> ماجد الشعيبي
للمرة الأولى يستمع العالم إلى الجنوب باعتباره فاعلاً مستقلاً، لا باعتباره ضحية مهمشة.. صحيح أن الزبيدي لم ينتزع من مضيفيه اعترافاً صريحاً بكيانه السياسي كممثل حصري عن الجنوب.. وصحيح أن موسكو ولندن، رغم حفاوة استقبالهما، لم تغيرا خطابهما الرسمي المتمسك بوحدة اليمن.. إلا أن المجلس الانتقالي بات يحظى بدائرة واسعة من العلاقات الديبلوماسية التي تتجاوز الإقليم إلى عموم العالم، وما يبدأ اليوم بالتعارف ينتهي غداً بالاعتراف.
جولة الزبيدي الدبلوماسية لا تكتسب أهميتها السياسية من نتائجها المباشرة أو دلالاتها الرمزية، فالعالم لا يرجح أحداً على أحد، وإنما يقيس ويختبر البدائل الجاهزة لملء الفراغ داخل أي أزمة.
وبالمثل تحاول نخبة الانتقالي ممارسة السياسة بعيداً عن الانعزالية أو الأنانية المفرطة، بعد أن تيقنت من التجارب الحية عقب التحرير أن الشمال لا يمكن أن يظل عدواً أيديولوجيا أبدياً. وهو اليوم بحكم التغير الجذري في موازين القوى قد أصبح مجالاً حيوياً مكشوفاً يمكن للحركة الجنوبية التفاعل معه استباقياً بغية تشكيله على غرار تجربة «الاشتراكي-الجبهة الوطنية».
وفي 2018 قالت المقاومة الجنوبية إنها ستدعم وتسلح المقاومة الشعبية في الشمال، متجاوزة خصومة الأمس السياسية، إذ يبدو الخطر الوجودي مشتركاً في أقصى الشمال.
بحكم قواعد السياسة فإن من يمتلك فائض القوة يكون مؤهلاً لتوسيع نفوذه الجيوسياسي، واستدامة هذا النفوذ يتطلب مزيجاً من القوى الناعمة والخشنة؛ بحيث يترافق مسار التحرير العسكري مع بناء مشروعية أخلاقية تصنع بدورها توازناً مرضياً للمصالح إلى جانب توازن القوى.
وهذا هو الامتحان الأبرز في وجه المجلس الانتقالي، وهو امتحان يبدو الزبيدي مؤهلاً لإنجازه بجدارة، فكل ما يحتاجه هو تحويل استراتيجية الانفتاح الجيوسياسي إلى خطاب سياسي تصالحي؛ يسحب البساط شمالاً من تحت أقدام الحوثي والإصلاح، ويزخم حلفاءنا السياسيين الرسميين أو الضمنيين، لاسيما، في تعز التي تشهد حراكاً سياسياً وشعبياً غير مسبوق.
يستطيع الانتقالي تغيير القناعات الدولية تجاه الأزمة اليمنية، ويستطيع صياغة التحالفات اليمنية بشكل غير مسبوق، يضغط من خلاله على مراكز القوى الشمالية المعادية للاستحقاقات الجنوبية (حزب الإصلاح وحركة الحوثي)، ويساند القوى المدنية الديمقراطية التي تعترف بحقنا كجنوبيين في تقرير المصير بمسألة الوحدة، مقابل أن نساعدها بتقرير مصيرها السياسي شمالاً ضد ذات القوى المتغلبة.
- حوار جنوبي جنوبي، بين مكونات الحركة الجنوبية.
- حوار بين الشرعية والانتقالي، أو جنوبي السلطة وجنوبي المعارضة.
- وحوار بين الانتقالي والقوى السياسية الحليفة في الشمال (اشتراكي، ناصري، مؤتمر)، ويمكن للاشتراكي أن يكون همزة الوصل بحكم نفوذه في الجهتين.
- وحوار بين الانتقالي وعواصم الإقليم والعالم، وقد نجح في ذلك إلى حد كبير، ويبقى أن يحضر في واشنطن والرياض.