حضرموت.. مملكة الثروة والقوة ماضيا وحاضرا ومستقبلا

حضرموت.. مملكة الثروة والقوة ماضيا وحاضرا ومستقبلا

> إعداد/ علوي بن سميط

>
حضرموت من أهم ممالك الجزيرة العربية منذ ما قبل الميلاد بقرون واحتربت مع الممالك الأخرى وتمددت أراضيها حتى وصلت إلى رداع وإلى الشرق ظفار، وأنقل نصاً وحرفاً من مقالة علمية للدكتور كرستيان جوليان روبان المدير المساعد لمؤسسة الأبحاث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي بباريس المعنونة بـ(الممالك المحاربة من القرن الأول قبل الميلاد حتى القرن الثالث الميلادي) إلا أنني عنونت جزءا من بحثه - المقالة -  (حضرموت مملكة الثروة والقوة).

- خلال القرنين الثاني والأول قبل الميلاد تراجعت تجارة القوافل، رغم بعض النقوش التي تركها تجار معينيون وحضرميون تشهد على مرورهم بمصر أو في الجزيرة الإغريقية ديلوس Delos.

وبعد بداية العصر الميلادي لا نجد إلا وثيقة واحدة كانت لاتزال تشير إلى تجارة القوافل وهو كتاب التاريخ الطبيعي للروماني بليني الأكبر لكن هذا الكتاب الذي اعتمد على دراسات سابقة وعلى وثائق من الأرشيف كان يصف نظاماً كفّ عن الوجود.

من المؤكد أن الطريق البحري قد حل محل البري منذ عهد أغسطس.
ويؤكد كتاب صغير مجهول المؤلف تم تحريره باللغة الإغريقية حوالي عام 40 أو 50 ميلادية أن موانئ اليمن موزة mouza (اليوم مخا) وأوديمون آرابيا Eudaimon arabia (اليوم عدن)  وكاني kanne (قنأ القديمة وبير علي اليوم) كانت كثيفة النشاط.

ولاحظ المنقبون الروس في بير علي أن الميناء تطور اعتباراً من القرن الأول الميلادي ومن ثم فإن الرومان سوف يستوردون بضائعهم مباشرة من المنتج وبما أنهم يسيطرون على الطريق البحري فقد باتوا يسيطرون منذ ذلك الحين على التجارة الدولية مع جنوب الجزيرة العربية والهند.

وكان سواء بالنسبة لحضرموت التي كانت تمتلك آنئذ كافة المناطق المنتجة للبان (سأكلان، اليوم ظفار العمانية؛ مهرة؛ اليوم المهرة؛ سكرد، اليوم سقطرة) أن يتم التصدير بواسطة القوافل أو المراكب أما بالنسبة الى الدول والقبائل التي كانت تقوم بدور الوسطاء بين حضرموت والبحر المتوسط وتجني من وراء ذلك منافع كبيرة بفضل توفير الركوب والحيوانات والدواب والكلأ والماء وقوات الحماية فقد كانت خسارتها هائلة: وذلك هو أيضاً أحد أسباب انهيار دولتي سبأ وقتبان.

ومادامت تجارة القوافل مزدهرة فقد مارست حضرموت علاقات وثيقة مع الوسطاء ولاسيما مملكة معين ونحن نعلم أن المعينيين كانوا يقيمون في شبوة عاصمة حضرموت وأن ملكاً من حضرموت قد بنى محفداً في سور العاصمة المعينية قرنو (معين اليوم) كي يعزز ولاشك العلاقات المفيدة للطرفين لكن تغييراً هاماً قد طرأ حوالي نهاية القرن الأول قبل الميلاد، فقد سيطرت حضرموت على المنطقة الرئيسية المنتجة للبان سأكلان وأسست فيها ميناء سمهر (اليوم خور روري)، أما ميناء (موشا) الذي ذكرته المصادر الإغريقية وحدها وكتاب الطواف حول بحر الحبشة وبطليموس فلم يتم تحديد مكانه بصورة مؤكدة، عندئذ أطلقت حضرموت حملات عسكرية ضد المملكة السبئية وصارت القوة الرئيسية في جنوب الجزيرة العربية واتخذ ملكها يشهر إيل يهرعش ابن ابي يسع لقب المكرّب الذي هجرته قتبان وتم تدشين مجموعة جديدة من النقود مع قطع برونزية كبيرة بوجه خاص.

بقيت حضرموت أحد الممثلين الرئيسيين على مسرح جنوب الجزيرة العريية خلال قرنين وحتى العام 230م وفي اللحظة التي كانت خلالها قتبان تختفي بين عام 160 و 200 نجحت في ضم الجزء الأكبر من أراضيها وفي نحو عام 218 عندما اعتلى إيلي عز يلط ابن عمي ذخر العرش كانت حضرموت تبدو في أوجها: فأراضيها تمتد من رداع الى ظفار (في عمان حالياً) كما أبرمت حلفاً مع سبأ رسخه زواج إيلي عز من أخت الملك السبئي  شعرأوتر على الرغم من أن السقوط صار وشيكاً.

ومن صفحة (181) و(184) نصاً وحرفاً من الكتاب الصادر عن معهد العالم العربي بباريس الطبعة العربية 99م.. نستعرض مما جاء في المقال:
لكن ثورة في وادي حضرموت أرغمت إيلي عز على طلب مساعدة صهرة الذي أنقذه قبيل عام 222-223 في معركة (صوأران) عند مدخل وادي حضرموت لكن الملك السبئي اكتشف ضعف حليفه وشن بعيد ذلك حملة ناجحة ضد حضرموت وبعد أن انتصر وأسر إيلي عز في معركة ذات غيل (مدينة مسمّاة ذو غيل باللغة القتبانية وهي اليوم هجر بن حميد في وادي بيحان) استولى على العاصمة شبوة وعلى القصر الملكي شقير واستعاد أخته ونهب مينا قنأ الذي هدم فيه 47 مركباً كبيراً وصغيراً وقد قتل خلال المعركة ابن إيلي عز.

ومن حينها لم تقم حضرموت إلا بدور ثانوي فقد ضمّ أراضيها الغربية الملك الحميري شمر يهرعش نحو عام 300 وذلك في عهد شرح إيل وربي شمس آخر ملكين لحضرموت نعرف أسميهما أما بقية الأراضي فقد استولى عليها الحميريون في عشرات السنوات التالية وقد انتهز البدو من قبيلة كندة الفرصة ليستقروا في الجزء الغربي من وادي حضرموت وفي الجنوب قام بنو ذي يزن سادة قببلة صغيرة بوضع أنفسهم في خدمة الحميريين وأسسوا بمساعدتهم إمارة مستقلة سيكون دورها هاماً من القرن الرابع إلى القرن السادس.

وفي حين أن ملك حضرموت كان يوسع ملكه ويتخذ لقب المكرّب (بداية القرن الأول الميلادي؟) كان اليمن الغربي يعيش انقلابات دائمة أدت إلى نمط جديد من التنظيم السياسي.
اتحدت مملكة سبأ مع القبائل الحميرية لتأسيس ملكية مزدوجة باسم (سبأ وذو ريدان) ولا نعرف ما إذا كانت سبأ قد ألحقت بحمير بكل بساطة أم أن هذه القبيلة كانت تبحث عن حام لها ضد ضغط البدو وضد محاولات الاستيلاء التي كانت حضرموت تعمل لها.

من الواضح على كل حال أن قبائل المرتفعات تلعب في هذه الفترة دوراً كبيراً في حين تمحي تدريجياً أدوار القبائل المتاخمة للصحراء، ففي الشمال حول مدينة صنعاء التي كانت أولى الإشارات إليها كمدينة تعود إلى منتصف القرن الأول الميلادي كانت هناك قبائل بكيل وسمعي وذمري، وفي الجنوب كان هناك اتحاد جديد باسم ذي ريدان نواته قبيلة حمير مع ظفار عاصمة له. وقد استمر تفتت المملكة القتبانية وبعد حمير قامت قبيلة أوسان المقيمة على المجرى الأعلى لوادي مرخة بالانفصال وجعلت من نفسها مملكة وذلك على إثر المملكة التي كان كرب إيل وتار قد هدمها في العام 700 قبل الميلاد كما انفصلت أرض أخرى عن قتبان وكونت أمارات شبه مستقلة في نحو العام 30 قبل الميلاد.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى