مشروع القرار البريطاني رُحّل منذ حقبة ولد الشيخ واتفاق السويد غلاف لخروجه إلى النور

> كتب/ المحامي يحيى غالب الشعيبي

>
قرار مجلس الأمن الدولي الجديد، الصادر الجمعة 21 ديسمبر 2018م، أسدل الستار عن مرحلة ما تم توصيفها خلال 4 سنوات بـ(الانقلاب والتمرد على الشرعية)، وبموجب القرار الدولي الجديد تم تعديل التوصيف للحالة السياسية باليمن، وتسميتها بالنزاع بين طرفين، كما جاء بالقرار الذي يعتبر نتيجة طبيعية لسياسات الشرعية العبثية ضد نفسها بتصفية شركائها وحلفائها وثقافة الاستعداء، وانشغالها بافتعال الأزمات مع المقاومة الجنوبية والمجلس الانتقالي وشركاء النصر العسكري، والتحريض الخارجي ضدهم، ومعادات كل من يحارب الحوثي بكل الجبهات، وامتدت خصومتها العبثية مع دول التحالف بدون وعي، وخوض معارك سياسية بشكل غبي وصبياني، وتركت الخصم والعدو الحقيقي (الحوثي)، الذي يشكل تهديداً على المنطقة برمتها، يرتب أوراقه رغم هزيمته العسكرية، مستغلاً ضعف الشرعية التي أضعفت نفسها بالتخلي عن قوتها الحقيقة سياسياً وعسكرياً.

وبالعودة إلى مضامين وجوهر القرار الأممي الجديد نوجزها بما يلي:
أولاََ: يعتبر هذا القرار هو الأول لمجلس الأمن الدولي منذ عام 2015م، وبعد 4 سنوات من الحرب.

ثانياً: قرار 2216 السابق صدر تحت الفصل السابع عقوبات؛ لأنها حالة تمرد (انقلاب)، وداعماً للشرعية، وتوصيف الحوثيين بالانقلابين والمتمردين.
ثالثاً: والقرار الجديد لمجلس الأمن رقم 2451 ألغى صفة الانقلاب والتمرد، ووصف الحالة باليمن (بالنزاع) بين الطرفين، وتكررت عبارة وتوصيف (النزاع) مرات عديدة بالقرار، وهنا يكمن جوهر ومضمون القرار الجديد، ونجاح المجتمع الدولي بتعديل توصيف الحالة والوضع السياسي في اليمن.

رابعاً: مشروع القرار البريطاني سبق مشاورات واتفاقات السويد بثلاث سنوات، واتفاق السويد كان لا يحتاج إلى قرار دولي من مجلس الأمن، والمتابع لإجراءات مسار مشروع القرار البريطاني، الذي أصبح قراراً نافذاً، يفهم أن المشروع البريطاني تم ترحيله من أيام حقبة المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ، وتم رفضه عدة مرات في مجلس الأمن، وإنما جاء اتفاق السويد يافطة وغلاف لخروج القرار البريطاني المتعثر.

خامساً: قرار مجلس الأمن الدولي الجديد كما أسلفنا كان مسودة مشروع بريطاني منذ سنوات، وصدوره يعد إلغاء ضمني لقرار 2216، ولكن دبلوماسية وذكاء ودهاء المدرسة السياسية البريطانية العريقة درست وفهمت بعمق الذهنية النفسية الهشة لقيادة الشرعية وممثليها بالسويد وبالحقل الدبلوماسي الخارجي لنفسية تفتقر الذكاء وتفتقر للعمق والبعد السياسي والخبرة الدبلوماسية، وتركز على الشكليات والمناكفة فقط لا غير، ومارست عليها سياسة الترغيب والترهيب.

على سبيل المثال سياسة الترغيب، أغلب القرارات الأممية والتوصيات بشأن اليمن تورد إكليشة (التأكيد على وحدة اليمن) في ختام قراراتها وتوصياتها، لكن القرار البريطاني وضع لهم هذه الإكليشة بمقدمة القرار هذه المرة؛ ليشعروا بالإشباع المعنوي ونزوة الانتصار الوهمي، وكذا تم ترضيتهم بمفردات جوفاء لا علاقة لها مطلقاً بنتائج السويد لا من قريب ولا من بعيد، وهي الإشارة إلى ما تسمى بالمرجعيات الثلاث، بالقرارالجديد كانت غائبة باتفاق السويد وبمسودة مشروع القرار البريطاني قبل إقراره، وتم إضافتها مساء يوم الجمعة مقابل قبول الشرعية بإلغاء صفة الانقلاب والتمرد عن الحوثيين، وتسمية الحالة بالنزاع السياسي.

سادساً: جاءت هذه الفقرات كمكسب اعتبرته الشرعية مقابل إلغاء البند 9 من المشروع الذي كان يدين قصف الحوثيين بالصواريخ البالستية لدول الجوار، وهكذا تم استغفال الشرعية ليقبلوا بعدم إدانة قصف الحوثيين بالصواريخ لدول الجوار، ويوافقوا عن غباء بأنه (الانقلاب والتمرد)، وتسمية الوضع نزاعاً سياسياً بينهم وبين الحوثيين.

سابعاً: وسياسة الترهيب، والتهديد تمثلت بالفقرة رقم 11 من المشروع البريطاني التي كانت تشدد على ضرورة إجراء تحقيقات في الوقت المناسب في الانتهاكات للقانون الدولي..إلخ، وهذه الفقرة التهديدية كفزاعة وضعها البريطانيون ضد الشرعية تم إلغائها من القرار الجديد كأسلوب من أساليب الترضية؛ لكي تشعر الشرعية بأنها انتصرت وحققت مكاسب بتعديل المشروع، وهذه هي الوسيلة الذكية لاستدراج الشرعية، تعترف بالحوثيين كطرف بالنزاع السياسي وليس كمتمردين، رغم أن ملفات قضايا حقوق الإنسان لا تسقط بالتقادم الزمني، وما تم هو ترحيل لملف تقرير لجنة خبراء مجلس الأمن الدولي فقط.

ختاماً: مضمون وجوهر القرار الأممي الجديد هو تعديل توصيف الحالة السياسية تعديلها من (انقلاب وتمرد) إلى حالة نزاع سياسي بين طرفين، فتم إسقاط مسمى الشرعية ومسمى التمرد والانقلاب وقرار دولي يوصف الحالة السياسية كنزاع بين الحكومة والحوثيين أطراف عملية سياسية.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى