القبيطة بلحج.. معاناة من الوادي إلى الجبل (1)

> تقرير/ هشام عطيري

>
يقدر عدد سكان مديرية القبيطة بحسب إحصائيات العام 2016م حوالي 159 ألف نسمة، يتوزعون على أربعة مراكز، وهي: القبيطة، اليوسفين، وكرش، والهجر، وتتبع إدارياً محافظة لحج بحسب القرار الجمهوري رقم 33 لعام 1998م، ولا يزال مركزي اليوسفين والهجر فيها تحت سيطرة قوات الحوثي حتى اليوم.

قرى الدخينة في القبيطة
قرى الدخينة في القبيطة

من كرش انعطفت السيارة يسار الطريق الأسفلتي، الذي تم مسحه من قبل فريق الألغام، باتجاه وأدي حدابة، ومنها إلى منطقة سوق الربوع بالقبيطة، والذي يعد الطريق الرئيسي الوحيد للمديرية، بعد إغلاق الطريق العام بسبب الحرب في منطقة الراهدة، وخلال الرحلة تشاهد في وادي حدابة بعض الأراضي وقد جرفتها السيول، وأعمدة كهربائية منتصبة بدون كهرباء منذ بداية الحرب، بعد أن كانت خدمتها تغطي أغلب مناطق المديرية.

معاناة الفتيات
ويشاهد المرء، وهو في هذا الوادي، العديد من الفتيات وهن يقطعن مسافات بعيدة للوصول إلى المدرسة، التي ما تزال مهددة بالمقذوفات الحوثية، فيما قامت بعض المنظمات بعمل فصول دراسية قريبة من بعض التجمعات السكانية؛ حيث عمل المجلس النرويجي ببناء 16 فصلاً دراسياً مزوداً بالطاقة الشمسية، وعدد من الحمامات لطلاب المدارس، الذين يقعون تحت خط النار في المديرية.
فتيات في طريقهم للمدرسة
فتيات في طريقهم للمدرسة

في سوق الربوع الذي يعد من أشهر الأسواق في المديرية يبدأ المرء مرحلة أخرى صعودًا إلى مناطق الدخينة والعديد من القرى المجاورة لها بطرق وعرة وغير معبدة وسلسلة جبلية مترابطة تشكل حزاماً على تلك المناطق.

صعوبة التنقل
ويشير الشيخ علي التالول، أن أهالي هذه المناطق الجبيلة يقضون أثناء نقل مرضاهم، عبر هذه الطريق الوحيدة، نحو ثلاث ساعات حتى يتمكنوا من الوصول إلى الوحدة الصحية في الربوع، فيما لا تقل تكلفة إيجار السيارة عن 15 ألف ريال، ولا تتجاوز قيمة علاجه في كثير من الأحيان الـ 4000 آلاف ريال، متمنين من دول التحالف العربي، وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، مد يد العون والمساعدة عبر ذراعها الإنساني، والمتمثل بـ «الهلال الأحمر»، وذلك برصف الطريق الجبلية الوعرة والصعبة.

طريق جبلية وعرة
طريق جبلية وعرة

فيما أوضح الشيخ طلال القليعي في حديثه لـ «الأيام» أن أهالي المديرية يشكون من هموم ومعاناة كبيرة في مجال المياه والطرقات إضافة إلى حاجتهم لدعم وحداتها الصحية وتجهيزها بكافة المستلزمات الطبية من السلطة المحلية والتحالف العربي، إضافة إلى إنهاء معاناة أزمة المياه التي يُعاني منها أهالي المديرية».

ولفت في حديثه لـ «الأيام» بأن عزلتي اليوسفين والهجر بمديرية القبيطة «لم تتحرا كاملاً» إلا أن هناك العديد من المنظمات الدولية تدخلت فيهما بالعديد من الجوانب التعليمية والصحية والخدمية.

هجرة داخلية
ويبين تقرير صادر عن قيادة المديرية أن معظم سكان المديرية في هجرة داخلية ويعملون في أعمال الزراعة الموسمية ورعي الأغنام، وينتشر الفقر فيها بنسبة 70 %، والبنية التحتية من الطرقات سيئة ومدمرة بفعل استمرار حرب المليشيات الحوثية وخاصة طريق عقان حتى مدينة الراهدة، ومثلها عدد من الجسور، مع وتوقف مشاريع المياه والكهرباء المعطلة بسبب الحرب وتعرض العديد من خطوط النقل للتلف فيما 50 % من مناطق المديرية لم تصلها خدمة الكهرباء.

أعمدة وأسلاك بدون كهرباء
أعمدة وأسلاك بدون كهرباء

وأشار التقرير إلى أن «التعليم في المديرية يشكل حالة أفضل من كثير من المديريات من حيث نوعية المعلمين وتوفر الكادر المتخصص حيث يصل عدد موظفي التربية بحسب التقرير إلى 2999 معلماً ومعلمة، بعدد مدارس يصل إلى 90 مدرسة أساسي وثانوي، إلا أن الحرب أثّرت سلباً على العملية التعليمية من خلال تهديم بعض المدارس، إضافة إلى مناطق تعاني من نقص في المبنى المدرسي، وهو ما أدى إلى إهلاك الطلاب والطالبات بكم هائل من المعاناة أثّر على تحصيلهم العلمي وعدم مقدرتهم على مواصلة تعليمهم الجامعي».

وعن قطاع الصحة، أشار التقرير إلى وجود 7 مراكز صحية، و19 وحدة صحية، يعمل فيها 173 موظفاً و67 طبيباً فقط، ولا يفي بالحد الأدنى من الخدمات الطبية؛ حيث احتياج المديرية للعديد من الأطباء إضافة إلى عدم تأهيل مستشفى كرش الريفي منذ بنائه في العام 2009م.

دمار كبير وضعف في الخدمات
من جهته، أوضح مدير عام القبيطة، عماد أحمد غانم، بأن المديرية عانت كثيراً من الحرب، وما تزال تعاني منها؛ بسبب ما تعرضت له من دمار كبير شمل مختلف الجوانب الخدمية والإدارية والبنية التحتية، مع تهدم العديد من المدارس والوحدات الصحية، وصلاً إلى استهداف المليشيات للمشاريع الخدمية وتحويلها إلى أطلال، بطريقة عكست مدى الحقد الدفين التي تحمله تلك المليشيات أثناء اجتياحها للمناطق حد وصفه.

فصول دراسة مستحدثة
فصول دراسة مستحدثة

وأوضح غانم في تصريحه لـ «الأيام» أن السلطة المحلية في المديرية بدون مكاتب؛ بسبب هدم المليشيات لجميع المكاتب والمقرات الحكومية فيها، الأمر الذي أجبرت تجاهه السلطة المحلية إلى تفريغ مبنى مدرسي في كرش واستغلاله كمجمع حكومي لعدد من المكاتب التنفيذية، فيما القضاء والنيابة لم يمارسا عملهما بعد في المديرية؛ لوجود العديد من التبريرات أهمها الوضع الأمني، وعدم تعزيز الأمن بالمعدات والأطقم العسكرية التي من شأنها أن تساهم مع القضاء والنيابة بضبط مرتكبي الجرائم بمختلف أنواعها.

منظر لبعض قرى القبيطة
منظر لبعض قرى القبيطة
وأكد المدير العام بأن انخراط العديد من أبناء المديرية في الجيش والمقاومة والحزام الأمني أثناء الحرب أدى إلى دحر تلك المليشيات وإزالة الخطورة المباشرة في العديد من مناطق المديرية التي نزح أهلها خلال الحرب، والذي وصل عددهم إلى 4000 أسرة، مُضاف إليهن أسر كانت نازحة في المديرية من أبناء الحديدة والمناطق الأخرى.

قرب التحرير
ويبيّن غانم لـ«الأيام» بأن هناك مناطق في المديرية لا تزال تحت سيطرة المليشيات، مؤكداً في السياق عن قرب تحريرها على أيدي قوات الجيش والمقاومة.
وأوضح لـ«الأيام» بأن المليشيات عملت على زرع الألغام بشكل جنوني في العديد من القرى والطرق الفرعية والمنازل وحتى وسائل الطباخة، تم استراج الكثير منها، من قِبل فريق خاص، وما تزال بعضها مزروعة ويعمل الفريق على نزعها بحسب البرنامج المعد له.

وأكد غانم على اهتمام المحافظ اللواء ركن، أحمد عبدالله تركي، بالمديرية، إلى جانب العديد من المنظمات الإنسانية، والتي تدخلت في عدد من المجالات، منها ترميم 12 وحدة صحية وعدد من المدارس، إضافة إلى 14 ألف أسرة مستفيدة من النقد مقابل العمل والنقد غير المشروط، لافتاً إلى أن «السلطة المحلية بالمديرية لديها مهام وأولويات لخدمة المديرية على رغم وضعها الصعب، وعدم وجود مجمع حكومي وميزانية لا تكاد تذكر، معولاً في تجاوز الظروف الصعبة على دعم الجهات ذات العلاقة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى