مواطنون بشبوة: أصبحنا ضحية لفساد وسماسرة مصلحة الجوازات بالمحافظة

> تقرير/ يسلم العظمي

> أدى الفساد المستشري في فرع مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية، بمحافظة شبوة، إلى تزايد معاناة طالبي استخراج جوازات السفر لإثبات الهوية.
ويزداد الإقبال من قبل المواطنين على الفرع للحصول على جوازات السفر بشكل يومي، نتيجة لتوقف إصدار البطائق الشخصية منذ فترة الحرب، لإنجاز معاملاتهم وغير ذلك.
ويستقبل موظفو الفرع ما بين (200 إلى 300) طلب -على الأقل- يوميًا، يقابله غياب للتعامل السلس مع طلبات المواطنين، على الرغم من أن الفرع يعمل في الوقت الحالي، بخمس كبائن للإدخال والإصدار الآلي، بعد تزويده بثلاث كبائن إصدار إضافية.

سوء معاملة
ويشكو الكثير من المواطنين من سوء المعاملات، وأخذ الرشاوى والتأخير المتعمد للاستغلال والمتاجرة بالوثائق الإثباتية في ظل غياب الرقابة والمحاسبة.
وتزايدت مؤخراً الوساطة لاسيما في استخراج الجوازات نتيجة للإقبال الكبير على مصلحة الهجرة والجوازات، الأمر الذي يُجبَر على إثره الكثير من المواطنين البسطاء ممن لا تتوفر لديهم الوساطة، للجواء إلى السماسرة، ليتمكنوا من إنجاز معاملاتهم الخاصة باستخراج الجوازات مقابل مبالغ مالية.


ازدحام وسمسرة
 وتُعد مصلحة الأحوال المدنية والهجرة من الخدمات التي يُعاني منها أبناء شبوة، حيث ينعدم صرف البطاقة الشخصية في جميع المكاتب الخاصة في المحافظة، وتم الاكتفاء بصرف بطائق تعريفية بهوية المواطن، كما أن التزاحم لصرف الجوازات في إدارة «الهجرة» في عتق، عاصمة المحافظة، عقّد مشكلة المواطنين، بالإضافة إلى فرض رسوم أخرى، حيث تجاوز سعر الجواز 15 ألف ريال، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي لدى المواطنين، وهو ما يتطلب إعادة تشغيل جميع مكاتب الأحوال المدنية بالمحافظة، لتساهم في تقديم خدمة صرف البطاقة الشخصية (إثبات الهوية) والتخفيف من أعباء المواطنين، وكذا لوضع حد لأي رسوم تُفرض على المواطنين خارج القانون.

يشاهد الزائر لهذا المرفق الحكومي أموراً تجعله مصدوماً، فهناك المسنون الذين قدموا من مختلف أرياف مديريات المحافظة، قد اهترأت قسائم أرقامهم الوطنية، بعد أسابيع من المتابعة، فلجأوا لتغليفها حتى تصمد فترة طويلة، والسبب الوحيد في ذلك، أنهم لا يملكون المال لدفعه للسماسرة والموظفين لاستخراج إثباتاتهم الشخصية، رغم أن فترة استخراج جواز السفر لا يستغرق أسبوعًا وبرسوم مقررة لا تتجاوز الثمانية آلاف ريال.

سوق سوداء
تحولت مصلحة الهجرة والجوازات إلى  «سوق سوداء» بل وأصبحت الطريق الأسهل للحصول على وثائق إثبات الهوية، تشترك فيها الإدارة والموظفون وعشرات السماسرة والذين يستقبلون المواطنين على بعد عشرات الأمتار من مبنى المصلحة في مدينة عتق، ومن لم يستجب لهم يجد نفسه مجبراً للجوء إليهم بعد أن يفقد الأمل في تحقيق ما جاء إليه بنفسه.
كما تسببت المماطلة وعرقلة عملية إنجاز المعاملة، بخلق فوضى وازدحام خانق أمام بوابة المبنى وفي ممراته، وجعلت عملية الدخول إليه شبه مستحيلة، فيما يجبر البعض -أحياناً- للعودة إلى منازلهم، دون المقدرة من الاستعلام عن جوازاتهم، ناهيك عن التدافع واضطرار النساء لاقتحام الزحام للوصول إلى المكاتب.

ومازال الحصول على البطائق الشخصية مرتبطاً بموافقة مليشيات الحوثي الانقلابية في صنعاء، على الرغم من مرور ثلاثة أعوام على تحرير المحافظة منها، دون أن تتخذ وزارة الداخلية الشرعية أي خطوة لحل هذه الإشكالية، أقلها اعتماد تسلسل جديد للأرقام الوطنية، وربطها بمصلحة الأحوال المدنية في الرياض كما هو الحال مع جوازات السفر.

متاعب وخسارة
وقال المواطن عيسى عوض: «لقد تقدمت لطلب جواز في فرع مصلحة الهجرة والجوازات بعتق، ولاقيت من التعب والإرهاق والمماطلة والوعود الكاذبة الكثير، فأول ما بدأت بالمعاملة طلبوا مني ألف ريال قيمة الاستمارة، وفي قسم الإدخال على الجميع الانتظار، وخلاله يتعرض المواطنون للإهانة والسب والشتم من قِبل أحد الموظفين ويدعى(ح. ذ)، ومن يحالفه الحظ عليه دفع ألف ريال، وبدون سند استلام، وفي قسم الفحص عليه دفع ألف ريال أخرى، ومن ثم التوجه لمكتب المدير للتوقيع على المعاملة قبل أن تصل إلى الصندوق لدفع عشرة ألف ريال، وعليك أن تنتظر فترة قد تصل إلى عشرين يوماً لاستلام جوازك، وتدفع 500 ريال مقابل الاستلام، فيما يضطر البعض لدفع مبلغ إضافي ويقدر بـ 5000 ريال لاستخراج الجواز، مع بعض الرشاوى، ليصل إلى خمسة وعشرين ألف ريال، وبهذا يتجاوز الإجمالي النهائي للحصول على جواز سفر، الخمسين ألفاً، مع المواصلات والسكن والأكل للمواطنين الذي يأتون من مديريات المحافظة الـ 16 البعيدة عن عتق عاصمة المحافظة».

وأضاف جمال عمر صالح، في حديثه لـ«الأيام» قائلاً: «لقد أصبح الحصول على الجواز من المهمات الصعبة جدًا، لاسيما للمواطنين كبار السن أو المرضى».

فساد كبير
فيما لفت المواطن عبدالناصر بعيرة إلى أن «مدير الجوازات محمد بن معروف، صرح في نهاية العام الماضي لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ» بأن الجوازات التي يتم معاملتها يومياً تتراوح ما بين (300 إلى 500) جواز»، مضيفاً: «وبموجب هذا لو حسبنا المعدل الوسطي لاستخراج الجوازات والمقدرة بـ 400 جواز، في 13500 ريال قيمة الجواز، على الأقل، ثم ضربنا المبلغ السابق في 22 يوما، عدد أيام الدوام الرسمي من كل شهر، ثم ضربناها بعدد أشهر السنة الماضية، من العام 2018م سيكون المبلغ المحصل بناتج مالي قدره (1،425،600،000) نخرج منها مبلغ الرسوم المفترضة رسمياً حسب تكلفة الجواز في مأرب والمكلا، وبهذا يطلع نصف المبلغ، أو أكثر، هو الإتاوات والرشاوى في العام الواحد، وهذا المبلغ المهول الذي يذهب للمتنفذين والسماسرة، يكشف حجم الفساد في إدارة مصلحة الجوازات».

أسباب كثيرة
من جهته أوضح مدير مصلحة الهجرة والجوازات في المحافظة، العقيد محمد بن معروف أن «الازدحام في المصلحة عائد لتوقف إصدار البطائق الشخصية منذ سنوات، فاضطر بموجبه المواطنون لإثبات هوياتهم باستخراج جواز السفر، بالإضافة إلى الجنود ممن لا يمتلكون بطائق، والتي تطلب منهم اللجان العسكرية الخاصة بالمرتبات إثبات هوياتهم، ومما زاد من هذا الازدحام أيضاً، وبشكل كبير، هو فتح العمرة بصورة مستمرة وبسعر رخيص مع صدور التأشيرة في يومين فقط».
العقيد محمد بن معروف مدير مصلحة الهجرة والجوازات في المحافظة
العقيد محمد بن معروف مدير مصلحة الهجرة والجوازات في المحافظة

وفي رده عن شكاوى المواطنين من الفساد المستشري، وسوء المعاملة في مصلحة الهجرة قال: «فرعنا حديث الإنشاء وبدأناه من الصفر، بعد أن تعرض للنهب، وقد بذلنا جهوداً كبيرة بمعية مدير عام شرطة شبوة، العميد عوض مسعود، وبجهود من رئيس المصلحة اللواء محمد الرملي لفتحه، ولأن المتقدمين من المواطنين فوق طاقتنا وهناك -مع الأسف- من يتصرفون كالغرقى فيسلمون معاملاتهم لأشخاص ليسوا من موظفي الفرع لتخليصهم من الزحمة ولإتمام المعاملة لهم، مقابل مبلغ مالي كبير، وفي حال تأخرت معاملتهم من قبل ذلك الشخص لشهر ونصف يحملوننا سبب هذا التأخير، مع أننا عملنا لهم -بهذا الخصوص- لوحات حتى لا يتعرضوا لمثل هكذا ابتزاز».

ونفى معروف وجود سوء معاملة من قبل موظفيه تجاه المواطنين بالقول: «لا يوجد مثل هذه المعاملات، لدينا شباب جيدون لديهم خبرة وأخلاقهم عالية، وقد وضعنا صندوق للشكاوى، ولكن مع الأسف، هناك الكثير من الناس يذهبون لتبليغ المحافظ ومدير الأمن بشكاواهم، ولم يبلغونا، وإلا لوجدنا لهم حلا».
وأضاف: «نحن مرتبطون بمركز رئيس، وأي معاملة فيها خطأ، لا يعطوننا موافقة للطباعة. فمثلاً البعض متوقفة معاملاتهم بسبب أشياء فنية بسيطة، كأن تكون الصورة غير واضحة، ولا يأتي إلينا إلا بعد فترة طويلة، وسرعان ما يذهب لتبليغ الجهات الحكومية في المحافظة وقِس على هذا، في الوقت الذي نعمل فيه حتى الساعة الثالثة صباحاً لنتمكن من إنجاز جوازات المواطنين، ونحن إذ نشير هنا إلى أننا سنقوم بعد أسبوع بتركيب كاميرات للتصوير الفوري».

وأوضح مدير مصلحة الهجرة والجوازات في المحافظة، العقيد محمد بن معروف، لـ«الأيام»، بأن الزيادة في سعر الجوازات أتت لعدم تلبية المبلغ السابق لاحتياجات المصلحة والحكومة.
وقال: «بعد الجلوس مع المحافظ ونظراً لمتطلبات الفرع، والذي لا توجد مخصصات كافية لتسيير العمل فيه، وكذا لمواجهة مشاكل الأعطال، قررنا رفع السعر إلى عشرة آلاف ريال، على كل جواز»، لافتاً في الختام إلى أن «المبالغ المالية الخاصة به يتم توريدها إلى البنك ورفده بالسيولة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى