تعز.. من عاصمة للثقافة إلى مكب للقمامة والنفايات

> تقرير/ عابد راجح

> استياء واسع عم أرجاء محافظة تعز بعد تكدس النفايات والقمامة ومخلفات السيول في عدد من شوارعها، وسط اتهامات للسلطة المحلية وصندوق النظافة بالفساد والتخلي عن الاضطلاع بدورها.
وزادت حدة الأصوات المنادية لإنقاذ الوضع الذي بات ينذر بوقوع كارثة بيئية وشيكة، لاسيما، في انتشار وباء الكوليرا وحمى الضنك، واللذين أصيب بهما المئات من سكان المدينة خلال الفترة السابقة.
وشن ناشطون حملات شرسة في مواقع التواصل الاجتماعي، تتهم صندوق النظافة والتحسين بالتقاعس والتخلي عن أداء مسؤولياته في انتشال أكوام القمامة التي أصبحت تعج بها أرصفة الشوارع، وما يصاحبها من راوئح كريهة.

إحراق القمامة
واضطر البعض للجوء إلى إحراقها للخلاص منها، غير أن الأدخنة المتصاعدة منها تسببت بمزيد من المعاناة لدى المواطنين القريبين من هذه المكبات والحرائق خصوصاً، والساكنين بجوار الجسور والتي أصبحت أماكنها مكباً للقمامة والحرائق بشكل مستمر.
وأرفق الناشط زياد القحطاني، أحد ساكني حي وادي المدام، صورة له وهو يُعاني من مرض في إحدى المستشفيات، وصورة أخرى لتجمع للنفايات في السائلة المجاورة للحي الذي يسكن فيه، معلقاً عليها بالقول: “الله لا فتح عليكم يا مسؤولي النظافة والتحسين، ما بترتفع القمامة إلا بعد وفاتي بحمى الضنك” في إشارة إلى إصابته بهذا المرض نتيجة لتراكم القمامة في حيه.
وقال الناشط صلاح جليل لـ «الأيام»: “من المؤسف أننا لازلنا نتحدث عن مواضيع النظافة، في حين أن العالم يتحدث عن بلدان تعلن أنها خالية من النفايات، فتعز اليوم ليست نظيفة على الرغم أن هناك مكتب يتبع السلطة المحلية متخصص بهذا المجال وتخصَص له مبالغ مالية ليؤدي واجبه”.
وأضاف متسائلاً: “هل أصبح ملف النفايات استرزاق وابتزاز؟، فهناك الكثير من المنظمات تعمل بهذا المجال والسؤال؛ أين تذهب الأموال المخصصة، وأين إيرادات الصندوق؟”.

استجابة
وأعلن مؤخراً الناشط سمير إسماعيل عن بدء حملة نظافة بتمويل فاعل خير لرفع المخلفات والأكوام الهائلة، وبالتنسيق مع صندوق النظافة والتحسين ومكتب الأشغال وتنفيذاً للخطة المُعدة من قبله.
ولفت إسماعيل أن “هذه الحملة سيرافقها إنزال براميل في محيط قنوات السيول، بالإضافة إلى تعزيز الجانب التوعوي عبر لجنة خاصة، وسيفعَّل خلالها وبعدها قانون المخالفات طبقاً لقانون النظافة”.
وسخرت الناشطة آفاق الحاج، من غياب دور الجهات المعنية بالقول: “فاعل خير يتكفل برفع القمامة من شوارع وأحياء تعز بعد أن عجز مكتب النظافة والتحسين والجهات الرسمية المسؤولة عن القيام بواجبها رغم الإيرادات الضخمة التي تجنيها.. ولكن من يرفع لنا المسؤولين الفاسدين من مناصبهم؟”.
من جانبها قالت مدير مركز التوعية البيئية م. ارتفاع القباطي: “أسباب هذه المشكلة ناتجة عن نقص الوعي البيئي، وقدمنا دراسات لعدة مشاريع من ضمنها مشاريع علاجية وحلول جذرية لمثل هذه المشكلات، ولكن للأسف لم نجد أي تعاون أو استجابة لما طرحناه”.

وأضافت في تصريحها لـ «الأيام»: “أنا معنية بالجانب التوعوي للحفاظ على النظافة والاحتراز للمشاكل قبل حدوثها، ولا ننكر أن هناك تقصير، ولكن ماذا نعمل إذا كان الأساس والمقومات للنظافة غير موجودة؟ والذي لن يتحقق إلا بالوعي البيئي، وعلى السلطة المحلية الاهتمام به”.
وطالبت القباطي: بتفعيل ودعم مركز التوعية لخلق ثقافية مجتمعية بهذا الخصوص، للعمل بروح الفريق الواحد من أجل “تعز” كما أن المهام والواجبات لكل جهة معروفة ومحددة في القانون بوضوح، وهناك نقطة مهمة وأعتقد أن الجميع يغفل أو يتغاضى عنها، وهي دور مكتب الأشغال العامة، فالكميات الهائلة من المخلفات في مجريات السيول والجسور هي مخلفات بناء، وهنا نسأل أين دور مكتب الأشغال لمراقبة وضبط مثل هذه التصرفات؟ وعبر «الأيام» نتوجه بالشكر لكل القائمين على حملات النظافة والتوعية والعاملين على إنجاحها في تعز، وما أجمل أن تتكاتف الجهود من أجل الحالمة”.

اتهامات كاذبة  
من جهته أوضح مدير صندوق النظافة والتحسين في المحافظة، حسين المقطري: “بأن اتهام مكتبه بالفساد من قبل البعض محض افتراء ويتم استخدامها لأغراض سياسية وحزبية.
ولفت في تصريحه لـ «الأيام» بأن إيرادات الصندوق شحيحة، وأن معظم إيرادات الأسواق لا تورد ويستحوذ عليها نافذون يتبعون جهات معينة، فضلاً عن أن ما نسبته 80 بالمائة من معدات الصندوق توجد في الحوبان الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، كما أن ميزانية الصندوق الحالية لا تتجاوز الـ 13 مليون، بعد أن كانت في السابق تقدر بـ 150 مليون ريال، ولدينا تقارير بهذا الخصوص ترفع إلى السلطة المحلية، ومستعدون للمثول أمام الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتزويدهم بكل التقارير، بل إننا نفذنا عمل إصلاحات في صندوق النظافة لم تكن موجودة من قبل، كما استحدثنا إدارتين للشؤون القانونية والمالية.

وفي رده عن الحملة التي نفذت بتمويل من فاعل خير، واتهام مكتبه بعدم التعاون فيها قال: “داعم الحملة لم يقدم سوى قيمة الديزل وأجور العاملين وشيول لرفع المخلفات، بينما الصندوق هو من تكفل بالمتطلبات الأخرى للحملة”. ولفت في السياق إلى أن: “هناك معدات جديدة تعمل حالياً بشكل يومي برفع المخلفات، بالإضافة إلى تنفيذ ورش وحملات نظافة بشكل يومي للأحياء وشوارع تعز”.

إدارة في الإدارة
فيما علّق خالد الحمري، وهو مسؤول في الصندوق لـ «الأيام» بالقول: “نحن بحاجة ماسة إلى رد الاعتبار لصندوق النظافة والتحسين كمؤسسة دولة، وبناء الثقة مع المواطن ومصادر التمويل، ولهذا نعول علي قيادة السلطة المحلية بقيادة المحافظ نبيل شمسان، كونه أكثر شخص يدرك طبيعة العمل في صناديق النظافة وتحسين المُدن، مضيفاً: انعدمت اليوم الثقة بالصندوق لأسباب كثيرة، منها الأزمة الإدارية التي يُعاني منها، وقد أثرت تأثيراً سلبياً على المواطن والموظف على حدٍ سواء”. وأودت عبوة ناسفة، زرعت في أحد أكوام القمامة بوسط المدينة، أمس الأول، بحياة مواطن وجرح عشرة آخرين بإصابات بليغة، الأمر الذي عزز مخاوف المواطنين وسخطهم تجاه الجهات المسؤولة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى