بائع الليمون.. معلم في حالمين مثالاً للواقع المؤلم

> تقرير/ صبري عسكر

>
معلمون دفعتهم الظروف المعيشية للعمل في مهن أخرى

تسببت الظروف المادية الصعبة للمعلم، وضعف الراتب الذي يتحصل عليه، وحرمانه من حقوقه من قبل الحكومات المتعاقبة، في تأزيم وضعه المادي والمعيشي، وأجبرته إلى اللجوء لأعمال ومهن بعيدة عن تخصصه.
وبات المعلم في المحافظات الجنوبية اليوم يشكو الكثير من المشاكل، في الوقت الذي يعد فيه المعلم حجر الزاوية والمحور الرئيسي للعملية التعليمية وصناعة التغيير والتطوير، لِما لمهنة المعلم من أهمية خاصة في بناء المجتمع وتنشئة الأجيال وتسليحهم بالعلم والمعرفة، وبالعمل تسموا المجتمعات وتتطور  اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وسلوكياً وغيرها، ولهذا تجد الكثير من شعوب العالم تعطي المعلم والتعليم الاهتمام الأبرز، وتصل مميزات المعلم إلى بمستوى السؤولين الكبار في حكوماتها، غير أن الواقع المعاش للمعلم في الجنوب أصبح من ضمن الشرائح المجتمع الأكثر فقراً وإهمالاً من قبل الدولة، فما يتقاضاه من مرتب شهري بات لا يكفي لتوفير أبسط متطلبات الحياة، فضلاً عن إيجار المسكن وما إلى ذلك. ولهذا تضطر نسبة كبيرة من المعلمين للبحث عن أعمال ومهن أخرى إلى جانب مهنة التدريس كي يتمكنوا من توفير لقمة العيش لهم و لأفراد أسرهم.

عمل إجباري
المعلم نائف مثنى علي الجعشاني، أحد أبناء مديرية حالمين بمحافظة لحج، يعد مثالاً ونموذجاً لمعاناة المعلمين الذين حرموا من أبسط الحقوق المشروعة من قِبل كل الحكومات المتعاقبة، معاناة كان من أبرز تداعياتها السلبية ضعف في الأداء التعليمي.
وهي قضية تتطلب من الحكومة سرعة معالجتها والعمل على إنقاذ المعلم من الفقر المدقع، والذي يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، بسبب الغلاء الفاحش والارتفاع الجنوني في المواد الغذائية والاستهلاكية وغيرها من مستلزمات المعيشة.
مديرية حالمين، محافظة لحج
مديرية حالمين، محافظة لحج

المعلم الجعشاني، يسكن منطقة الضباب حبيل الريدة مديرية حالمين، واحد من المعلمين الذين ضاق بهم الحال فلجؤوا إلى البحث عن مصدر رزق آخر يعينهم في الحصول على لقمة عيش كريمة لأفراد أسرهم، فوجد الجعشاني من “بيع الليمون” مهنة للاسترزاق، وإن كانت غير رابحة بما يكفي، لكن كما يقال “لئن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام”، ولهذا دائماً ما نجد المعلم الجعشاني، وهو حاملاً بضاعته على ظهره ومتجولاً بها في سوق المدينة كل يوم، في مشهد عميق يحمل دلالات ورسائل كثيرة عن مأساة المعلم والشعب الجنوبي ككل من ظروف قاسية أنهكت الشعب، وهذا التربوي الذي يكابد معاناة التجوّل في سبيل البحث عن الرزق الحلال، متسلحاً بالصبر وآملاً في انفراجة قريبة لتحسين وضعه وتمكينه من حقوقه التي طال انتظارها.

واقع مؤلم أفقد المعلم المغلوب على أمره توازنه، فوجد نفسه أمام معركة معيشية صعبة خالي اليدين فارغ الجيب، يصارع الحياة من أجل لقمة العيش في بلد لا يحترم قيمة العلم والمعلم المقدسة، ولم تعد تلك الشهائد والتحصيل العلمي يجد بها نفعاً سوى معلومات على أوراق حكومية.
 المعلم الجعشاني ليس الوحيد من أجبرته الظروف المعيشية والمادية الصعبة إلى البحث عن مصدر رزق آخر لتحسين وضعة المعيشي، بل هناك من أمثاله الكثير إن لم يكن معظم من ينتمون لهذه المهنة المقدسة.

العمل خارج التخصص
 كما أضطر الكثيرون من حملة الشهادات الجامعية (بكالوريوس، ماجستير، ودكتوراه) إلى العمل في مهن بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم، فهناك من يعمل في أعمال يومية كالبناء والحِمالة والزراعة أو في محال تجارية، كالبقالات والبوفيهات وغيرها، بعد أن حُرموا من الوظائف الحكومية والتي أصبحت هي الأخرى، لا ينالها إلا من يملك وساطة أو بالمحسوبية والمحاصصة.
من يمر على شوارع هذه المديرية أو مديريات المحافظة الأخرى أو المحافظات الجنوبية بشكل عام، سيرى كثيراً من أمثال هذا المعلم، وكل واحد منهم يحمل في جوفه معاناة متعددة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى