غيّروا وجه التاريخ: إسحاق نيوتن مكتشف الجاذبية

> إعداد/ د. ياسر عمر الهتاري

> هو من أعظم العلماء أثراً في تاريخ الإنسانية، ولد يوم عيد الكريسماس ولم تبدُ عليه بعد ولادته علامات النبوغ والذكاء، ولكن ظهرت عليه البراعة باستخدام يديه، فأشتكى مدرسوه لأمه بسبب عدم تركيزه أو اهتمامه بما يقولون فاستسلمت أمه لفكرة أن يكون نجاراً أو مزارعاً فأخرجته من المدرسة، أنه الإنجليزي إسحاق نيوتن Isaac Newton صاحب أكثر القوانين تأثيرا في حياة البشرية.
ولد نيوتن في شهر ديسمبر من سنة 1642م بعد وفاة والده بثلاثة أشهر تقريباً، فكان يتيماً حتى قبل أن يولد، وكان هزيل الجسم ولم يتوقع له النجاة بعد الولادة، حتى أن أمه كانت قد قالت في أولى أيام حياته بأن نيوتن يمكن وضعه في (الكوارت)، والكوارت وعاء صغير يستخدم لمكيال ما مقداره ربع جالون من السوائل فقط، وتزوجت أمه من رجل آخر وعاش هو في كنف جدته.

وضع أعظم نظريات الفيزياء وهو في الواحد والعشرين من عمره

وما أن بلغ نيوتن الثانية عشرة حتى بدت عليه اللهفة لقراءة كل ما يقع بين يديه من الكتب، وشب هذا الفتى وتمكن من الالتحاق بجامعة كمبريدج كطالب (عامل)، وهو ما يعني أن يعمل مقابل جزء من مصاريف الدراسة التي لم يقوَ على سدادها، وهناك قرأ كل شيء من الكتب، ولم يبلغ نيوتن من العمر الواحد والعشرين إلا وكان قد أرسى كل أسس نظرياته الفيزيائية التي قلبت موازين العلوم بعد ذلك.

 وكان نيوتن يعمل على نظرياته سراً، وكان صبوراً إذ لم يكشف عنها إلا بعد أن يتفحصها تماماً ويتأكد من صحتها مائة في المائة، وكانت أولى نظرياته بعيدة تماماً عن الجاذبية التي اشتهر بها، إذ كانت أولى نظرياته عن الضوء، حيث يعد نيوتن أول من تمكن من تحليل الضوء الأبيض إلى ألوان الطيف.
ويعتقد معظم النّاس أنّ اكتشاف الجاذبيّة الأرضيّة هي العمل الوحيد الخاص بالعالم إسحاق نيوتن، إلّا أنّه عمل على إنجاز العديد من الاكتشافات الأخرى حيث إنّه طوّر القوانين الثلاثة الخاصّة بالحركة والتي شكّلت مبادئ رئيسيّة للفيزياء الحديثة وهي القوانين التي عرفت بقانون نيوتن الأول والثاني والثالث، كما كان قد أهتم بالرياضيات وقاده اهتمامه بها إلى اكتشافاته الخاصّة بالتفاضل والتكامل كعمليّة للوصول إلى طرق حل المسائل الرياضيّة، وتوصل إليها وهو لم يتجاوز الواحد والعشرين من عمره فقط، ويكفي نيوتن اكتشافه لعمليات التفاضل والتكامل كي يخلده التاريخ العلمي.

 أمّا عمله في البصريات فقد احتوى على دراسات خاصّة بالضوء الأبيض، واكتشاف ألوان الطيف المكونة له، حيث كانت تجاربه الخاصّة بالضوء هي السبب وراء شهرته في بادئ الأمر، ولشدة اهتمامه بدراسة الضوء والبصريات فقد عمل على اختراع أول تلسكوب عاكس في سنة 1668م، وهو في تركيبه نفس التلسكوب المتطور الذي يستخدم في يومنا هذا، حيث اعتمد في تصميمه على المرايا بخلاف منظار جاليليو الذي اعتمد على العدسات، أما أعظم قوانينه فكانت صياغته لقوانين الحركة والجاذبية والتي أحدثت ثورة وانقلاباً والتي على أساسها ارتكزت العديد من الاكتشافات والحقائق الفيزيائية والفلكية فيما يتعلق بحركة النجوم والكواكب والمذنبات وتفسير شكل حركتها وسرعتها وهو ما يعرف بالميكانيكا السماوية.

وفي سنواته الأخيرة كان نيوتن يعيش مع ابنة أخته وزوجها في إنجلترا، وكان من أشهر وأغنى الرجال في أوروبا، وكانت اكتشافاته العلمية في الصدارة، إلا أنّه لم يتزوج ولم يكن ناجحاً في تكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية، إذ كان كل اهتمامه ووقته منصباً على صياغة العديد من النظريات في مجال البصريات والرياضيات والحركة والجاذبية أو في التحقق من نظريات العلماء الآخرين الذين كانوا يطمأنون إليه ويرسلون إليه بنتائج أبحاثهم ليراجعها ويتأكد من صحتها أو ليسدي إليهم ببعض النصائح حولها، فنيوتن كان محل سر مؤتمن بالنسبة لهم، فهو في غنى عن سرقة أبحاث الآخرين أو الاقتباس منها أو تطويرها إلا بعد أن تنشر هذه الأبحاث والدراسات علناً من قبل أصحابها.
تيليسكوب نيوتن في معرض الجمعية العلمية الملكية البريطانية
تيليسكوب نيوتن في معرض الجمعية العلمية الملكية البريطانية

مرض إسحاق نيوتن قبل وفاته، وتوفّي في يوم 31 مايو من سنة 1727م أثناء نومه عن عمر يناهز 84 سنة، وكتب على ضريحه (هنا يرقد إسحق نيوتن الذي اكتشف مسارات وأشكال الكواكب، ومسارات المذنبات، ومد وجزر البحر، واختلاف أشعة الضوء وما لم يتصوره عالم آخر من قبل).
وبعد وفاة نيوتن صرّح العديد من معاصريه بأنّه أعظم عبقريّ عاش على الإطلاق، والآن يعتقد العديد من كبار علماء العالم ألا أحد يرقى إلى مرتبة نيوتن ونظرياته إلا عالم واحد فقط هو البرت إينشتاين، بل ويرى بعض العلماء أنه يتفوق عليه.

وقبل وفاة نيوتن كانت بلدية لندن قد خصصت مساحة حددتها كمقبرة لدفن العظماء، ولم يستحق أحد شرف الدفن فيها كأول عظيم إلا حين مات نيوتن، فكان هو أول من دفن فيها، وكما يقول العلماء المعاصرون بأن نظريات نيوتن ستظل حية وستظل أساساً للعديد من الاكتشافات والنظريات الأخرى طالما بقيت علوم الفيزياء والرياضيات وارتباطها بالميكانيكا والفلك، فكان إسحاق نيوتن بأعماله واحداً ممن غيروا وجه التاريخ.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى