أخطاء منهجية تكرس التخبط الأممي في تنفيذ اتفاق السويد

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
اليوم.. لوليسغارد يلتقي ممثلي الشرعية للرد على تفاصيل «الخطة المعدلة»

 أخذت جهود الأمم المتحدة لتحقيق السلام في اليمن بُعدا شكليا، وأصبحت الأسئلة تلاحق تحرّكات المبعوث الأممي مارتن جريفيثس ورئيس لجنة المراقبين الأمميين في محافظة الحديدة الجنرال مايكل لوليسغارد، بشأن جدواها ما دامت لا تحقّق أي تقدّم يذكر صوب السلام ولا تترك أثرا ملموسا على أرض الواقع، عدا عن الهدنة الهشّة التي تكاد تنهار بفعل الخروقات الكثيرة.
مصادر حكومية يمنية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار ذكرت أن الفريق الحكومي في اللجنة وافق في آخر اجتماع باللجنة على الخطة المحدثة للجنرال الأممي وكبير المراقبين الدوليين مايكل لوليسغارد، في شأن إعادة الانتشار في المرحلة الأولى من ميناءي الصليف ورأس عيسى.

وأشارت المصادر إلى أن الاجتماع بين الفريق الحكومي ولوليسغارد كان إيجابيا لحسم كافة النواحي المتبقية في الخطة بشكل نهائي، على أن يبدأ تنفيذ عملية الانسحاب الحوثي من الميناءين خلال أسبوع من الموافقة النهائية عليه، في حين من المقرر أن يلتقي لوليسغارد ممثلي حكومة الشرعية لاستئناف مناقشة الخطة المعدلة.
ومن المتوقع أن يقدم كبير المرقبين للفريق الحكومي شرحا عن تفاصيل الخطة وطبيع السلطات الأمني التي ستتولى إدارة المدينة وميناءي الصليف ورأس عيسى، وهو ما كان ممثلو الشرعية طلبوه من لوليسغارد خلال الاجتماع الماضي.

وتقتضي الخطة الأممية لإعادة الانتشار من ميناءي رأس عيسى والصليف انسحاب القوات الحوثية من الميناءين مسافة 5 كيلومترات إلى الشرق منهما، مع عملية التأكد من نزع الألغام وتحقق الانسحاب بإشراف ثلاثي يضم الفريق الأممي وممثلي الحكومة والجماعة الحوثية في لجنة تنسيق إعادة الانتشار التي يترأسها لوليسغارد.
وفيما حذرت مصادر ميدانية في الجيش اليمني من غدر الجماعة الحوثية المتوقع ورفضها في آخر لحظة للخطة الأممية الموضوعة، قال المتحدث العسكري باسم ألوية العمالقة في الحديدة وضاح الدبيش في بيان على «فيسبوك» إن القوات المشتركة بقدر ما تمد يدها للسلام فإنها جاهزة لحسم المعركة عسكريا في حال تم تعطيل تنفيذ الاتفاق. وأوضح أن اجتماع الثلاثاء (اليوم) المرتقب بين الجنرال لوليسغارد وفريق ضباط الارتباط من جهة وفريق الحكومة من جهة سيضع اللمسات النهائية لتنفيذ الاتفاق في المرحلة الأولى من انسحاب ميليشيات الحوثي من ميناءي الصليف ورأس عيسى، وفي حين قال إن عملية الانسحاب ستكون خلال أسبوع من استكمال كافة التفاصيل وإزالة كافة الملابسات، أوضح الدبيش أن اجتماع السبت الماضي بين الفريق الحكومي ولوليسغارد ناقش «الأمور الفنية المتعلقة بعملية الانسحاب من الموانئ والسلطات الأمنية وتفعيل المراقبات في الموانئ والخطوط الأمامية ومناطق الانتشار».

وذكر أن الفريق الحكومي أبلغ لوليسغارد «بموافقة الجانب الحكومي على الخطة والاستعداد الكامل للتنفيذ، كما طلب الفريق الحكومي منه الضغط على الميليشيات الحوثية لعدم التملص من الاتفاق هذه المرة، وعدم قبول أي تبريرات حوثية للتنصل من الخطة».
وأوضح نجيب غلاب وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أن الآليات الأممية في الملف اليمني تحولت المشاورات لديها إلى غاية بحد ذاتها بصرف النظر عن النتائج النافعة للحل السياسي، مشيراً إلى أن الملف اليمني تتحكم فيه مسارات انتهازية دولية والأمم المتحدة تسير مع هذه المسارات على حد وصفه. ورأى أن إطالة الحرب أصبحت مصلحة مؤقتة لاستنزاف تحالف دعم الشرعية، ومن الواضح أن البيروقراطية الأممية تعتاش على الأزمات وتؤدي وظائف لصالح الأطراف الأكثر تأثيرا في المنظومة الدولية.

ونقلت جريدة الشرق الأوسط عن غلاب قوله «لا يمكن فهم الشرعنة التي تقوم بها لصالح حركة أصولية متطرفة تعمل كمعسكر إيراني ضد الدولة اليمنية والأمن القومي العربي وإعطائها مجالا مفتوحا لإعاقة الحل السياسي إلا وفق توظيف التمرد كأداة بل والتماهي مع أطروحات وحتى تشجيعه لا إدانته». وأضاف: «لو استمرت المفاوضات عشر سنوات قادمة لن تضع الأمم المتحدة لها مدة زمنية ولن يتم رفع سقف القرار الأممي 2216 وهو قرار تحت البند السابع والذي لم تلتزم الحوثية بأي بند من بنوده بل كل أعمالها ضد القرار وتسعى لنقضه وتسهم البعثة الأممية في ذلك». وذهب الوكيل إلى أن الدولة اليمنية كلما سعت للدفاع عن وجودها أمام التمرد والإرهاب الحوثي بإسناد التحالف، رفعت الأمم المتحدة ومن ورائها من أطراف دولية وتيرة الملف الإنساني، وفي الواقع أصبحت الحوثية ترى هذا الملف حبل نجاتها لذا تعمل يوميا على إيصاله إلى ذروته ومع إطالة الحرب وتأجيل الضغط العسكري تتسع دائرة الفوضى والخراب ويصبح الشعب ضحية لعبة انتهازية الحوثية وأداتها القذرة.

ورأى أنه لو كانت هناك مصداقية كافية لإنقاذ اليمن والوصول إلى حل سياسي لفعلت الأمم المتحدة دورها كقوة ضغط سياسية عبر مجلس الأمن لإلزام الحوثية بالتنفيذ أو السعي لتحريك البند السابع، وترك العمل العسكري للدولة اليمنية يقوم بمهامه؛ لإنجاز مهمة استعادة الدولة ولتم ضبط العمل الإنساني وتحريره من القبضة الحوثية والتي حولته بتراخٍ أممي إلى أهم مرتكزات التموين اللوجيستي لحروبها.

وفي ظل ذلك التخبّط الأممي تتواصل معاناة المدنيين من الحرب وتزداد أوضاعهم الإنسانية سوءا. ويقول منتقدو المنظمة الأممية إنّ سبب العجز الأممي عن تحريك جمود عملية السلام في اليمن، راجع في جانب منه إلى الفشل في قراءة الصراع الدائر هناك باعتباره صراعا بين سلطة شرعية معترف بها دوليا، وميليشيا منقلبة عليها.
وأشار إلى ذلك بوضوح وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش بالقول «إنّ الصراع في اليمن والمعاناة الإنسانية التي يشهدها العديد من مناطق البلاد هي نتاج مباشر للانقلاب العنيف وغير الشرعي من جانب الميليشيات الحوثية على الحكومة الشرعية في اليمن عام 2014»، مذكّرا في رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بـ «أنه بناء على طلب رسمي من الحكومة الشرعية في اليمن.. تم اتخاذ إجراء حاسم ضد ميليشيات الحوثي دعما للحكومة الشرعية، وهو الإجراء الذي تم تنفيذه وفقا للقانون الدولي»، وذلك في إشارة إلى تحالف دعم الشرعية اليمنية الذي تقوده السعودية وتشارك فيه الإمارات بشكل رئيسي.

وأرفق الوزير الإماراتي رسالته بتقييم لأوجه القصور العديدة التي شابت تقرير فريق الخبراء، وهو تقييم استغرق إعداده عدة أشهر واستند إلى دراسة متأنية وشاملة للتقرير ومنهجه ومبادئ القانون الدولي ذات الصلة، حيث توصّل التقييم إلى تجاوز الفريق لإطار ولايته في عدة جوانب، كما فشل في الوقت ذاته في تنفيذ جوانب أخرى مهمة من ولايته، منها على سبيل المثال، الفشل في نقل صورة دقيقة وموضوعية عن النزاع في اليمن وتطبيقها على مهام المراقبة والإبلاغ المكلّف بها، واتباعه منهجا معيبا، وإساءة تفسير وتطبيق مبادئ القانون الدولي، وإطلاق مزاعم غير صحيحة ضد دولة الإمارات.

وخلال شهر ديسمبر الماضي بدا أن الجهود الأممية التي يقودها الدبلوماسي البريطاني السابق مارتن جريفيثس بصدد تحقيق اختراق نوعي في الملف اليمني، من خلال التوصّل إلى إبرام اتفاق في العاصمة السويدية ستوكهولم بشأن الوضع في محافظة الحديدة ولإنجاز عملية تبادل للأسرى، غير أنّ تنفيذ أي من بنود الاتفاق لم يتم إنجازه إلى الآن، وذلك بسبب عدم التزام الحوثيين بما تمّ الاتفاق عليه، وهو أمر ترجعه أطراف يمنية إلى ما تعتبره تساهلا من قبل جريفيثس وفريقه ومرونة مبالغا فيها إزاء الميليشيا المدعومة من إيران ومعاملتها على قدم المساواة مع الحكومة الشرعية.

واتّهم المحلل العسكري اليمني يحيى أبوحاتم المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس ورئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار بالحديدة الجنرال مايكل لوليسغارد بالتماهي مع الحوثيين قائلا في تصريح لقناة العربية إنّهما يحاولان ترميم اتفاقية السويد «عن طريق الاجتماعات المتكررة وعن طريق التصريحات التي يطلع بها المبعوث الأممي بين الفينة والأخرى».
وعبّر الضابط السابق بالجيش اليمني عن استغرابه من الصمت الأممي إزاء مماطلة الحوثيين في تنفيذ ما اُتّفق عليه قائلا «يبدو أن الخيار العسكري هو ما يلوح في الأفق بشدة، فهناك تعزيزات في جماعة الحوثي داخل مدينة الحديدة وفي أطرافها، وهناك استعداد عال في وحدات الجيش اليمني».

وكانت الجماعة الحوثية -بحسب مصادر حكومية- أعاقت وصول لوليسغارد إلى منطقة «مجمع إخوان ثابت» في مناطق سيطرة الجيش اليمني للقاء الفريق الحكومي يوم الجمعة الماضي، لكنها سمحت له بالمغادرة للقائهم يوم السبت، حيث استكمل معهم النقاش حول الجوانب الفنية من الخطة المعدلة. ورغم الخروق المستمرة من قبل الجماعة لوقف إطلاق النار في مختلف جبهات الحديدة، بما فيها الأحياء الشرقية والغربية وعند الخطوط الأمامية حيث مناطق التماس، إلا أن المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيثس أشار في آخر تصريحاته إلى أن الهدنة مستمرة وأن تنفيذ الاتفاق في الحديدة يسير ببطء لكنه سيتم في النهاية.

وتسود شكوك متصاعدة في الأوساط الحكومية الرسمية حول جدية الحوثيين في الانسحاب من الحديدة وموانئها وتسليمها للشرعية، بخاصة بعد التصريحات الأخيرة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي التي زعم فيها أن «عين الشمس» أقرب من تسليم الحديدة وموانئها للشرعية. وكان الحوثي زعم في خطابه الأخير أن اتفاق السويد نص على انتشار القوات فقط مع بقاء الأوضاع في الحديدة وموانئها تحت سيطرة جماعته في صنعاء إداريا وأمنيا مع وجود إشراف أممي، وهو الأمر الذي ترفضه الشرعية بشكل قطعي لجهة أنه يتعارض مع جوهر اتفاق السويد الذي نص تنفيذ اتفاق الحديدة بما يتسق مع القانون اليمني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى