هادي والإصلاح بين إيقاف حرب الحديدة ولعبة سيئون

> فارس جميل

> ما هي الأهمية الفعلية لبرلمان مشتّت يتم حشده من المنافي، بينما عجز عن أداء دوره الدستوري وما زال مكتملاً وموحد الهيئات وبكتل برلمانية متعددة ومتنوعة وفي قلب العاصمة؟
ولنفترض أنه مهم ومحوري في المرحلة الراهنة، فلماذا تأخر في عقد جلسة واحدة منذ 2015 حتى اليوم، ولماذا تخلف عن الحضور كثير من الأعضاء في الخارج؟

لماذا ترك الفرصة لجماعة الحوثيين لإجراء انتخابات (تكميلية) في مناطق سيطرتها، بغض النظر عن قانونيتها ومخرجاتها وعبثيتها وشكليتها، لكنها خطوة متقدمة على الشرعية وبرلمانها اليوم؟
ألم يكن تنظيم عقد هذه الجلسة البرلمانية محل جدل منذ سنوات ولم ينجح بقدر ما أحدث شروخاً في جدار القوى المناهضة للحوثيين، من المجلس الانتقالي وموقفه في عدن، إلى الاعتراضات المتوالية على عقد جلسة سيئون؟

هل التباينات بين أعضاء البرلمان من حزب المؤتمر نفسه في موقفهم من جلسة سيئون تخدم المؤتمر كحزب كصاحب الكتلة البرلمانية الأكبر، أو القوى الموالية للشرعية كتكتل يفترض أن تظهر كجبهة موحدة وقوية وحقيقية؟
هل رفضُ أعضاء من الإصلاح والمؤتمر حضور الجلسة يخدم صف الشرعية الذي يدعون دائماً للحفاظ عليه من التصدع، وهو ممتلئ بالتصدعات دون أية عملية ترميم جادة حتى اليوم؟

هل موقف أعضاء جنوبيين وحضارم من الجلسة يخدم ما بقي من خيوط التقاء بين هؤلاء وشرعية هادي؟
كم هي النفقات التي كلفت التحالف والشرعية لعقد هذه الجلسة، التي سبقتها قوات سعودية ومنظومات صواريخ باتريوت، وما نتيجتها على القضية الوطنية الأبرز اليوم وهي مواجهة جماعة الحوثيين؟

هل مجرد عقد جلسة برلمانية وتشكيل هيئة رئاسة للبرلمان الافتراضي تستدعي كل هذه الإجراءات والجهود والمناكفات؟
اختيار سيئون كمكان لعقد هذه الجلسة جاء نتيجة الاضطرار ولم يكن خياراً مطروحاً حتى قبل أسابيع، ألا يعكس حالة ضعف وتشتت الشرعية وعدم قدرتها على السيطرة على الأراضي التي لا تخضع للحوثيين، لتنزوي في مدينة صغيرة وبعيدة كسيئون، وتترك عدن ومأرب والمكلا كمراكز أكبر؟

(2)
بالنظر أبعد من البرلمان وجلسته، لماذا توقفت معركة الحديدة حتى اليوم؟
ألم تكن الحديدة لو تم تحريرها كفيلة بقلب الطاولة على رؤوس الحوثيين، واستقطاب من تبقى من أعضاء البرلمان بصنعاء؟

ألم تكن لتشكل حاضنة للقوى المناهضة للحوثيين دون مناكفات وإحياء لنزاعات وثارات وقضايا محل خلاف منذ سنوات كالقضية الجنوبية؟
ألم تكن الجلسة لو عقدت هناك تعكس انتصاراً ملموساً على الأرض، بدلاً من أن تعكس ضعف وهشاشة الشرعية في المناطق الأخرى؟

لماذا يتم تكريس صورة الفاشل عند الحديث عن الشرعية منذ بداية الصراع؟
ما زالت الحديدة مستباحة للحوثي، يقطع عنها خدمة الإنترنت مع كل عملية إجرامية ينفذها هناك، ويريد إخفاءها عن عيون العالم، فأين ذهب قرار هادي بنقل مؤسسة الاتصالات إلى عدن مثلاً؟
لماذا يتم تحطيم معنويات وإهدار طاقات آلاف المقاتلين الصادقين في الساحل الغربي، كانوا على وشك استعادة الحديدة، مدينة وميناء، من فم الطاهش الحوثي؟

(3)
كل يوم تظهر فيه تباينات وصراعات القوى المناهضة للحوثيين بشكل أكبر، فلماذا وعلى ماذا يتصارعون ورقابهم ورقاب دولتهم ما زالت في قبضة الحوثيين؟
ألم يتفرغ الإخوان للنيل من شركائهم في تعز، ويسخرون آلتهم الإعلامية للنيل من السلفيين والناصريين والمجلس الانتقالي، والمؤتمريين، وحتى من صحفي صاحب رأي كنبيل الصوفي، أو نبيل الأسيدي؟!

هل موقفهم من الحوثيين أوضح عداء من عدائهم لشركائهم، بينما تقول توكل كرمان إن تحالف الإصلاح مع الحوثيين كفيل بأن تدين لهم جزيرة العرب؟
لماذا يصر الإصلاح على أن يخسر الجميع، وهل يظن أنه سيكسب الحوثيين بالمقابل مثلاً؟

هل الدفاع عن مجموعة من القتلة وأصحاب السوابق والمطلوبين أمنياً بتعز يجعل الإصلاح أقوى موقفاً، أو أوسع حضوراً، أو أكثر قبولاً في تعز مثلاً؟
ألا يعلم الإخوان وشركاؤهم أن كل خلافاتهم في المحصلة تصب في مصلحة الحوثيين، وتعزز قبضتهم في مناطقهم، ويمزق حضور هؤلاء في المناطق التي تحررت من جور الحوثي لتكتوي بنيران وأطماع الإصلاح؟
هل يريد الإخوان استلام نصيبهم من كعكة هذا البلد قبل أن يقوموا بتحريرها من المغتصب أولاً؟

(4)
كلما استمر تفكك القوى المناهضة للحوثيين تفككت البلاد، وتعززت قبضة الحوثيين، وتصاعدت أصوات المناطقية والإقصاء والمحاصصة، وخفت أمل اليمنيين في استعادة دولتهم، فمن يخدم هذا؟
هل يستطيع البرلمان تجريم تصارع الشركاء المناهضين للحوثيين لنقول إن عقد جلسته في سيئون تستحق كل هذا؟!

هل يستطيع فرض معركة تحرير الحديدة على هادي وشركائه المحليين، ودون إثارة مخاوف شركائهم في التحالف؟!
استمرار العبث عبث أكبر، ويبدو أن الأمل يتلاشى كل يوم، ما لم تحدث معجزة في سيئون تجعلنا نقول: نحن على خطأ، وهادي والإصلاح على حق، فهل يحدث هذا؟!
يصنع الحوثيون من الحبة قبة، ويصنع الشرعيون من القبة حبة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى