سقطرى.. لماذا سُميت «أغرب مكان في العالم»؟

> كتبه/ عمر علي

> في مايو 2018، أرسلت حكومة الإمارات العربية قوات عسكرية إلى جزيرة سقطرى اليمنية، التي تحظى بموقع استراتيجي مهم، ولُقبت بأكثر المناطق غرابة في العالم، نظراً للتنوع الحيوي الفريد بها، والأهمية البيئية، آنذاك، جاءت تلك الخطوة بالتزامن مع زيارة للجزيرة من قبل رئيس الحكومة السابق أحمد عبيد بن دغر، فيما الحرب مستمرة في اليمن منذ سنوات، وكتب حينها وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، في حسابه على تويتر قائلاً: «لنا علاقات تاريخية وأسرية مع سقطرى وأهلها». لكن ما هي هذه الجزيرة، ولماذا تُعرف بأنها أغرب مكان في العالم؟ هذا ما سوف نتعرف عليه.

جزيرة سقطرى.. أين تقع؟
تقع جزيرة وأرخبيل سقطرى في الساحل الجنوبي للجزيرة العربية أمام مدينة المكلا شرق خليج عدن، حيث نقطة التقاء المحيط الهندي ببحر العرب، وكذلك إلى الشرق من القرن الإفريقي. وتبعد عن السواحل الجنوبية لليمن بنحو 350 كيلومتراً، وتتألف من أربع جزر، وواحدة من مواقع التراث العالمي.


وتعد جزيرة سقطرى أرخبيلاً يتألف من أربع جزر موجودة في بحر العرب، وهي أكبر جزر اليمن، وكانت تعتبر في الماضي جزءاً من محافظة عدن، ثم تم ضمّها إلى محافظة حضرموت في عام 2004، وذلك بسبب قربها منها مقارنة بمحافظة عدن. وفي عام 2013 أصبحت محافظة مستقلة، وأُطلق عليها اسم محافظة، وتتكون من أربع جزر، وتعتبر سقطرى أكبرها، وسمحة، وعبد الكوري، ودرسة، وتبلغ مساحتها 3796 كيلومتراً مربعاً، وعاصمتها حديبو. وسُميت في العهد الروماني دو سكريدس، أو جزيرة السعادة؛ وذلك بسبب إنتاج هذه الجزيرة للسلع المقدسة المستخدمة في العبادات، كالبخور، والند، واللبان، والمر، والصبر.

وقد تمّ تصنيف هذه الجزيرة كواحدةٍ من مواقع التراث العالمي على قائمة اليونسكو، كما تلقب بأنّها من أكثر المناطق غرابةً في العالم. ولكن يتساءل الكثيرون؛ ما هي الأسباب التي جعلت سقطرى أغرب مكان في العالم؟

أربعة عناصر صنعت اسم سقطرى
1 - الغطاء النباتي: ثلث النباتات في الجزيرة لا توجد إلّا فيها، حصراً دون غيرها، وهي من الأنواع القديمة والمعمّرة والنادرة. ويعود معظم تلك الأشجار لملايين السنين، كشجرة دم الأخوين التي تُستخدم في مجالات الكيمياء، بالإضافة لأشجار اللبان الشهيرة فيها، حيث يوجد في الجزيرة تسعة أنواعٍ منها، كما سُجل فيها وجود عشرة أنواع من النباتات من أصل ثمانية عشر نوعاً مهددةً بالانقراض، كما تنتشر فيها غابات النخيل، والأمته، وشجر إكشا، والرمان البري.

وتشتهر جزيرة سقطرى بنبتة غريبة يُطلق عليها الوردة الصحراوية، وهي عبارة عن نبتة ذات لون بني فاتح، وأزهار زهرية اللون، كما يمكن وصفها بأنها شجرة عملاقة تشبه اللفت السويدي.
2 - الحشرات: يوجد في الجزيرة العديد من الحشرات التي لا نراها إلّا فيها، كفراشات النهار وفراشات الليل، بالإضافة إلى ثمانين نوعاً من الحشرات الطائرة على اختلاف أنواعها.


3 - الأحياء البحرية والمائية: تتوافد على شواطئ الجزيرة الدلافين التي تسبح باستعراضاتٍ رائعةٍ تلفت الأنظار. وتزخر مياهها بأنواع متعددةٍ من الأسماك بديعة الأشكال والألوان، وكذلك الأحياء المائية، كالقشريات، والسرطانات، والإسفنج، حيث يوجد في هذه الجزيرة 60 نوعاً فريداً منه، وكذلك الأصداف، والشعاب المرجانية، حيث يوجد منها 352 نوعاً، بالإضافة إلى السلاحف الخضراء الضخمة المنتشرة في شواطئها.
4 - الطيور: تأوي إليها العديد من الطيور المختلفة، وهي مصنفةٌ في 291 نوعاً، ومنها صقر الحوام السقطري، وطير الجشنة، وطائر الهازجة النادر المعروف بصوته الجميل.

المعالم المُدهشة في سقطرى
ومن المعالم الموجودة في جزيرة سقطرى: الكهوف: في الجزيرة 52 مغارةً وكهفاً موزعةً في أنحاء المكان. ومن أكبر تلك المغارات مغارة (جنيبة شبهن)، التي تتميز بروعة تكويناتها الكلسيّة، وبالصواعد والنوازل، وفيها كهف (حوق أحد)، الذي يُعتبر من أغرب الكهوف في العالم، لما يحويه من نقوشٍ ورسوماتٍ وآثارٍ، تعود في تاريخها للإنسان القديم، وقد كان هذا الكهف معبداً دينياً فيما مضى، ومغارة (دي جب). وما زالت هذه الكهوف تشكل ملاذاً لسكان الجزيرة ولمواشيهم في أوقات العواصف والأعاصير. وفي سقطرى شلالات دائمة الجريان على مدار السنة، كشلال دنجن، وحالة، ومومي، التي تشكل بيئة محمياتٍ طبيعية رائعة الجمال.

تنوع بيئي.. مَقصد من روائع المنطقة
يعدّ مناخ الجزيرة استوائياً، تبلغ درجة الحرارة في السهل والساحل 38 درجة صيفاً، وفي أعالي الجبال من 25 إلى 28 درجة. والأمطار موسمية في الربيع والخريف، وفي الشتاء تتعرض الجزيرة والمنطقة البحرية بصفة خاصة لعواصف ورياح شديدة.


فيما يعتاش سكان الجزيرة على عائدات السياحة، وبيع منتجات مثل اللبان والصبر والمر والبخور، إضافة إلى أنواع مختلفة من عسل النحل، بعضها نادر جداً ولا ينتج في أي مكان آخر من العالم. ويعتمد بعض سكان بادية سقطرى على رعي المواشي (الإبل والأبقار والأغنام) بالإضافة إلى الصيد، وتشير مصادر إلى أن الصيادين في الجزيرة يمثلون ما نسبته 70 % من السكان. كما تعتبر الزراعة الصغيرة وصيد الأسماك واستخراج اللؤلؤ هي مهنة السكان الدائمين في الجزيرة.

لمحة تاريخية.. من حكم  المهرة إلى الاحتلال البريطاني
يرجع اسم «سقطرى» إلى اللغة السنسكريتية، وهو يعني «جزيرة النعيم»، وكانت هذه الجزيرة موطناً للمسيحيين لفترة طويلة جداً، لكن المعتقدات الدينية اختفت من الجزيرة في القرن السابع عشر. ووقعت سقطرى تحت حكم سلاطين المهرة في جنوب شرقي اليمن لمدة طويلة، إلى أن انتزع الاحتلال البريطاني الحكم بين الفترة من (1507 و1511).


ثم حاول البريطانيون في عام 1834 شراء الجزيرة، لكن مساعيهم باءت بالفشل، وقبل السلطان الحماية البريطانية للسلطنة بأكملها في ثمانينات القرن التاسع عشر، وانتهت السلطنة في عام 1967 عندما أصبحت سقطرى جزءاً من اليمن الجنوبي المستقل، الذي أصبح اليمن الموحد في وقت لاحق فيما بعد.
عن “عربي بوست”

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى