بوابة شبام تتصدع وتحتضر والإهمال ينخرها

> تقرير / علوي بن سميط

>
​تطوق المخاطر مدينة شبام حضرموت وتهدد أهم المعالم فيها بما فيها البيوت والمباني التاريخية، وأبرزها بوابة مدينة شبام - السدة - المدخل الرئيسي والوحيد إلى المدينة، والذي يمثل مفتاح باب الدخول لعمق وأصالة تاريخ طفق صيتها بقاع العالم.. هذه البوابة ومنذ قرون بقت عصية أمام عاديات الزمن وتمثل ذاكرة أزمنة غابرة، فقد دخل من بابها وتحت ظل سقفها الفاتحون ليحكموا أهم مدن حضرموت ودلفت إليها القوافل المحملة بشتى أنواع السلع والبضائع قديماً وحديثاً، وغادرت من (السدة الشبامية) صادرات حضرموت إبان ازدهار تجارة اللبان والبخور، ووفد من باب هذه البوابة الحكام والملوك والسلاطين والأمراء سواء الذين حكموا شبام أو جاؤوها زائرين، وحتى العصر الحديث فإن رؤساء دول عربية وغربية دلفوا إلى المدينة زائرين عبر هذه (السدة) التي تصلك إلى أوسع فناء بشبام هو الساحة الكبيرة أو سرحة الحصن.

شهدت بوابة شبام أحداثاً وسجلت أسماء عبروا بها، إلا أن وضعها اليوم ينذر بانهيار وشيك، فهي ليست بوابة عبور ومدخل تغلق من المغرب وتفتح مع ساعات الصباح الأولى منذ القدم وحتى عام 1967م، إنها مبنى محكم من دورين يؤدي وظائف متعددة الأغراض، فكما كانت السدة ثكنة لجنود وحراس الدول والدويلات التي استولت وحكمت شبام، فهي سكن في مراحل متعاقبة ومبنى حكومي استوعب مرافق الدولة وحتى اليوم، فإن إدارة الثقافة بشبام تستخدم مبنى البوابة مقراً للثقافة، بعد إن كانت ومنذ 1984م مبنى للحملة الوطنية لإنقاذ وصيانة مدينة شبام وادي حضرموت التي أصبح اسمها فيما بعد (الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية)، بكل تأكيد تغير شكل البوابة منذ القدم إلا أنه يمكن القول وقع التغيير ولربما في نمط العمارة لها اتساقاً مع تطور فن العمارة التقليدية.

ومنذ عشرينات القرن الماضي لم تكن البوابة بهذه الصورة وفي أربعينيات القرن الماضي بنيت ووسعت مداخل السدة، وكانت واجهتها أشبه بما يعرف بنمط (العمارة الكولونيالية)، وظلت حتى الثمانينات مع إعلان مدينة شبام حضرموت في قائمة التراث ووقع تغيير لواجهتها الجنوبية فقط من حيث الشكل وبكلفة تزيد عن سبعة آلاف دينار جنوبي في 1983م - أوائل 84م، واتخذت مبنى للحملة الوطنية وتم الاعتناء بالبوابة والحفاظ عليها بصيانتها الدائمة وتفقدها بعد كل أمطار تهطل وترميمها دورياً.

وفي التسعينات بدأ العمل لصيانتها مرة أخرى من قبل الحكومة بعد أن بدأت التشققات تغزوها قليلاً، وكانت كلفة الترميم والصيانة من 1992م إلى فترة 99م على فترات بإجمالي 9 ملايين و578 ريالا يمنيا، فيما اعتنت السلطات المحلية والأهالي وفي كل مناسبة وطنية أو دينية يعملون على طلائها (رشتها) بمادة النورة وإعادة بريقها فهي واجهة شبام ومفتاح الدخول إليها، وضعها اليوم ينذر بكارثة انهيارها كاملاً، فبدأت ظهور التشققات والصدوع بها منذ 6 سنوات مضت وقبل عامين أعطت السلطات تراخيص لإيجاد ثقوب بها بواجهتها الجنوبية تحت فعل (عمل خير)، وأبلغت السلطات المعنية من قِبل الهيئات الأهلية والجمعيات المحلية أن السلطات المعنية هي التي تتجاوز وليس المواطن وتم الإبلاغ عن الخزوقات والتجاوزات والإهمال المتعمد (فعلياً) لأن المسئولين كافة من الوادي والمديرية يعبرون تحت البوابة ويرون بأم أعينهم ما أصابها إلا وكأن الأمر لا يعنيهم وهم أول الأسباب لوقوع الضرر الحالي.

 كما إننا في “الأيام” حذرنا نهاية العام الماضي 2018م، ولم يعر أحد أي صوت للناس الذين حذروا وكأن الإهمال متعمد ومقصود، وكما تتصاعد صرخات الجميع تزداد التصدعات وتنخر (الندوة) أي الرطوبة أساساتها، وكأني أرى تشفياً من المسئولين تجاه شبام للأسف وإلا لما تركت الوضعية تزداد سوءاً بحق البوابة والمعالم الأخرى، إلا وحسب معلومات مؤكدة أن فرق من معالمة البناء التقليديين والمهندسين وضعوا قريباً كلفة لصيانتها حالياً تقدر بمبلغ 2 مليون ريال و600 ألف، ومع ذلك لم يبدأ العمل.

شبام يلفها الإهمال المتعمد إلا أنه ربما لا يدري من يتعمد إهمالها أن شبام لا تنحني للأعاصير، فليقرؤوا التاريخ، فهي صامدة رغم الإهمال المخيف، فالتعجيل بترميم البوابة والأسوار والقصرين خطوة إن بدأت قد توقف المحذور، أفلا نعي أن شبام أكبر من الجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى