الربط العشوائي للكهرباء بعدن.. ظاهرة في تزايد مستمر ولا حلول جدية

> تقرير/ وئام نجيب

> باتت العاصمة عدن تشهد منذ سنوات الكثير من الظواهر السلبية والخطيرة على حياة المواطنين، وأصبح الجميع يكتوي بتداعياتها بين وقت وآخر.
ولعل من أبرز هذه الظواهر الربط العشوائي للكهرباء، والذي انتشر في جميع حواري وحافات مديريات المحافظة، الأمر الذي بات ينذر بحدوث مزيداً من الكوارث التي لا تحمد عقباها والناتج عن زيادة الأحمال المحددة لكل منطقة، وما تسببه من حدوث ماسات كهربائية وحرائق في المنازل والمحال التجارية في هذه المواقع المخالفة، وهو ما يدل على مدى الاستهتار والاستخفاف بحياة المواطنين.

وكانت المؤسسة العامة للكهرباء قد قامت بتنفيذ حملة لفصل الربط العشوائي في بعض المناطق، ولكن لا يزال الربط العشوائي منتشراً وبشكل كبير جداً.
وعبر المواطنون في أحاديث لـ «الأيام» عن سخطهم من هذه الظاهرة التي قالوا إنها لا تمُتّ بصلة إلى المجتمع العدني، والذي عُرف قديماً بالنظام والقانون، لافتين إلى أن حملة فصل للربط العشوائي لم تأتِ نتاجها وأهدافها بعد.

كفاح يومي ضد المخالفين
وقال مدير عام المنطقة الأولى لكهرباء عدن، م. ياسين عبدالكريم: «نحن والمخالفين في كفاح يومي، وحملاتنا مستمرة لإزالتها، كما إننا في كفاح مستمر أيضاً لتحصيل المديونية، وليس بإمكان أن نصل إلى مرحلة النهاية لهذه الظاهرة إلا متى ما توفرت الإجراءات الأخرى، ومنها توفر هيبة الدولة والمؤسسة.
مدير عام المنطقة الأولى لكهرباء عدن، م. ياسين عبدالكريم
مدير عام المنطقة الأولى لكهرباء عدن، م. ياسين عبدالكريم

وأضاف في تصريحه لـ «الأيام» أن هناك أيضاً مشكلة أخرى تواجهنا تتمثل بظهور العشوائية بشكل مختلف كالبناء على مكونات الشبكة، أو بالبناء على الحرم الخاص بمكونات المحطات الفرعية (محطات التوزيع)، وهي الغرف الصغيرة المغذية للأحياء السكنية، وأحياناً إغلاقها، وكذا البناء على مسار الكابلات الأرضية، وبالتالي عند حدوث عطب يصعب البحث عنه وتحديده وإصلاحه، فضلاً عن البناء تحت خطوط الضغط العالي الهوائية، وهذا يتسبب بكوارث تؤدي إلى الوفاة كما حدث في الأسابيع الماضية حين توفي طفل في «الدكة» بالمعلا (خلف شركة النفط)، حينما حاول قطف ثمار شجرة «الديمان» باستخدام حديدة عرضته لصعقة كهربائية أودت بحياته على الفور.


تردي الخدمة
وأشار عبدالكريم إلى أن «من أبرز المشكلات التي تواجهنا تتمثل بالعبث في العدادات الكهربائية واختلاس التيار الكهربائي بطريقة غير مشروعة من خلال توقيف العدادات والربط من خلفها، وهذا ما يشكل العبء الأكبر أمامنا، ناهيك عن الربط من اتجاهين، وهو ما يسبب خطورة كبيرة جداً على المحولات ومكونات الشبكة بسبب زيادة وضغط على الأحمال، مما يؤدي إلى احتراق المحولات، وفي المقابل لدينا شحة في الموارد والإمكانيات لشراء المواد، كما نُعاني من نقص كبير في الأحمال، فضلاً عن البنية المتهالكة لهذه الخدمة، وقدم محطات الشبكات في المديريات، وهناك مشاكل أخرى يتعرض لها العمال عند نزولهم في إصلاح الأعطاب، بالإضافة إلى المديونية الكبيرة للكهرباء لدى المرافق الحكومية، والتي تشمل المعسكرات، المستشفيات.. وغيرها، والمقدرة بـ 18 مليار ريال يمني»، لافتاً إلى أن هذه المديونية كانت تسدد قبل الحرب بشكل مركزي غير أنها انتهت بعده، مضيفاً أن «هناك مديونية أخرى على الجانب التجاري والتي تشمل الفنادق، الورش، السوبر ماركت، والعيادات، فضلاً عن المديونية الكبيرة لدى المواطنين، ونتعامل معهم بنظام التقسيط، وعبر «الأيام» أناشد جميع المرافق بالسداد، كما أحث موظفين الكهرباء بالتعامل الراقي مع الشبكة والمواطن، ونتمنى منهم أن يشعروا أثناء خدمتهم بالانتماء لهذه المؤسسة والحفاظ عليها كمصدر لعيشهن وتأمين الخدمة للمجتمع وللتنمية، ونحن بدورنا عملنا على تحسين مداخل العمارات تجنباً للحرائق، كون العبث في العدادات ينتج عنه مثل هذه الأحداث الخطيرة، كما أن هذا التحسين يضمن الحفاظ على العدادات، وعلى الجميع مساعدة المؤسسة العامة للكهرباء في أعمالها والحرص على مكونات الشبكة، وعلينا الاستفادة من تجارب الدول العربية؛ دولة مصر التي يوجد بها محاكم خاصة للبت في قضايا الكهرباء، ولابد أن يكون لدينا (قضاء، ونيابات، شرطة متخصصة) لتبت بشكل مباشر في كل ما يخص الكهرباء، وإذا لم يوجد ذلك فعلى الأقل يتم تخصيص قضاة للكهرباء، ويجب على المؤسسة الخروج من وضعها الحالي والدمار التي تعرضت له بعد عام 90، ولهذا يجب الحفاظ على الشبكات وتحديثها وتوفير الإمكانيات اللازمة لها، وكما هو معروف هذه الخدمة إحدى فروع الطاقة وأساس للتنمية، واليوم المدينة تتوسع ولكن لا توجد أي رؤية، ويحدث أننا لا نجد بقعة لوضع المحطة التحويلية، نتيجة أن المخططات والمواقع السكنية الحديثة لم يضعوا حساب الخدمات وموقع وضع المحطات، ووضع الكهرباء اليوم هو من مخرجات هذا الواقع الذي هو في حالة انفلات تام».


الحاجة لحلول فنية
فيما قال مدير التفتيش الفني للمنطقة الأولى لكهرباء عدن، م.صالح الشرفي: «موضوع إزالة العشوائي بحاجة إلى حلول فنية وتوفير مواد شبكة ومحطات هوائية وكابلات لكي تتم عملية الإزالة بشكل نهائي، وهذه مواد مكلفة وتفتقر إليها المؤسسة، ونحن بدورنا نقوم بتحديدها بموجب دراسات وتحديد تكاليفها ويتم تقسيمها على المشتركين كلاً بحسب المبنى الخاص به، وهذا يتم في العادة من خلال نزول المهندسين العاملين بعملية المسح للمباني المختلفة، ولتحديد الأحمال وفقاً لحجم المبنى، كما يتم عبر هذا تقدير المبالغ».
تحسينات للعدادات
تحسينات للعدادات

وأضاف: «لا تتوفر لدينا أي مواد إلا ما تقدمه المحافظة وهو قليل جدًا، ولا توجد لدينا مشاريع استثمارية خاصة بعد فترة الحرب، ومع هذا نقوم بتقسيم وتوزيع عمل المحطات الكهربائية، وهناك مناطق ضعف ونضطر إلى توسعة محطاتنا، إضافة إلى المناطق العشوائي حينما تتوفر لدينا المواد والتمويل لتركيب المحطات، ونعمل بحسب الإمكانيات المتاحة والأولويات، ولكن نسبة زيادة الربط العشوائي تتناسب عكسياً مع عمل الإجراءات التي نقوم بها؛ نتيجة للشحة الكبيرة في الإمكانيات، إضافة إلى العشوائي في المواقع المقتحمة، والتي لم نستطع عمل أي شيء لهم؛ كون الدولة تمنع ذلك لرغبتها في إخراج المقتحمين، ناهيك أن مواد الكهرباء مكلفة جدًا فغالبيتها من النحاس، كما انعدمت الثقة بين موظف الكهرباء والمواطن، ومتى ما وجدت هيبة الدولة والإمكانيات سنتمكن من التخلص من كافة المشاكل».
صورة توضح صندوقاً كهربائياً مفتوحاً وتحيطه الكابلات العشوائية
صورة توضح صندوقاً كهربائياً مفتوحاً وتحيطه الكابلات العشوائية


معوقات متعددة
وتابع الشرفي تصريحه لـ «الأيام» بالقول: «أثناء حملات إزالة الربط العشوائي تتوفر لدينا حماية أمنية ولكن ليس بشكل دائم، وللأسف من يقوم الآن بهذا العمل هي المحاكم المدنية وأقسام الشرط، وعملنا عدة محاضر ولم يتخذوا فيها أي إجراء، وبالنسبة إلى عملنا في الميدان، فإننا نواجه عدة مشاكل من البلاطجة والمتنفذين، ولأكثر من مرة تعرض عمالنا للضرب والتهديد، وقد بلغت عدد المواقع المخالفة في الخمس المديريات (عدن، المعلا، التواهي، القلوعة، وخورمكسر) ما يقارب 35 موقعاً مخالفاً حيث قاموا بربط الخدمة عشوائياً بدون عدادات، وعملنا على إزالة بعض المواقع أمثال منطقة الداهوفة بالمعلا، وفيها العمل شبه منتهي، وتم ضبط 270 حالة عشوائي، تم تركيب لهم أكثر من 250 عداداً رسمياً، وفي منطقة الشاليهات 147 مخالفاً تم ربط معظمهم بعدادات رسمية، أيضاً تم إزالة عشوائي في منطقة البستان في جولد مور بالتواهي، وأما عن مديرية خورمكسر منطقة حي السلام، الزراعة، المجدرة، فتم فيها إزالة العشوائي وعمل ربط رسمي، وجميع تلك المناطق يوجد فيها من يعمل على إعادة الربط العشوائي، خاصةً أن مسألة العشوائي مشكلة سوف تظل تتزايد نتيجة للتوسع العمراني والمباني التي تبنى بدون تراخيص من البلدية، كما قمنا بعملية تحسينات للصناديق الخاصة بعدادات العمارات في عدة مديريات، وذلك بتجميعها في صناديق حديدية جماعية، ولا زلنا مستمرين في ذلك على الرغم من ارتفاع تكلفتها، والتي تتراوح ما بين 250 ألفاً إلى 500 ألف ريال للعمارة الواحدة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى