اليمن.. بين الأطماع الغربية والغياب العربي والإسلامي

> ابراهيم عبدالله هديان

>
​تتقاطع المصالح الغربية في اليمن بشكل متسارع والذي يعيش تحت وطأة الحرب منذ أربع سنوات، حيث تشهد الساحة الإقليمية والدولية تحركا واسعا وملحوظا بخصوص اليمن وميلاد قرارين أمميين صادرين من مجلس الأمن في غضون أقل من شهر والذي كان ساكتا لمدة طويلة وفجأة نجد اهتماما غريبا بالشأن اليمني الذي يؤكد أن التدخلات الغربية الحالية ليست بريئة والجميع يختبئ ضمن جلباب الأمم المتحدة التي تعد الطريق الأمثل لتدمير الدول النامية وتقسيمها حسب جداول الفوضى الخلاقة والنظرة الاستعمارية..

لا نستطيع فصل المتغيرات الدولية عن الساحة اليمنية، فمنذ إعلان استفتاء بريطانيا حول خروجها من الاتحاد الأوروبي حاولت أن تجدد نفسها في المنطقة العربية وتلعب دورا منافسا لدول الاتحاد وخاصة ألمانيا وفرنسا، والبداية كانت من تعيين مبعوث أممي جديد في اليمن يحمل الجنسية البريطانية الذي يعمل بدعم كامل من حكومته وبتنسيق تام مع الأمريكيين للحفاظ على مصالحهما في المياه الإقليمية العربية التي تعد من أهم طرق الملاحة الدولية. الاتحاد الأوروبي لم يكن بعيدا عن الطبخة الجديدة حيث سارعت السويد لاستضافة المشاورات بين الأطراف المتحاربة وإرسال مراقب هولندي إلى مدينة الحديدة لمزاحمة البريطانيين في المخطط الداعي إلى إعادة السيطرة على السواحل اليمنية.

قرارات أممية مبهمة وغير واضحة المعالم، حيث تسعى الأطراف اليمنية المتحاربة إلى التفسير حسب مزاج كل طرف ومصالحه ورغبته دون البحث في جوهر القضية التي ذهبت بميناء الحديدة الإستراتيجي إلى الحضن الدولي وسط تبادل للاتهامات الداخلية العقيمة والتي أوصلت اليمن وشعبها العروبي الأصيل إلى الدرك الأسفل من المعاناة والبؤس وانتشار الدم والقتل في كل ربوع الوطني، مع انقطاع للرواتب لأكثر من سنتين وغياب تام لأبسط الخدمات الإنسانية من ماء نظيف وكهرباء وصحة وتعليم وسط قصف الطيران.

شهر منذ مشاورات السويد ولم يتحقق شيء ملموس، فمطار صنعاء الدولي مازال مغلقا منذ بداية الحرب ولا يستقبل إلا طائرات الأمم المتحدة، كذلك الملف الإنساني الخاص بتبادل الأسرى مازال رهين التراشق الإعلامي والكيد السياسي وسط غياب الأرقام الحقيقية التي تظهر حجم الكارثة لأهالي الأسرى والمغيبين قسرا، والرواتب أيضا لم تصرف ولم يتحقق شيء في هذا الملف سوى المزيد من المعاناة لدى مختلف القطاعات المجتمعية التي تعاني الفاقة والجوع والفقر الذي اقترب من ثلثي الشعب اليمني حسب تصنيف المنظمات الدولية المختلفة، الشيء الوحيد المتغير منذ لقاء السويد هو اشتداد المعارك في مختلف الجبهات من البيضاء إلى الضالع مرورا بتعز ولحج وصولا إلى حجة وصعدة، فيما يشهد الجنوب تصاعد وتيرة الاغتيالات السياسية مع تنامي قوة الأحزمة الأمنية.

وسط كل هذه الكوارث التي يعيشها الشعب اليمني فإن العالم الغربي يعيش برجوازيته السياسية ويعمل بسرعة السلحفاة في إيجاد الحلول والمخارج السياسية العاجلة، ومن الواضح أن هناك خلافا كبيرا في كيفية تقاسم النفوذ وإعادة الإعمار.. والصورة التي يجب أن يكون عليها اليمن مستقبلا، هل تكون دولة واحدة أم ضمن إقليمين، شمالي وجنوبي، أم أن الغرب يسعى إلى التقسيم الرباعي والسداسي ضمن خطط مذهبية وعرقية تعيد تقسيم المقسم وتذهب باليمن الواحد إلى أدراج الرياح. من الواضح أن المكر البريطاني والطمع الأوروبي والاستكبار الأمريكي حاضر بقوة في الملف اليمني الذي مازال ينزف بقوة ويظل الشعب مراوحا مكانه بين أنانية السياسيين اليمنيين والأطماع الخارجية.

إلى أين تذهب اليمن وسط كل هذه الظروف؟
سؤال يتناوله المراقبون والمهتمون والمتابعون للشأن اليمني الذي تتولاه حكومتان وثلاث سلطات في صنعاء وعدن ومأرب ومليشيات منتشرة في مختلف المحافظات وأحزمة أمنية وألقاب متنوعة للجيش اليمني، وأحزاب عقيمة تتصارع فيما بينها من أجل الفتات وتزايد على الشعب بالوعود والشعارات والأماني في مسلسل طويل تمتاز الأحزاب بإتقان تمثيل حلقاته بشكل مقزز وملعون من قبل كل الفئات والفعاليات داخل وخارج الوطن.

سيبقى الصراع طويلا طالما لا توجد الإرادة الحقيقية لوقف الحرب ووقف تدخلات دول الإقليم من كل الجهات، وما أكثر تلك الدول التي تلعب داخل اليمن في غياب سلطة قوية وقانون يردع «العمالة»، وإلى أن يعقل السياسيون سيظل اليمن تحت الأطماع الغربية والخوف من المجهول وتحويل اليمن إلى (أفغانستان جديدة) تعيش الصراعات الدينية والقصص التاريخية والتدخلات الخارجيه وضياع الرؤية الوطنية.

عن (رأي اليوم)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى