> تقرير/ عبد الله الظبي

يُعد مصنع شقرة لتعليب الأسماك بمحافظة أبين، أول مصنع يُنشأ على مستوى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ويعود تاريخ تأسيسه إلى 21/6/1967م في عهد الرئيس سالم رُبيع علي (سالمين).
ويقع المصنع في منطقة شقرة بشرق مدينة زنجبار، عاصمة المحافظة، بنحو 50 كيلو متر، وبلغ عدد العمال فيه أثناء افتتاحه -في عهد سالمين- 149 عاملاً وعاملة، وتولى إدارة المصنع عدد من المديرين، كان أولهم م. محمد محرز، ثم محمد عمر حسين، وعبدالله سعيد الزري، وجامع الصوملي، وعبدالمجيد مرشد، وحسين صالح عمر، وعوض سالم المقرمي.

كما تُعد شقرة إحدى أهم المناطق الساحلية على مستوى أبين، وتتبع إداريًا لمديرية خنفر، كما تتميز بموقع جغرافي مهم، وتطل على البحر العربي بشريط ساحلي كبير، وهي من أكثر المناطق إنتاجاً للسمك بجميع أنواعه، الذي يصدر لجميع المحافظات والدول المجاورة.

توقف إجباري
وتوقف عن العمل بقرار سياسي في شهر فبراير من العام 2002م من النظام السابق، وفي يناير من العام 2004م تم إحالة موظفيه بقرار سياسي إلى الخدمة المدنية كغيره من المصانع، التي كانت تشهر بها الدولة قبل الوحدة مع الجمهورية العربية اليمنية، وصولاً إلى إحالتهم  بقرار آخر إلى التقاعد المُبكر قبل بلوغهم أحد الأجلين في فبراير من العام 2008م.

أول مصنع في الجنوب
يسلم صالح
يسلم صالح
وأوضح رئيس قسم الصيانة في المصنع ورئيس النقابة العمال، يسلم صالح محمد، قائلاً: «إن مصنع شقرة لتعليب الأسماك، والذي يُعد أول مصنع في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، تأسس في عهد الرئيس (سالمين) من قِبل شركة اليابانية، التي كانت تعمل في الاصطياد ضمن اتفاقيات مع الدولة». مضيفاً: «كما قام سالمين آنذاك بابتعاثنا ضمن طلاب آخرين للدراسة في اليابان، وبعد استكمالنا الدراسة عملنا فيه بمعية الطلاب الدارسين أيضاً في الاتحاد السوفيتي -سابقاً- إلى جانب خبراء من دولة روسيا، وبهذا أصبحت العمالة كلها جنوبية، واستمر المصنع بالعمل في الإنتاج وتصدير، وكان من أبرز ما ينتجه هو أسماك السردين والماكريل والتونة، وتم تطويره إلى أن أصبح عدد العمال فيه 149 عاملاً وعاملة، فكان من المشاريع المربحة للدولة بدعم الاقتصاد الوطني، ويقدم الدعم للمحافظة في جميع المجالات، ولو استمر سيشكل ثروة كبيرة، ولكن مع الأسف الشديد الدولة والإدارات التي تعاقبت عليه أهملته ولم تقم بتطويره».

وأضاف في تصريحه لـ «الأيام»: «في العام 2002م تم توقيف المصانع بقرار سياسي من النظام السابق، ومن ثم إحالة العمال إلى الخدمة المدينة أيضاً بقرار سياسي في 2008م.. وحاولنا إبرام عقد مع (شركة المكلا)، ولكن الدولة أصرت على توقيفه، ونقل المعدات إلى مصنع حضرموت بعد أن تم توقيفه بشكل كامل، وما يهمنا الآن هو دفع المديونية التي على المصنع للصيادين والمقدرة بـ 13 مليون، بالإضافة إلى حقوق العاملين الذين تم إحالتهم إلى التقاعد المبكر وبرواتب متدنية».

ولفت محمد إلى أن «وزير الثروة السمكية وعد خلال زيارة قام بها إلى المصنع بمعية المحافظ ووزير النقل بإعادة تأهيل المصنع»، مناشداً في الختام الجهات المعنية والمنظمات الدولية العاملة في اليمن بتقديم الدعم لإعادة تأهيل المصنع باعتباره من أهم المصانع التي تدر دخلاً للدولة والمواطن.

صدر منتجاته إلى الخارج
أمين أحمد
أمين أحمد
وقال رئيس قسم التبريد في المصنع، أمين أحمد علي هادي: «كان مصنع شقرة لتعليب الأسماك من أهم المصانع الإنتاجية في البلاد، ورافدًا اقتصاديًا للدولة؛ من خلال تصدير المنتجات إلى الخارج وبالعملة الصعبة، وقد حصل على إثرها على العديد من الميداليات الذهبية، فضلاً عن توفيره فرص عمل لأبناء المنطقة في المحافظة والمحافظات الجنوبية الأخرى، كما كان ينتج أثناء تأسيسه نحو 4 أطنان يومياً، غير أن هذا المصنع تعرض للإهمال من قِبل المعنيين وصولاً إلى توقفه عن العمل بسبب القرارات السياسية في العام 2008م، وإحالة موظفيه إلى الخدمة المدنية والتقاعد المبكر، وحالياً نأمل من الدولة إعادة النظر تجاه المصنع، وإعادة تأهيله وتشغيله للاستفادة منه، لما سيكون له من مردود اقتصادي كبير، كما نوجه رسالتنا إلى الجهات ذات العلاقة والمنظمات الدولية نطالبها من خلالها بضرورة إعادة تأهيله، ونتمنى أيضاً من السلطة المحلية في المحافظة أن تسعى إلى طرح موضوعه على المستثمرين لإعادته لعهده ومجده السابق».

صالح يسلم
صالح يسلم
وأشار صالح يسلم عمر، وهو أحد موظفي المصنع وأحيل للتقاعد مبكراً، إلى أن «المصنع عمل منذ تأسيسه بعام 1976م بوتيرة عالية، وبكوادر مؤهلة وعمال من أبناء المحافظة والمحافظات الجنوبية الأخرى، وباعتماد كلي على الإنتاج المحلي من أسماك التونة المُصادة من قِبل صيادي المنطقة في محافظة أبين، قبل أن يُصبح أطلال وخراب نتيجة للتآمر الذي تعرض له».
وأضاف: «لقد تم إحالة جميع الموظفين فيه إلى التقاعد القصري والمبكر، ولم يتم تسوية مرتباتهم كغيرهم من موظفي المرافق والمصانع الحيوية في الجنوب، ليضحى عماله يعانون الأمرين بسبب هذه السياسة المتبعة، وعبر «الأيام» نطالب من قيادة الدولة ممثلة برئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والوزير الثروة السمكية وكذا السلطة المحلية بضرورة النظر في تسويات مرتبات الموظفين العاملين فيه أسوة بزملائهم الذين لا زالوا في العمال، وكذا البحث عن منحة لإعادة تأهيل المصنع مجددًا باعتباره رافدًا اقتصاديًا هامًا، وإعادة الكوادر التي تم تسريحها قصراً أو توظيف أبنائهم بدلاً عنهم تقديرًا لجهودهم التي بذلوها سابقاً».

كان رافداً اقتصادياً للدولة
عوض سالم
عوض سالم
من جهته، أوضح عوض سالم المقرمي، وهو آخر مدير للمصانع أن مصنع شقرة لتعليب الأسماك كان رافداً اقتصادياً للوطن منذ تأسيسه في عهد الرئيس سالمين في عام 1976م من قِبل إحدى الشركات اليابانية العاملة في الاصطياد، وأُنشئ هذا المصنع في وقته لحاجة الناس له في حينه، وكذا لشهرة منطقة شقرة في المحافظة بكثرة أنواع الأسماك فيها، وللاستفادة منها كمصدر اقتصادي، وخلق فرص عمل للكثير من المواطنين وخاصة المرأة، وقد وصل عدد من تم استيعابهم من العمال إلى 149 عاملاً وعاملة ويزيدون بزيادة الإنتاج، وبهذا كان يمثل أحد مصادر العيش للكثير من الأسر العاملة من أبناء منطقة شقرة أو من أبناء المحافظة أو المحافظات الآخر.

ولفت المقرمي في تصريحه لـ «الأيام» إلى أن القدرة الإنتاجية للمصنع في بداية تشغيله بلغت نحو 4 طن يومياً لجميع أنواع الأسماك، وزادت الكمية فيما بعد نتيجة دخول الآلات والمعدات الحديثة فيه، قبل أن يتعرض للتوقف بقرار سياسي صادر من قِبل النظام السابق، والذي حُرمت بسببه منطقة «شقرة» الكثير، فضلاً عن إحالة كل عماله إلى التقاعد المبكر، وقطع مرتبات بعضهم. مضيفاً: «ونحن اليوم نأمل بعد الزيارة التي قام بها كل من وزير الثروة السمكية، ووزير النقل، ونائب وزارة الصناعة والتجارة، وقدموا لنا خلالها وعوداً بإعادة تأهيل المصانع وكذا دفع المديونية التي عليه وتسوية حقوق العمال، كما نأمل من المحافظ اللواء أبوبكر حسين سالم بمتابعة الموضوع، باعتبار أن تأهيل المصنع سيمثل مورداً مالياً كبيراً للمحافظة وسيستوعب الكثير من الشباب».

وقال المقرمي: «إن مصنع شقرة لتعليب الأسماك كان يشتهر بتصنيع أسماك السردين بالطماطم والزيت، وأسماك الماكريل بالطماطم والزيت، وأسماك التونة بالزيت، وكان يُعد مؤسسة هامة ترفد الاقتصاد الوطني بالعملة الصعبة من خلال تصدير الإنتاج إلى الخارج، منها دول الخليج العربي، حاز على إثرها المصنع على عدد من الميداليات الذهبية؛ أبرزها من معرض (لابيزج) الدولي بألمانيا، وكذا من معرض في بلغاريا».