مقاهي الإنترنت.. أماكن للتسلية والتثقيف أم وسيلة لترويج المحظور؟

> تقرير/ وئام نجيب

> ​​ أصبح “الإنترنت” من الأمور التي باتت تسيطر على حياة الجميع في هذا الزمن، وأضحت خدمته تُشكل سيفاً ذا حدين على المستخدم، وهو ما يتوجب على المرء توخي الحذر منه، خصوصاً وأنها مصدر تهديد لكثير من الناس، وللأجيال الناشئة بدرجة رئيسية، نتيجة للاستخدام السلبي.
وحققت مقاهي الإنترنت في العاصمة عدن شهرة كبيرة، ولكنها شهرة مرتبطة كثيراً بالجانب السيء، وهو ما أثر بوضوح على أفراد المجتمع، وبدرجات متفاوتة، وذلك لزيادة إقبال الأطفال والمراهقين عليه.

أسباب عدة
وأفادت دراسات سابقة بأن أسباب إقبال الشباب على مقاهي الإنترنت تتمثل بإهمال الرقابة الأسرية، وزيادة المشاكل، وهي أمور تجعل الفرد يهرب من المنزل ويبحث عن الراحة في المقهى. علاوةً عن الفراغ الكبير الذي يعاني منه البعض، وهو ما يقودهم إلى هذه المقاهي، وكذا الفضول والرغبة في البحث عن الممنوعات دون حسيب ورقيب، بالإضافة إلى توفر المبالغ المالية الكبيرة بين يدي الشباب.

زيارة مواقع إباحية
كما أن الحرية المطلقة في استخدام الشبكة العنكبوتية تعد من أبرز الأسباب التي شجعت على إقبال الشباب بشكل متزايد، فتجدهم يتنقلون من موقع لآخر من المواقع المحظورة (الإباحية). وعادة ما يقع مستخدمي ومشتركي هذه المواقع ضحايا للنصب والاحتيال؛ بسبب عدم اكتراثهم لنوعية المواقع التي يدخلون إليها، أو الاستهتار و اللامبالاة من قبلهم، علاوة على التعدي على حريات الآخرين، واختراق أجهزتهم وخصوصياتهم.


مشكلة العصر
“الأيام” تطرقت إلى هذا الموضوع، والذي بات يُشكل خطراً حقيقياً على الأجيال، مدعمةً بآراء المتخصصين.
ويقول عمر الحامدي، أستاذ محاضر في قسم علم الاجتماع كلية الآداب جامعة عدن: “أصبح الإنترنت مشكلة من مشكلات العصر، والشكوى من تأثيراته باتت عالمية، إذ أنه لم تمر بالبشرية تجربة مماثلة للاستفادة من تجربة الإنترنت، والتطور التكنولوجي والذي تسبب في إرباك العالم بشكل عام. وهذا الموضوع بحاجة إلى إقامة ندوات، كونها قضية هامة وخطيرة على المجتمعات، وهناك دراسات في هذا المجال أشارت إلى انتهاء عصر الأسرة المتماسكة، حيث عمل الهاتف المحمول والإنترنت على أخذ الناس خارج الإطار المحلي، وجذبهم نحو عالم آخر، والسؤال هنا: كيف نعيدهم إلى الأشياء القديمة التي بات من الصعب جداً إرجاعهم إليها في ظل ثورة التكنولوجيا؟ وكيف سنتحكم بتأثيراته على الصغار والكبار؟ والذي أصبح اليوم مثل الحلم، وذلك بعد أن أضحى الخوف من التطورات القادمة، وخلق تمزق في الأسرة الواحدة، واليوم غالبية الأطفال لديهم جوالات ذكية، والسؤال هنا: ماذا ستكون نتيجة ذلك؟”.

وأضاف في تصريحه لـ “الأيام”: “يعيش الأطفال في حالة اندهاش بالتعرف على العالم الخارجي الذي انصرفوا إليه، ولهذا يفترض على الدولة أن تعطي رُخص بإنشاء المقاهي، ومطلوب منها أيضاً أن تمارس رقابة على مقاهي الإنترنت، لما في ذلك من خطورة على الأطفال، ويجب مساعدتهم بأن يسلكوا الطريق الصحيح في الحياة، وإلى جانب ما تشكله هذه المواقع من خطورة مما سبق الإشارة إليه”.

 وهناك مطالبات من قبل الكثير من المفكرين بأن تكون اللغة العربية هي الرسمية، بعد أن أتجه كثيرٌ ممن يكتبون في مواقع التواصل الاجتماعي إلى الكتابة بالعامية، وذلك يشكل مخاطر حقيقية على الثقافة، واللغة بشكل رئيسي، كون اللغة أساس الثقافة. كما نريد أن يكون الحكم بيننا هو القانون، ولابد أن يكون للدولة دور في الحياة الاجتماعية، وتحمي الناس من أنفسهم.


إدمان نفسي
فيما أشار اختصاصيون في علم النفس إلى أن الإنسان يتأثر بمحيطه وبيئته، ومن أهم الآثار النفسية التي نتجت عن الإنترنت ظاهرتان؛ أولها الإدمان.
مضيفين أن الاستخدام المكثف للإنترنت أفرز ظاهرة أصبحت توصف بأنها ظاهرة مرضية، وهي إدمان الإنترنت، الذي يُعرف بأنه (حالة من الاستخدام المرضي وغير التوافقي للإنترنت يؤدي إلى اضطرابات إكلينيكية)، وهذه الظاهرة هي نوع من الإدمان النفسي التي وصفت بأنها قريبة في طبيعتها من إدمان المخدرات والكحول، حيث يترتب عليها بروز ظواهر قريبة من إدمان المخدرات، وتتمثل هذه الظواهر بـ “التحمل”، حيث يميل المدمن إلى زيادة الجرعة لإشباع رغباته التي كان يتطلب إشباعها بجرعة أقل، وكذلك مدمن الإنترنت فإنه يزيد من ساعات الاستخدام باطراد لإشباع رغبته المتزايدة إلى الإنترنت، ناهيك عن الانسحاب، حيث يعاني المدمن من أعراض نفسية وجسمية، وذلك عند حرمانه من المخدر. وكذلك مدمن الإنترنت فإنه يعاني عند انقطاع اتصاله بالشبكة من التوتر النفسي الحركي، والقلق، ويتركز تفكيره على الإنترنت بشكل قهري، وأحلام وتخيلات مرتبطة بالإنترنت.

فيما تشير الظاهرة الثانية إلى (رُهاب الإنترنت)، وهذه الحالة عكس الحالات السابقة، حيث يسيطر على صاحبها القلق من استخدام الإنترنت نظراً لما يخشاه من أضرارها. ويتطور هذا القلق ليصبح في صورة رُهاب يمنعه من الاقتراب من الشبكة واستخدامها بشكل الصحيح، مما يترتب عليه تأخر المصاب بهذا الرُهاب في دراسته وفي عمله، متى ما كان ذلك يتطلب استخدام الإنترنت.
هذا إلى جانب انتشار المواد الإباحية، إذ توضح الدراسات أن أكثر مستخدمي تلك المواد تتراوح أعمارهم ما بين 12و17 سنة.

 والصفحات الإباحية تمثل أكثر صفحات الإنترنت بحثاً وطلباً، وتحتل مصر المرتبة الأولى في العالم في البحث عن هذه المواد على محركات البحث الخاصة، إضافة إلى العزلة، وإدمان الإنترنت يأتي نتيجة للاستخدام المكثف للإنترنت، والجريمة والغزو الثقافي والفكري، حيث إن استحواذ الدول المتقدمة بصفة عامة، والولايات المتحدة الأمريكية بصفة خاصة، على السوق الرقمية والإنترنت على عملية الغزو الثقافي وبث الأفكار التي تتناسب معها، فضلاً عن تأثير ذلك على اللغة العربية، بسبب هيمنة اللغة الإنجليزية على مواقع التواصل الاجتماعي ومستخدمي الشبكة العنكبوتية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى