مستقبل اليمن.. مشروع سياسي وتغيير دستوري يمنح الإدارة الذاتية

> د. باسم المذحجي

>
خارطة طريق لمشروع الإدارة الذاتية هو عبارة عن عقد اجتماعي جديد بين المواطن والدولة اليمنية، بوصفها سلطة عليا، لكنها ممثلة بالإدارة الذاتية. لكن ما الذي يعيق إنجاز الحكم الذاتي، بناء قاعدة شعبية تقول: «ما يؤثر في كل الشعب يجب أن يوافق عليه كل الشعب».

لو رجعنا للماضي، فاليمن عبارة عن دولة مركزية منذ 1962م، ما لبثت في سنة 1990م أن تمسكت بالمركزية بعد الوحدة الاندماجية 1990م، لكن ذاتها المركزية كانت سبب حرب صيف 1994م، وكبر استبدادها إلى مركزية ضم وإلحاق بالقوة العسكرية، أو العنف الشرعي 1994م، ودخلت فكرة الفيدرالية سنة 2012م مسودة حبر على ورق، لكنها لم تصمد سوى سنتين، أي إلى 2014م، لتتحول بعدها اليمن إلى مسرح مفتوح للحرب الأهلية، والتدخلات الدولية والإقليمية.
ما استهليت به الأسطر السابقة عن العقد الاجتماعي، هو ذاته خارطة طريق مستقبل اليمن، لكنها تواجه عددًا كبيرًا من الألغام التي ستنفجر في وجه مسألة الحكم الذاتي، مثل:
1 -  صراع المصالح.
2 -  مشكلة الشخصية الدولية.
3 -  مشكلة منطقة الحكم الذاتي.
4 -  استغلال الموارد الطبيعية.
5 -  مشكلة توزيع الصلاحيات.
6 -  المسائل الأمنية.
7 -  السياسة الاقتصادية والمالية العامة.
8 -  أصل السلطة في المنطقة المتمتعة بالحكم الذاتي.
وتلك ما استطعت تطبيبها في عملي البحثي، من دمج إدارة التغيير والأزمات والمحددات، مع اقتصاد المعرفة والسلوك، عبر المسلمات في بناء الحكم الذاتي لشعب واحد، وفي وطن واحد، بحيث المسؤولية الدولية تمثلها السلطة العليا للبلد، لتنحصر الأهلية للعضوية في الأمم المتحدة في كيان السلطة العليا، ما عدا العلاقات الدولية العامة، فمسموح بالاقتصادي والاستثماري، وتحجب السياسية مقابل أن يكون الدفاع عن الوطن مسئولية مشتركة على كل مناطق الحكم الذاتي، أو مناطق الإدارة الذاتية، كما تشرح هنا خارطة طريق الإدارة الذاتية في اليمن.

مستقبل اليمن محصور في الحديث عن مشروع سياسي قائم، وقوات أمنية عسكرية لا يستهان بها، ليتبعها إجراء تغيير دستوري يمنح الإدارة الذاتية دستوريًّا جزءًا من النظام الإداري اللامركزي، بمعنى أنه ليس نسقًا فيدراليًّا بكل ما يتطلبه، لكن إدارة ذاتية تضمن الأمن، والاستقرار، والتنمية الاقتصادية، والاستثمار. لكن هناك حقوقًا اجتماعية وتنموية يجب معالجتها عندما نعتمد عقدًا اجتماعيًّا جديدًا.

الاحتواء الإستراتيجي المزمن
للحصول على الحكم الذاتي في كل منطقة حكم ذاتي، هناك شروط يجب توافرها، واشتراطات يجب العمل بها دستوريًّا لتجيز الحق في الحكم، والإدارة الذاتية.

ما المطلوب من سلطات الإدارة الذاتية؟
1 -  المواطنة والتنقل والإقامة، والحق في العمل والاستثمار.
2 -  الإصلاح الاقتصادي الزراعي بخطط مزمنة، وتوقف زراعة القات وتعاطيه.
3 -  تحديث القيادة، وبناء توصيف وظيفي، وقبول شعبي إستراتيجي تنموي.
4 -  توحيد سياسة الأوعية الإيرادية: فالجمارك محصورة على المنافذ البرية، والبحرية، والجوية فقط، في حين الضرائب على السلع، والخدمات، وضريبة الدخل، وضريبة العقار، وضريبة المبيعات مفتوحة في كل المناطق اليمنية.

لكن هنالك مجموعة من التدابير التي تمنحها السلطات العليا في اليمن لممثليها في الإدارة الذاتية:
1 -  إدارة الشؤون القومية، والمحلية في مناطق الحكم الذاتي بشكل مستقل.
2 -  التمتع بحق وضع لوائح الحكم الذاتي، واللوائح الخاصة.
3 -  احترام وضمان حرية الاعتقاد الديني، والشعائر الدينية.
4 -  الحفاظ على العادات والتقاليد القومية، أو إصلاحها.
5 -  ترتيب وإدارة وتطوير البناء الاقتصادي بشكل مستقل.
6 -  تطوير قضايا التعليم والعلوم والتكنولوجيا والثقافة بشكل مستقل.

خارطة طريق مستقبل اليمن
تعتمد الفكرة على أن ذات الدوائر الانتخابية الراهنة، عند صعود مرشحيها في انتخابات برلمانية جديدة ونزيهة، ستقوم رئاسة البرلمان لمنطقة الحكم الذاتي باستقبال طلبات الترشح لرئاسة الحكومة، من ثم تشكل حكومة للإدارة الذاتية، يظل أعضاء البرلمان هم ذاتهم في المجلس التشريعي المركزي في العاصمة صنعاء، أو العاصمة عدن، لكن الحكومة المصغرة لن ترتبط بالدولة المركزية في صنعاء عبر وزير الشريعة والتعليم، ووزير الغذاء والدواء، ووزير التنمية والاستثمار، ووزير الأمن والجيش، ووزير المالية والتخطيط. وبذلك تكون ممارسة هيئات الحكم الذاتي حقوقها السياسية في إدارة الشؤون الداخلية المحلية على نحو جدي. تتخذ أجهزة الدولة الأعلى، وهيئات الحكم الذاتي في مناطق الحكم الذاتي إجراءات متنوعة لإعداد الكوادر، والفنيين المتخصصين، والعاملين الإداريين من أبناء المناطق ذاتها فقط.

هذا النموذج البسيط، أقل كلفة، وبأقصر وقت سيمنحنا حكومة مصغرة تدير كامل الإقليم أو منطقة الحكم الذاتي، ومنطقة الإدارة الذاتية، ورئيسها، أي الحاكم، هو ممثل الإقليم في السلطة العليا لدولة اليمن.

التنافس السياسي سيكون من القاعدة الشعبية عبر مرشح برلماني، وهذا لابد ويجمع الجميع عليه حتى لو كان حزبيًّا. القضاء ثابت كما تم بناؤه في العاصمة صنعاء؛ كون هيئة التفتيش القضائي لابد وأن تكون من أبناء منطقة الحكم الذاتي، في حين الجيش كما هو مرتب بناء على واقعنا اليوم، كل حسب بنائه الهرمي، والعسكري، بشرط إخراج المعسكرات خارج المدن، ومناطق التنمية والاستثمار، ويمكن استصلاح الصحراء من قِبل الجيش. ومن هذا المنطلق، أنظمة الإدارة الذاتية للحكم الذاتي ستأخذ شكلها السابق، لكن بعد اتخاذ إجراءات تصحيحية شاملة، تشمل:
1 -  الديمقراطية الإلكترونية التعاونية.
2 -  منظومة الدفع الإلكتروني.
3 -  منظومة الشكاوى، والإنصاف الإلكتروني.
4 -  منصات إلكترونية لكل عمليات الإدارة الذاتية.
5 -  منصات إلكترونية للترويج السياحي والاستثماري.

والخمس الأخيرة يراد بها منصات تكشف خطط العمل في مناطق الإدارة الذاتية، والأموال المتلقاة، وكيف تدار، ومن المسئول، ومن المحاسب، بما في ذلك الشخص الذي سينتخب في البرلمان، والذي سيتم تعينه في الحكومة.
يتضح مما سبق أننا نحتاج إلى مبنى بسيط يضم قاعة لفريق البرلمان المنتخب، وأخرى للحكومة «السلطة المحلية، أو فريق الحكم الذاتي»، وقاعة أخرى لهيئة التفتيش القضائي، وقاعة أخرى للترويج الاستثماري، وطلبات التنمية، والاستثمار وإصدار التصاريح والمناقصات، وقاعة أخرى للمنصات الإلكترونية الخاصة بكل فريق، زد عليها موقع لمنظومة الدفع والتحصيل الإلكتروني، وتلقي الشكاوى، ومتابعة ما تم إنجازه، ونشره على المنصات الإلكترونية.
عن «ساسة بوست»​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى