كيفية البناء على الاتفاق الجديد حول اليمن

> دانا سترول

>
حدثان بارزان مرتبطان باليمن حدثا في الثالث عشر من ديسمبر يحمل كلاهما تداعيات على المرحلة المقبلة من الحرب. أولا، تحت رعاية مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، اجتمع الطرفان المتناحران في ستوكهولم واتفقا على وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، التي تعتبر نقطة النفاذ الحيوية للمساعدات الإنسانية والواردات التجارية. ثانيا، أقرّ مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون «S.J.Res. 54»، وهو قرار مشترك مع مجلس النواب يسعى إلى وقف الدعم العسكري الأميركي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
في 6 ديسمبر، وتحت إشراف المبعوث الخاص مارتن جريفيثس، بدأ ممثلون عن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وحركة الثوار الحوثيين جولة جديدة من المفاوضات. وفي الثالث عشر من الشهر نفسه، تصافح قادة من الوفدين واتفقا على مواصلة المشاورات في مطلع العام المقبل، وإجراء تبادل للأسرى، وتطبيق وقف إطلاق النار في الحديدية، وإصدار بيان تفاهم حول مدينة تعز.

الإشارة في وثائق ستوكهولم إلى قوات الأمن المحلية، ومؤسسات الدولة المحلية، قابلة لإساءة التفسير والاستغلال من قبل الطرفين
وفي خطوة شفافة جديرة بالثناء، نشر جريفيثس الاتفاق على الإنترنت. وفي حين يشكل قيام مفاوضات مباشرة ووجود اتفاق خطي بحدّ ذاتهما إنجازا مهما، إلا أن مراجعة أولية للوثائق تكشف عن لغة مبهمة بشكل خاص حول العديد من القضايا وتخضع لتفسيرات متناقضة.

وبالفعل، تشير التقارير إلى أن الحوثيين سبق وأن استفادوا من الإشارة في اتفاق الحديدة إلى مسؤولية «قوات الأمن المحلية» عن الأمن من أجل الإصرار على أن يتولوا زمام الأمور ـ وهو أمر غير مقبول مطلقا بالنسبة للتحالف السعودي والحكومة اليمنية. وستحتاج هذه المسألة إلى توضيح من أجل منع انهيار الاتفاق بأكمله.
كما يدعو اتفاق الحديدة إلى إخراج كافة القوات من المدينة والميناء، في ظل تولي «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» الإشراف على وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات، وجهود إزالة الألغام من الميناء في المراحل التي لم يتم تحديدها بعد.

وستلعب الأمم المتحدة دورا «رئيسيا» في إدارة الموانئ وتفتيشها و «ستعزز» وجودها من أجل الاضطلاع بهذه المهمة الأكبر. ويُلزم الاتفاق الطرفين بتسهيل حرية تنقل المدنيين والسلع من الميناء وإليه، فضلا عن إيصال المساعدات الإنسانية.
وعلى الرغم من أن ذكر الحقوق الإنسانية أمر حيوي بالنظر إلى الظروف القريبة من المجاعة السائدة في معظم أنحاء البلاد، إلا أنه من المثير للقلق ألا تتم دعوة الطرفين إلى القيام بما هو أكثر من مجرد «التسهيل».

أما بالنسبة لقرار مجلس الشيوخ، فقد بذل وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيين مايك بومبيو جيمس ماتيس على التوالي جهودا حثيثة لتثبيط إقراره خلال الأسبوع الماضي، بتحذيرهما من أنه سيؤدي إلى خروج المفاوضات عن مسارها في السويد وتشجيع الحوثيين المدعومين من إيران. كما أشارا إلى أن الإدارة الأميركية أوقفت بالفعل الدعم العسكري للتزوّد بالوقود عن التحالف السعودي في الشهر الماضي. غير أنه تمّ تمرير القرار على أي حال، رغم أنه من غير المرجح أن يحقق أي تقدّم إضافي قبل العام الجديد في ضوء أولويات الكونغرس الأخرى ومعارضة إدارة ترامب لمشروع القانون.
يتعين على المجتمع الدولي الحرص على تولي «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» عملها بشكل عاجل

وإلى المدى الذي تولي فيه الجهات الفاعلة على الأرض أهمية إلى هذه المناقشات في واشنطن، يتعين على المسؤولين الأميركيين الاستفادة من خطوة مجلس الشيوخ لحثّ التحالف السعودي والحكومة اليمنية على تسريع الجولة القادمة من المحادثات. كما أن تركيز الكونغرس المتزايد على الحرب يعني أن على جريفيثس والإدارة الأميركية العمل على إبقاء تركيز كافة الأطراف منصبا على تنفيذ الاتفاق الجديد وضمان الجولة الثانية من المحادثات في يناير.
وفي المرحلة المقبلة، يتعيّن على المسؤولين التركيز على التدابير الآتية:

-مساءلة الطرفين
 في ضوء واقع انهيار جميع اتفاقات وقف إطلاق النار السابقة في اليمن، يتعين على المجتمع الدولي الحرص على تولي «لجنة تنسيق إعادة الانتشار» عملها بشكل عاجل. بإمكان مجلس الأمن الدولي تعزيز التقدّم المحرز في السويد من خلال الإعلان عن تأييده الخاص.

توضيح الغموض
 إن الإشارة في وثائق ستوكهولم إلى قوات الأمن المحلية، ومؤسسات الدولة المحلية، والبنك المركزي اليمني، جميعها قابلة لإساءة التفسير والاستغلال من قبل الطرفين المتحاربين. وقد أيّد داعمو الطرفين بأجمعهم الاتفاق مع إضافة تفسيرهم الخاص (على سبيل المثال، اقرأ ردود المسؤولين الإماراتيين والإيرانيين). يتوجب على جريفيثس استخدام الإحاطة التي سيقدمها في 14 ديسمبر أمام مجلس الأمن لتوضيح توقعاته، حيث تؤيد أوروبا وواشنطن نقاطه وتدعمانه.

تجهيز الأمم المتحدة بالموارد ودعمها بشكل فعال. من غير الواضح ما إذا كان لدى الأمم المتحدة فريق العمل والموارد الضرورية لتعزيز وجودها بسرعة في الحديدة والموانئ الرئيسية الأخرى. وقد استثمرت الحكومة الأميركية وغيرها من الجهات الفاعلة بشكل كبير في جهود المراقبة التي يضطلع بها طرف ثالث على غرار «آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش» في اليمن، وذلك جزئيا لتبديد مخاوف التحالف فيما يتعلق بتهريب الأسلحة غير المشروعة إلى الحديدة. لقد حان الوقت لكي يؤكد المجتمع الدولي على التزامه بوقف إطلاق النار والتدفق الحر للسلع الإنسانية والتجارية عبر الميناء ـ مع الإقرار بأن الطريقة الأفضل للقيام بذلك تكمن في منح الأمم المتحدة ما تحتاجه لتنفيذ اتفاق ستوكهولم والبناء على هذا التقدّم.

*زميلة في «برنامج جيدلد للسياسة العربية» في معهد واشنطن - عن (الحرة)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى