تعز.. أزمة مياه خانقة ولا انفراجة قريبة

> تقرير/ عابد راجح

> وصل سعر وايت الماء إلى 15 ألف ريال
تشهد محافظة تعز أزمة مياه خانقة على الرغم من غزارة الأمطار المتساقطة عليها خلال فصل الصيف، وذلك نتيجة لعدم قيام الجهات المسؤولة بالاستفادة منها، بإنشاء الحواجز المائية والسدود الواقية وغيرها.
وتزداد هذه الأزمة يوماً بعد يوم على المواطنين، وغدا الكثيرون منهم غير قادرين على شراء بوزة (وايت) الماء، والتي صعد سعرها من خمسة آلاف إلى 15 ألف ريال.

وكشف مصدر لـ “الأيام”: “إن هناك كارثة قادمة على المدينة نتيجة للضعف المتزايد يومياً على مياه الآبار في المدينة، لاسيما في منطقة الضباب مكان وفرتها”.
ولفت المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن شجرة القات، والتي توسعت زراعتها بشكل كبير في المنطقة، أحد الأسباب الرئيسية في استنزاف المياه ورفع سعر الوايت الواحد منها إلى 15 ألف ريال.

وقال: “على الرغم من استعادة مشروع المياه الذي كان تحت سيطرة كتائب أبي العباس قبل أشهر، إلا أن الوضع ظل كما هو؛ بل ازداد تفاقماً”.

معضلة قديمة
وأوضح م. وائل المعمري أن شحة المياه في تعز تعد معضلة وقضية قديمة، لكنها لا تثار بالحجم والطريقة التي تتناسب مع أهميتها إلا موسمياً، وبالتزامن مع نضوب الأحواض السطحية المغذية للمدينة في شهور الجفاف المعهودة من كل عام، مضافاً إليها ما أحدثته الحرب خلال الخمس سنوات الماضية من حصار جائر من قِبل مليشيا الانقلاب وأعوانهم وتحكم بالكثير من الآبار المغذية للمدينة بالمياه.

وطالب المعمري من الحكومة الشرعية والسلطة المحلية بوضع رؤية عاجلة لطبيعة المشكلة وحجمها، ووضع التدابير اللازمة ومقترحات الحلول العملية بالتنسيق مع مجمل المنظمات الدولية المانحة من خلال شراكة شفافة وواضحة لإغاثة الناس والسعي الحثيث لوضع آلية تمنع تأجير هذه الأحواض المائية وعلى محدودية مخزوناتها الجوفية لمصلحة شجرة القات، وبما لا يدع أي مجال للتحايل أو التهاون أو الاستهتار، كون قطرة الماء في ظل ظروف الحرب والحصار تساوي قطرة الدم، وفي كل منهما ضمان لحياة تعز وأمنها واستقرارها، تعزيزاً لعوامل صمودها، ووفاءً لتضحياتها وتحقيقاً لمشروعها الوطني الكبير.

واكتفت السلطة المحلية بعقد اجتماع لمناقشة أزمة المياه في المدينة نبهت عبره على ضرورة الخروج بمعالجات عاجلة وحلول جذرية للأزمة من ضمنها عمل الدراسات اللازمة لإعادة شبكات المياه بشكل عاجل كونها تمثل قضية محورية تلامس حياة المواطنين بشكل مباشر، وعدم إتاحة المجال لبائعي المياه من الآبار في رفع الأسعار.

عجز كبير في الإنتاج
ولفت مدير عام مؤسسة المياه في المحافظة، م. بدري محمد سيف، إلى أن من أهم العوائق التي تواجه مؤسسة المياه في تعز هي الكثافة السكانية، وتعرض الشبكة فيها للأضرار بسبب الحرب، وانقطاع الشبكة القادمة إلى المدينة من محطة الحيمة الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي الانقلابية التي تتواجد فيها الحقول الإنتاجية الكبرى في مناطق: حبير، والسهلة، والحيمة، وشعب الريحان، والقرف، والحوبان، ووادي جديد، والحوجلة، والعامرة، وحقل الضباب الغربي، ويتجاوز عدد الآبار فيها عن 40 بئراً يصل إنتاجها إلى 15 ألف متر مكعب في اليوم على الدعم المقدم للحوثيين شريطة الضخ للمدينة ولكن دون جدوى.

وأوضح سيف في تصريحه لـ “الأيام”: “إن احتياج المدينة يقدر بـ 35 ألف متر مكعب من المياه، بينما الإنتاج اليومي يقدر بـ 2500 متر مكعب، أي بعجز يومي يصل إلى 144 % تقريباً، على الرغم من تشغيل عدد الآبار في مناطق الحوثي، بينما يتواجد في المدينة من 16 إلى 21 بئراً، بين شغال ومتوقف بسبب الأعطال، وتدهور مناسيب الآبار التي كانت تغذي الوايتات (البوز) بسبب نقل الماء إلى سقي القات بأسعار مرتفعة جداً، الأمر الذي دفع سائقي الوايتات إلى تفضيل بيع الماء لمزارعي القات، مما تسبب برفع قيمته على المواطن العادي، كما أن تأخر موسم الأمطار وسقوطها أثر على مستوى مناسيب الآبار وإنتاجها في المدينة والريف”.

أسباب توقف الضخ
وأرجع مدير المؤسسة توقف الضخ لأسباب عدة؛ منها عدم توفر الوقود بشكل منتظم، وكذا النفقات التشغيلية، واستخدام المزارعين وغيرهم السقي بالطرق العشوائية (الضخ بالري وطريقة الغمر)، وتأخر أعمال الصيانة والأعطال الطارئة للآبار والمعدات نتيجة عدم توفير النفقات التشغيلية، وعدم تحصيل المؤسسة إيرادات بيع المياه من كافة المستهلكين.
ونفت المؤسسة صحة ما يشاع من بيع الماء بالوايتات إلى بعض القادة العسكريين، مشيرةً إلى أنها عملت على توجيه المياه للمنازل التي ظلت محرومة منه منذ أربع سنوات عبر الشبكة.

وكان مدير عام التخطيط والتعاون الدولي في المحافظة، نبيل جامل، قد أوضح في وقت سابق أهمية إجراء دراسة عاجلة لمعالجة أزمة المياه، إضافة إلى عمل الدراسات المستقبلية بهذا الشأن، داعياً جميع المنظمات المانحة إلى المساهمة في حل أزمة المياه في تعز.
وتنشط داخل المدينة منظمات وجمعيات تعمل في هذا الجانب، وقد زودت حملة “الكويت إلى جانبكم” محافظة تعز بمضخات المياه، وقامت بعمل بعض الصيانة للآبار، وتوزيع مياه وخزانات السبيل في الأحياء والشوارع.

ويذهب بعض السكان إلى المساجد المزودة بالآبار لجلب المياه منها أو من خزانات السبيل التي يتم تعبئتها من قِبل المنظمات وبعض المبادرات، وهو ما انعكس سلباً على نظافة المساجد والشوارع، ولم يحل من الأزمة إلا القليل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى