«ألعاب أهل أول» في معرض خاص بعدن

> تقرير/ فردوس العلمي

> حضورك لمهرجان معرض عدن الرابع، كمن يعتلى آلة الزمن ليعود إلى عهد الستينات والسبعينات من القرن الماضي، أطلّع أطفال اليوم من خلاله على أبرز الألعاب التي سادت في تلك الفترة الزمنية، وكيف كان يقضي آباؤهم ومن سبقهم أوقات فراغهم ومرحهم وأوقاتهم السعيدة، المشبعة بالمتعة والهدوء الخالي من التوتر والخوف وغيره.
وشهد المعرض، الذي أقيمت فعالياته بعدد من المواقع في مدينة كريتر بمديرية صيرة بالعاصمة عدن، وأبرزها ساحة السيلة بمنطقة الرُزمت، رسومات للعديد من الألعاب على الأرض في لوحات فنية تجسد تلك الألعاب القديمة، كما استطاع معرض الصور في منارة عدن الأثرية والتاريخية، برغم شحة الإمكانات والدعم، تحقيق نجاح وحضور كبير نتيجة لتعاون ودعم أهالي وأبناء العاصمة، واستمتع الأطفال ومن قلبهم كبار السن خلال 8 أيام، وهم يسترجعون ذكريات جزء من حياة مضت من أعمالهم، فيما عاش الأطفال متعة الألعاب القديمة، والتي حُرموا منها في وقتنا الحاضر.


عشرات الألعاب
“الأيام” حضرت فعاليات معرض عدن الرابع، الذي حمل عنوان: “ألعاب أهل أول” رصد المعرض منها أكثر من 40 لعبة، كما تضمن العديد من الأعمال، من لوحات فنية وألعاب عكست الموروث الشعبي والثقافي، والشواهد التاريخية التي تجسدت في ذاكرة أبناء مدينة كريتر، والمترسخ في رقي سلوكهم المدني وسماحة أخلاقهم الحميدة والتعاون والمنافسة الشريفة.
تشد المرء الدهشة في فعاليات “ألعاب أهل أول”، وهو يشاهد الأطفال وهم ينتقلون من لعبة إلى أخرى بفرح طفولي، ويسألون عن طريقة لعبها وقوانينها، مع ترديد بعض أغاني الألعاب كـ “من كُبّته طيّار طيّار، بعد العشاء والنار، ودرهناه زيطي ميطي..”، يرددونها بصوت فرائحي وهم يمارسونها، ويأسرك الفرح المرسوم على وجوه الكبار وهم يسترجعون ذكريات طفولتهم، وتشاهد عيون البعض منهم عندما ينظرون إلى أبنائهم وأحفادهم وهم يلعبون ما كانوا يلعبونه في طفولتهم التي أضحت ذكريات.

والتقت “الأيام”، على هامش المعرض، ببعض الأطفال لرصد انطباعهم ومعرفة شعورهم وهم يمارسون ألعاب لعبها أجدادهم وأباهم قبلهم، ويشاهدون صوراً ولوحات تعبيرية جسدت ذلك الزمن الجميل.
الطفلة سماح عيظة علّقت عن انطباعها بالقول: “معرض “ألعاب أهل أول” حلو وفيه ألعاب كثيرة ممتعة ومفيدة، لكننا لا نستطيع أن نلعبها لعدم توفر المساحة الآمنة، فحينما كنا في حضرموت كان معنا حوش كبير نأخذ راحتنا بالعب فيه، بدون خوف وقلق، نلعب “الشبدلو” والألعاب الأخرى، وهنا في عدن، لا نستطيع اللعب لأسباب كثيرة أهمها خوف أسرنا علينا، لهذا تجبرنا أمي بالبقاء في البيت لقراءة الكتب وقصص الأطفال، لتبعدنا عن ألعاب الجوالات والآيباد، لأنها تبلد العقل وتضعف النظر”.
أطفال وقفوا منبهرين أمام صور بعض الألعاب
أطفال وقفوا منبهرين أمام صور بعض الألعاب

وعن أفضل لبعة شدتها تقول: “أحببت لعبة “الشبدلو” والجري لأن فيها متعة كبيرة وتركيز ومنافسة على الفوز، وتجمّع الكثير من الأطفال مع بعض لتقاسم اللعب، ولكن هنا في عدن لا نستطيع أن نلعب، فالشوارع أصبحت ضيقة والسيارات زاد عددها”.
وتشاطرها الرأي الطفلة فاطمة جميل بدر، في الصف السابع فتقول: “فعلاً السيارات كثرت وهذا يحرمنا متعة اللعب بأريحية كما كان في أيام أبائنا وأجدادنا، لقلة أعداد السيارات، وكبر المساحات الخاصة باللعب، وحالياً بسبب الزحمة أصبحنا محرومين حتى من اللعب على الرصيف، لوقوف السيارات فيه، وكذا الأحواش التي استحدثها أصحاب الدور الأرضي أمام أبواب منازلهم”.

وعن ألعاب الآباء قالت: “ممتعة وتشغل العقل وتنشر روح المنافسة بين الأطفال بود ومحبه، بعكس الألعاب الإلكترونية التي اتجه إليها الأطفال لغياب المساحات الأمنية، على الرغم من أن لها من السلبيات الكثير أبرزها؛ قطع عملية التواصل بين الأطفال وأسرهم”.
شعار المعرض في نسخته الرابعة
شعار المعرض في نسخته الرابعة


غياب المساحات الآمنة
وقال الطفل عمر مسلم (6 أعوام): “أنا اليوم فرحان لأننا جلست ألعب بعيد عن السيارات في ساحة السيلة والمنارة، لعبة من كُبّتة طيّار، وما كنت أعرف كيف تُلعب، ولما خسرت قام أصحابي يضربوني، وهربت عشان ما يضربونني، ولكنهم جرو بعدي، ولعبت “فتاتير” وجرى، ولكن ما أقدر ألعب بالحافة، ماما ما تخلينا أنزل لأنه تخاف عليّ من السيارات، ولما أنزل أروح لـ “البلياردو” أشوف العيال الكبار يلعبوا وما يخلونا ألعب لأني صغير، وطلبت من أمي تشتري لي بلياردو صغير، واليوم شفت المعرض حلو عجبونا فيه الصور وأغنياته، ولعبت في المنارة، وإن شاء الله كل يوم نلعب هنا”.
لعبة التحدي
لعبة التحدي

الطفلة رشيدة حمدي ( 13عام ) قالت: “المعرض عبارة عن رحلة تأخذك إلى عالم بعيد عن التطور التكنولوجي الحاضر، هو عبارة عن مجموعة من الألعاب التي دفنت مع مرور الوقت، بعد أن كان آباؤنا يمارسونها بشكل دائم أثناء طفولتهم، بكل حب ووئام، فهي لم تكن ألعاب للتسلية فقط، بقدر ما كانت تحتوي على الكثير من روح التعاون والتواصل والصبر، وفي هذا المعرض وجدنا أيضاً العديد من النشاطات والتي لم تعد في قائمه الحاضر التي استولت مكانها الهواتف والآيباد”. أما الطفل محمد حسين (10 أعوام) فقال: “اليوم عرفت أسماء ألعاب كثيرة ما كنت أعرفها من قبل ولم ألعبها، وإن شاء الله بحاول ألعبها مع عيال الحافة مع إنه ما فيها مساحة للعب”.

وأشاد الكثير من المواطنين بالمعرض، مؤكدين أن ما تناوله في نسخته “الرابعة” جزءاً لا يتجزأ من هوية عدن، والتي يُعد الحفاظ عليها واجب أخلاقي ومجتمعي.
وأوضحوا في أحاديث لـ “الأيام” أن هذه الألعاب تشمل نواحي كثيرة منها تنافسية تعاونية، وتساعد على تعليم الأطفال بالالتزام بقوانين اللعبة واحترم القرارات الجماعية للفريق، وبعضها ذات أبعاد نفسية وسلوكية واجتماعية لها نتائج إيجابية على نفسياتهم.

وتضمن المعرض إقامة ندوات ثقافية ناقشت الهوية العدنية وكيفية الحفاظ عليها، كما خرجت هذه الندوات والتي اتسمت بالنقاش الجاد بعدد من التوصيات، أهمها؛ إدراج هذا الموروث الشعبي ضمن الأنشطة المدرسية، وإيجاد مساحات آمنة للأطفال، واختتم المعرض بتوزيع شهادات التكريم على فريق العمل وكل من ساهم في إبراز المعرض ونجاحه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى