا، وإنقاذ حياتنا من الألغام البحرية التي يزرعها الحوثيون».


واستطرد سبيطي «وصلت الآن إلى عمر السبعين عاما، ومنذ أن كنت طفلاً كنت أعمل في البحر، أما الآن فأنا ماكث في عشتي التي أصبحت أيضاً مليئة بالنازحين القادمين من منطقة الجبلية والفازة».

كفاح طفل
أما القصة الثانية، فهي للطفل (محمد علي)، الذي يبلغ من العمر 11 عاما، وله ثمانية إخوان، ويعد هو أكبرهم، إلى جانب والده ووالدته، حيث تبدأ قصته عندما كان يساعد والده في الاصطياد قبل ثلاثة أشهر، كعادته، وبعد أن أكملا الاصطياد، ووصلا إلى شاطئ قريتهم ليخرجا الأسماك التي اصطادها، ويقومان ببيعها ليجمعا مصاريف البيت، حينها كان الكثير من أبناء القرية متجمعين بعد أن حصلوا على شيء غريب يشبه إسطوانة الغاز، وفي الحقيقة هو لغم بحري، ولكن لم يكن الجميع يعلم بهذا الشيء الذي يشبه إسطوانة الغاز، حينها قام والد الطفل محمد بربطها بالحبال، وكان يسحبها وفجأة انفجرت انفجارًا عنيفًا، لتتناثر الشظايا في كل مكان، وسالت الدماء، ليفارق والد الطفل محمد الحياة على الفور، بعد أن تهشمت جمجمته، ولتموت، أيضا، بجانبه المرأة (عواضة)، التي كانت إحدى المتفرجين، وكانت تحمل ابنتها التي لم يتجاوز عمرها العامين، حيث سكنت شظية في جسد (عواضة) النحيل، لتسقط هي وابنتها، التي كانت حينها تبكي ولم تكن تعلم بأن أمها قد فارقت الحياة.


ومنذ ذلك اليوم، والطفل (محمد) يتحمل مهمة كبيرة، وأصبح هو المسؤول عن والدته وإخوته الثمانية الصغار، فبعد وفاة والده غادرت أمه إلى مسقط رأسها في قرية صغيرة تقع بين الجبلية والمغرس، وهي مازالت تحت سيطرة الحوثيين، بينما ظل (محمد) في قرية (الغويرق) يعمل في الاصطياد حتى يتمكن من إطعام إخوته وأمه.


فقبل أن تشرق الشمس يستيقظ (محمد)، الذي يعيش حاليًا مع قريبه (حسن عبد الله)، ويصعدان على قارب والده، ويقومان، بالاصطياد لكنهما لا يستطيعان الدخول إلى أعماق البحر لاصطياد الأسماك الكبيرة، فيكتفيان بالاصطياد عن قرب خوفاً من وجود ألغام بحرية.

وبعد أن يكملا مهمتهما يعودان إلى العشة لتناول الإفطار، حيث يعد أسماك الوزف الصغيرة والخبز طعامهم الأساسي، وبعد أن يكملا طعامهما يعودان إلى الساحل لنشر الشباك وإخراج القارب إلى خارج الساحل خوفاً من أن يأتي لغم ويدمر قاربهما الذي يعد المصدر الوحيد لرزقهما، ثم يقعدان مع أطفال قريتهما ليتبادلوا أطراف الحديث، ويلعبون.


كان من المفترض أن يكمل الطفل (محمد) دراسته الآن، لكن ظروفه الأسرية أجبرته على ترك دراسته والدخول إلى البحر حتى يوفر الطعام لأسرته.

يقول محمد: «في بعض الأحيان يكون الصيد وفيراً حينها أتمكن من إخراج بعض الأسماك حتى نأكل منها وأبيعها بعضها، ففي بعض الأحيان أحصل على ألفي ريال وبعض الأحيان خمسمائة ريال، وأحيانا لا شيء، حينها أقوم بجمع ما كسبته من المال حتى آخر الأسبوع، وبعد ذلك أقوم بأداء رحلة الكفاح حتى أدخل ما جمعته من المال لأمي وإخوتي الصغار، فأمر بمناطق خطيرة بين الرصاص، وفي بعض الأوقات لا أستطيع المرور، وبعض الأوقات لا أذهب لأنني لم أكسب شيئاً من المال، ولهذا لا أذهب إلى منزل أمي في القرية التي تقطن فيها».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى